عرض مشاركة واحدة
قديم 08-01-20, 08:59 AM   #9
عطاء دائم

الصورة الرمزية عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (01:52 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي





حكاية_العهد_الجديد

(٨/١٠)
أول أيام التشريق

قضينا في منى أول أيام التشريق، وما أجمله من يوم..
لما حل الصباح استيقظنا وغادرت معظم النساء إلى الفندق وبقيت أنا مع نسوة، تارة نتعبد، تارة نتبادل ود الحديث، وتمر علينا الواعظات يقدمن أزكى أنفاسهن من عبق الحديث الإيماني..
ولما جاء العصر، استعددنا للسير إلى الجمرات، لقد كنت متحمسة لهذه الرحلة، ولم أكن أدري أنها اختبار شديد ودروس عميقة نستفيدها ..
لقد وجدت في هذه الرحلة أشق ما أجد.. فكأنما هي رحلة في صهر الذنوب ..
كان قد اشتد علي المرض، والزحام والحر كانا يزيدان علي صعوبة التحمل..

الشمس تلفح وجوهنا والعرق يتصبب صباً..كنت ونحن ننتظر دورنا في ركوب القطار أشعر أني أكاد أسقط من شدة التعب، حتى أقول في نفسي متى ينتهي هذا اليوم وأطلب من زوجي أن نتعجل فلا نرمي اليوم الثالث..

لقد شعرت بالتعب حتى تخاطر في نفسي، متى ننتهي؟ لقد توقعت أن الرمي أيسر شيء.. ألهذا كتب الحج مرة في العمر وهل تراني بعد هذا كله أقدم على الحج من جديد؟ ولم أكن أجد إجابة في نفسي إلا زجرها ودحر شيطانها، بل سأحج من جديد..ودعوت يا رب أكتب لي الحج كل عام..

لقد كان مشهد الناس في الجمرات من أعظم المشاهد، كل هؤلاء قطعوا وبذلوا الجهد وتعرضوا للمشقة لتلبية ما افترضه الله، أصواتهم وهم يكبرون، ثم وقوفهم للدعاء..

لقد كان مشهداً يستحق أن تقف عليه من كل الزوايا إلا أنني بسبب المرض لم أستطع دفع رغبة سرعة العودة إلى منى.

انهينا الرمي، وسرنا نحو محطة القطار، لا أنسى مشهدنا مع الناس نسير أفواجاً، زرافات ووحدانا ! يا الله تذكرت لما تفتح لنا أبواب الجنة ويقال لنا أدخلوها بسلام آمنين..
ندخلها من بعد نصب الدنيا وهمها وجهادنا في تطهير أنفسنا، لننعم فيها {سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}

عدنا إلى منى، وطلبت الحملة منا أن نسجل أسماءنا إن لم نكن نرغب بالتعجل، فالحملة ستتعجل..

كنت انتظر من زوجي اتصالاً حتى نناقش الموضوع من جديد، فقد كنا اتفقنا على عدم التعجل، أما الآن فأنا مريضة..
ولكنه فاجأني برسالة اتخذ فيها القرار..

“سجلت أننا لن نتعجل، شدي حيلك واصبري”

لم أناقشه في القرار، فقد استشعرت أنه لطف من رب العالمين.

يتبع