10-04-20, 07:01 AM
|
#72 |
| | | | | | | | | الهوايه » القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر | | | | |
هذا الحبيب « 62 »
السيرة النبوية العطرة (( " عبس وتولّى " . . . استمرار المفاوضات ))
_____
بدأت لغة المفاوضات في قريش ، وسنقف عند حدث عظيم ، وقع أثناء المفاوضات [[ لنعلم عظمة هذا الدين وهذا النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - ، ولتعلم يا مؤمن كم أنت عظيم عند الله، وكم يحبك ، مهما كنت وبأي لون كنت ، وأي جنسية تحملها . أنت مؤمن إذن أنت عظيم عند الله ، لا فرق عند الله بين عربي وعجمي إلا بالتقوى ]] .
من عناوين المفاوضات : إنهم طلبوا من النبي أن يبدل الآيات التي فيها تسفيه أحلامهم وشتم آلهتهم . عنوان آخر : نؤمن بك يا محمد ، بشرط أن تعبد إلهنا يوما ونعبد إلهك يوما . فأنزل الله على نبيه :
{{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ }} .
في أحد الأيام جلسوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للنقاش ، ومع بداية الجلسة ؛ وأول ما قال النبي : إني رسول الله إليكم . . . قامت فوضى في مكة ولم يسمعوا منه شيئا .
الآن وفي هذه المرة جلسوا معه يسمعون منه مرة أخرى ، فكان - صلى الله عليه وسلم - جالسا يناقش سادة قريش ، لعل الله يلين قلب واحد منهم فيؤمن ، وأثناء ذلك جاء رجل من فقراء المسلمين السابقين للإسلام اسمه {{ عبدالله بن أم مكتوم - رضي الله عنه - وأرضاه }} رجل أعمى يفقد بصره ، أقبل ابن أم مكتوم، [[ وكلنا يعرف أن الأعمى لا يدري هل ثيابه مناسبة أم لا. . . وقلما يراعي هيئته لأنه أعمى ]] ،
فكل المواصفات حول هذا الرجل القادم تجعل سادة قريش وأعيانهم ، تنفر منه .أقبل الأعمى يسأل عن النبي، أين أجده ؟ قالوا له : تجده في نادي قريش . فأقبل وكان يريد من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يزداد إيمانه لعل قرآنا نزل ؛ فقد اشتاق لكلام الله ، اشتاق المحب لحبيبه ، ذاق طعم الإيمان فجاء يستزيد و يطلب ما يروي قلبه .
فلما اقترب من نادي قريش وسمع صوت النبي يتكلم معهم قال : السلام عليك يا رسول الله، علمني مما علمك الله . وكره النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا القدوم في هذه اللحظة وهذه المقاطعة ، لأنه يحب أن يستميل قلوب قريش لعل الله يهديهم ، ووجود مثل هذا الرجل ينفرهم لأن سادة قريش لا ترضى الجلوس مع الفقراء والعبيد ،
والنبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم طبيعة أنفسهم ، فهم رفضوا هذا الدين الذي يجعل السيد والخادم سواسية .
قال تعالى :
{{ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم }} ، لكنّ قريشا لا تريد هذه اللغة ، يريدون السيد سيدا ، والخادم خادما ، وعند الله {{ كلكم من آدم وآدم من تراب }}
ما أعظمك يا الله!! ابن أم مكتوم أدرك أن النبي سمع صوته، ولكنه لم يقطع كلامه ويرد عليه ، واستمر النبي في حديثه مع قريش ، ولم يُعطه اهتماما ، فجعل جنبه لجهة عبد الله بن أم مكتوم ، وقد ظهر على وجهه ملامح الضيق وعدم الرضا من هذه المقاطعة ،
واستقبل – صلى الله عليه وسلم - بوجهه سادة قريش ، [[ سادة قريش في سعادة لأن النبي أعطاه جنبه واستقبلهم بوجهه ، وابن أم مكتوم طبعا لا يرى الموقف ، ولكن سادة قريش أخبروه بالتأكيد ]] .
ولكن الله - سبحانه وتعالى - أراد أن يعطي النبي وقريشا وابن أم مكتوم والمسلمين جميعهم إلى قيام الساعة درسا عظيما : من قال لا إله إلا الله فهو عندي عظيم ، نزل جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - بسورة سماها بحال المشهد " سورة عبس " .
بسم الله الرحمن الرحيم
{{ عَبَسَ (تغير وجهه الشريف - صلى الله عليه وسلم ) وَتَوَلَّى (أعرض بوجهه الشريف - صلى الله عليه وسلم ( ، أن جَاءَهُ الأَعْمَى (عبد الله ابن أم مكتوم) ، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ( يتطهر.) ، أَوْ يَذَّكَّرُ ( يتعظ ) فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى ( يستفيد منها ) . . . }} .
. . . و بعد نزول هذه الآيات ، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس ودخل عليه ابن أم مكتوم ؛ وقف وابتسم وفتح ذراعيه مُرحباً وقال له : يا مرحباً يا مرحباً بمن عاتبني فيه ربي ، وكان يكرمه - صلى الله عليه وسلم - غاية الإكرام ويجلسه بجانبه .
وكان - صلى الله عليه وسلم - كثيراً ما يقرأ في صلاته الجهرية " عبس وتولى " فيقول له ابن أم مكتوم : تمنيت أن الله لم ينزلها ، من أنا حتى يعاتبك الله بي يا رسول الله ؟!!
يقول الصحابة :
استخلفه - صلى الله عليه وسلم - على المدينة أكثر من عشرين مرة ، فوالذي لا إله إلا هو ما سمعنا ابن أم مكتوم يوماً قرأ في صلاته الجهرية " عبس وتولى" أبداً .. فسألوه لم لا تقرؤها ؟؟ فقال : من أنا حتى أقرأ سورة عاتبت النبي من أجلي ؟؟؟
هذه مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم .
____________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
|
| |