الموضوع: حالة انتحار
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-01-20, 07:19 PM   #1
الشيخ حكيم

الصورة الرمزية الشيخ حكيم
!حفظه الله ورعاه!

آخر زيارة »  04-17-22 (08:45 PM)
المكان »  الأردن
الهوايه »  لا شيء مهم..

 الأوسمة و جوائز

Icon N25 حالة انتحار



ذاك الرجل الواقف على الطلل ينظر في القاع إلى آخر لحظاتٍ من عمره.. تمنّى أنه شيخ ورع بثوب قصير كي لا يقفز قفزته الأخيرة ويموت.. لكنه شريكٌ مذنبٌ للحياة.
يضع يديه على رأسه فيقترب خطوة، فخطوتين، ويُغمِض عينيه ويتخيل نفسه يطير في الهواء، وفي تلك النقطة التي يكاد أن يصل فيها إلى مثواه الأخير يدعو الله أن تنتشله يد القدر فيسقط في الفراغ بدون الم.

ذاك الرجل الواقف على الطلل يصحو من حلمه ويبتسم ابتسامة المنتصر " للآن أنا على قيد الحياة، للآن لم انتحر"، فيأخذ شهيقاً ويتبعه بزفير وينظر خلفه لعل قطعة من الحياة تركض إليه فلا يجد، استفزه كل هذا الصمت، استفزه أن لا أحد يلحق به ليبكي بين يديه في لحظاته الأخيرة، ليعانقه عناق مسافر، فأغمض عينيه من جديد وعندما كاد أن يقفز تخيل أنه سقط فأمسكته حورية بحر تشكلّت على هيئة حبيبته الراحلة، أمسكته وأمعنت النظر فيه وبكَت عليه " حبيبي ماذا صنعت بك الحياة من بعدي؟" عانقته بشدة حتى كاد ان يسمع صوت عظامه.. فاستيقظ.

الرجل الواقف على الطلل جسمه يرتجف ويتصببُ عرقاً وقدماه ما عادت تحملانه، يتمتم بشفاه متلعثمة " أين ذهبَت؟ أين رَحَلَت؟ تُرى لو أقفز الآن هل حقاً ستلتقطني؟" يا لخيبة الأمل حينما نشعر أننا نمتلك أشياءً قد يحرمنا إياها -فجأة وبعد فوات الأوان- شيء واحد.. لعله الموت أو الحياة!
قرر أن يقفز بدون أن يغمض عينيه، أن يسلّم نفسه للريح فتضعه حيثما تشاء، لعله يسقط على صخرة فيموت، أو قد تكون بانتظاره فتلتقطه تلك الحورية - حبيبته- مرة أخرى، وقبل أن يمشي خطوته الأخيرة إلى الحافة تعثرت قدمه فوقع.

الرجل الذي كان يقفُ على الطلل لم تسعفه المفاجأة في أن يفكر بشيء، صرخ بصوتٍ عالٍ لحظة تعثره ووقوعه، وحينما كان القاع يجذبه إليه حاول أن يستجمع بعض الصور التي في مخيلته لعلها تنقذه في رحلة حياته القادمة او موته القادم، أبوه، والدته، لكنه راهن على أن تنقذه حبيبته، تلك الحورية حبيبته.. فينظر إلى الأسفل لعله يراها وهي تتهيأ لالتقاطه..
الرجل الذي كان يقف على الطلل يكاد أن يصل القاع.. ينتظر حياةً أو موتاً على مضض.

فُـرات الحكيم... حفظه رب العرش العظيم


 

التعديل الأخير تم بواسطة عطاء دائم ; 07-01-20 الساعة 08:18 PM