عرض مشاركة واحدة
قديم 08-04-20, 08:27 AM   #11
عطاء دائم

الصورة الرمزية عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (08:31 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي





حكاية_العهد_الجديد

(١٠/١٠)
الثالث عشر من ذي الحجة

ليلة الثالث عشر من ذي الحجة، توجهت إلى منى في وقت متأخر، فوجدت المنظمين قد أخلوا خيامنا وجمعونا على اختلاف حملاتنا في خيام قريبة من بعض.
أعطتني المشرفة الحرية في اختيار أي خيمة أدخلها، فدخلت أول خيمة رأيتها، وكان الظلام فيها شديداً تسللت بهدوء أحاول عدم إزعاج النائمين، ونمت فوراً..
في الصباح، فتحت عيني أتفحص من معي في الخيمة، وجوه جديدة، رحبت بي ودعتني إلى تناول الفطور معها..جلست إليهن ثم وصلتني رسالة من زوجي:“ أم صديقي محمد معكم غير متعجلة، ابحثي عنها وتعرفي عليها..كنيتها أم سعيد”

شعرت بأن طلب زوجي تعجيزي، فكيف لي أن أعثر على امرأة من بين الكثير من النساء، هل يعقل أن أدخل خيمة خيمة أسأل: “هل بينكن أم سعيد؟” على الأقل لو أعرف اسم حملتها، فكرت وتخيلت، ماذا لو جمعتني بهذه المرأة صدفة؟ مثلا تكون معي حالياً في هذه الخيمة؟ أخذت أقلب النظر في الوجوه واتفحص،
“لا، ليست السيدة التي دعتني لتناول الفطور، ولا أظنها أبداً من تلك المجموعة التي ما تزال نائمة..”
وفجأة تذكرت.. أليس هو ذات الاسم الذي نُقِش في قلبي البارحة .! تلك السيدة…..
راسلت زوجي فوراً بالمعلومات التي عندي حول المرأة، لهجة كلامها، من يحج معها..فكانت الإجابة: “نعم هي..”
لامستني مشاعر من فاز في لعبة أو حل لغزاً حتى إني لم أشعر بنفسي وأنا ألملم أغراضي وأخرج في الممر أتلفت يمنة ويسرة لعلي ألمح صحبة الأمس، وفعلا لمحت إحداهن من بعيد، دخلت خيمتهن فاستقبلوني بالترحيب الحار: “ابنتنا.. أين أنت كنا نبحث عنكِ..” شعرت بالخجل من هذا الترحيب، سلمت عليهن، وجلست ثم وجهت السؤال لأم سعيد..
“يا خالة، هل أنت أم محمد الفلاني؟” وشعرت بالذهول وربما الخوف أن أصاب ابنها مكروه لأني لم أناديها باسمها المعروف..
قلت لها أنا زوجة صديقه، عرفتني وأخذتني بالأحضان وشرعت تسأل عن حال زوجي وأهله، والنساء من حولنا في ذهول، فأخبرتهم أن هذا لطف من رب العالمين، فاللطيف سبحانه دبر كل هذا ونحن لا نشعر، وهذا ليس أول لطف منه في هذه الرحلة..

قضينا الوقت معاً في السمر، وإعداد وجبات لإطعام الحجيج، ثم حضرنا معاً خاطرة إيمانية تلقيها إحدى الواعظات..ثم انطلقنا لرمي الجمرات..

كان كل شيء هذا اليوم يدعو للتأمل، فقد تعجل أكثر الحجيج، وصارت معالم المناسك واضحة بل إن القطار فارغ إلا منا..
تأملت مخيمات منى، كم هي كبيرة..مدينة كبيرة، عمرت بالحياة أياماً معدودة واليوم ستعود مهجورة..
انتهينا من الرمي والقلب يتفطر يتمنى لو زادت أيامه، يتمنى أن يعيش هنا أكثر..

ولم يتبق من رحلتنا هذه سوى طواف الوداع، طفنا نستغفر وندعوا بالقبول، وختمنا الطواف بركعتين كان فيهما نحيب طويل..