الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-17-20, 07:13 AM   #60
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (08:22 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 52 »

السيرة النبوية العطرة (( الاستهزاء بدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - ))

__________

الآن نحن دخلنا في عامنا الرابع من البعثة ، ثلاثة أعوام كانت الدعوة السرية ، هذا العام الرابع كان مليئاً بالأحداث ، ففيه تعرض الحبيب - صلى الله عليه وسلم - للاستهزاء ، وتعرض فيه ضعفاء المسلمين للتعذيب البشع حتى قُتل البعض من شدة التعذيب .

والرسول - صلى الله عليه وسلم – أخذ يتعرض في قريش لحملات تشويه وتكذيب، حتى قالوا عنه إنه مجنون وإنه ساحر وإنه كاهن وإنه شاعر، وقريش لا تعطي الفرصة لأحد حتى يستمع إلى القرآن ، ولا تعطي فرصة للرسول حتى يتحدث إلى أحد ، وفي خارج مكة أصبحت الأخبار تصل إلى القبائل أن مكة فيها {{ ساحر عظيم }} .
و رأينا كيف كان أبو لهب يلحق بالنبي – صلى الله عليه وسلم – و يشوّش عليه كلامه لينفر الناس منه ، حتى كان عمر بن الخطاب الذي تخافه الناس [[ وكان لا يزال على الكفر ]] كان يمشي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وينهى الناس عن التحدث إلى رسول الله صلى عليه وسلم ، فلا يجرؤ أحد أن يتحدث أو يستمع إلى حديث الرسول ، وكان إذا قرأ القرآن – صلى الله عليه وسلم - يصفرون ،ويصفقون ، ويصرخون لكي لا يسمعه أحد .

ورغم كل هذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبذل كل جهده ، ولا يتوقف لحظة واحدة ، كان يدعو قريشا ، ويدعو من يأتي إلى مكة من خارج قريش أيضا ، وكان في حماية عمه أبي طالب شيخ مكة . واهتم القرآن المكي [[ أي الآيات التي نزلت في مكة قبل الهجرة ]] بذكر قصص الأنبياء والأمم السابقة ، لتثبيت قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعوته إلى الصبر وتحمل أذى المشركين .

[[ نصيحتي لك يا قارئ السيرة : تذوق حلاوة الإيمان ، واجلس في غرفة واستمع إلى {{ سورة هود }} اغمض عينيك واستشعر نفسك تجلس مع الصحابة في دار الارقم مع رسول الله وكأنك تسمعها منه، وكيف كان الله يصبرهم ويثبتهم بذكر من سبق . ]]

بعض الأمثلة على الاستهزاء بالدعوة :

يأتي رجل اسمه [[ أُبي بن خلف ]] يحمل بكف يده عظم رميم [[ يعني متفتت ]] قال : يا محمد ، أترى ربك يحي هذا بعدما قد رم ؟ فينزل الله على نبيه : {{ أَوَلَمْ يَرَ الإنسان أنا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ }} .

قالوا : كيف يكون محمد نبيا ومستجاب الدعوة وهو فقير ، ويأكل الطعام مثلنا ؟؟ لو أرسل الله نبيا من السماء لكان ملكا وليس بشرا !! فكيف محمد يمشي بالسوق مثلنا وهو يريد أن يكون ملكًا علينا؟ والملوك لا تمشي في الأسواق !!؟ فينزل قوله تعالى :

{{ وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا * أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلا مَّسْحُورًا * انظر كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا }}

ويقولون : يا محمد ، والله لا نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله ، ومعه أربعة من الملائكة يشهدون أنه من عند الله، وأنك رسول من عنده فيرد عليهم الله تعالى :
{{ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إن هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ }}
كان كلما أقبل - صلى الله عليه سلم - أو ذهب يستهزؤون قائلين : هذا ابن أبي كبشة يُكلم من السماء !!!

[[ أبو كبشة حكينا بداية السيرة أنه زوج حليمة السعدية مرضعة الرسول ، و هذا استهزاء بالنبي ، بدل أن يقولوا محمدا بن عبدالله بن عبدالمطلب .. ينسبوه إلى قومه الذين أرضعوه ]] هذا راعي الغنم في قريش يكلم من السماء [[ لأنه عمل في رعاية الأغنام - صلى الله عليه وسلم - ]] والرسول - صلى الله عليه وسلم - يسمع كلامهم ويسكت .. ويرجع إلى بيته بعد نهار متعب في الدعوة إلى الله وهو حزين من أفعال قومه .. يأتي إلى بيته ، فيجد خديجة - رضي الله عنها .. فتتكلم معه وتصبره ، فلا تتركه حتى ترى الابتسامة على وجهه - رضي الله عنها وأرضاها .

وعندما بدأت الآيات تنزل على رسول الله ، وتأمر النبي أن يدعو قومه ويبين لهم سخافة هذه الأصنام التي صنعوها بأيدهم هم وآباؤهم ، وسفاهة عقولهم {{ إنكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ }} ،

فغضبت لذلك قريش وقالوا: أيشتم آلهتنا ؟ محمد يشتم آلهتنا !! محمد يشتم آباءنا !!
فجاء كبير الشعراء بقريش اسمه [[عبد الله ابن الزبعري]] أكبر شاعر في قريش ، كان يقول الاشعار يهجو فيها النبي ، ولما أسلم قال الكثير من الأشعار يعتذر فيها للنبي - صلى الله عليه وسلم -

جاء وقريش مجتمعة وقال : يا محمد ، هذا الشيء الذي تقوله لآلهتنا خاصة أم لكل من عُبِدَ من دون الله ؟ فقال له النبي : بل لكل من عُبِدَ من دون الله . فقال له : ألست تزعم أن الملائكة عباد صالحون، وأن عيسى عبد صالح، وأن عزيرًا عبد صالح ؟ فقال: بلى، قال له : كل هؤلاء قد عبدوهم الناس ، هل هم حصب جهنم ؟؟ فصاح أهل مكة فرحاً منهم من صار يصفق و آخر يرقص و يصفر .قال : أجب يا محمد . فينزل جبريل على رسول الله بقوله تعالى : {{ إن الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ}}

[[ يعني الملائكة وعيسى وعزير ، أولئك عنها مبعدون ]] ، هنا أهل قريش لما سمعوا القرآن ينال منهم ومن أصنامهم وآبائهم ، أخذتهم حمية الجاهلية .. كيف يُسفّه هذا النبي أحلامهم وأحلام آبائهم ، وينسب إلى الآباء قلة العلم والعقل ؟ فاشتد غضبهم ، وجمعوا شيوخ قريش وذهبوا إلى أبي طالب . يتبع . .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم