الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-06-20, 06:40 AM   #76
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (02:46 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 66 »

السيرة النبوية العطرة (( إسلام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -))
________

كان لعُمرَ بنِ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه بأسٌ وقوَّةٌ يُعرَفُ بها قبلَ الإسلامِ ، وكذلك كان أبو جَهلٍ، واسمُه: عَمرُو بنُ هِشامِ بنِ المُغيرةِ المَخْزوميُّ؛ فكان النَّبيُّ يطمَعُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في إسلامِهما، لِما سيُعطيانِه للإسلامِ مِن العِزَّةِ والمَنَعةِ ، وكانت الدعوة تمر بمرحلة شديدة الحرج، وكان بعض المسلمين قد خرجوا إلى الحبشة ، و هنا يروي عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: " إنَّ رسولَ اللهِ - صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم - قال: اللَّهمَّ أعِزَّ الإسلامَ

( قَوِّه وانصُرْه رافعًا لشأنِه على الكفرِ ) بأحَبِّ هذَينِ الرَّجُلينِ إليكَ؛ بأبي جَهلٍ أو بعُمَرَ بنِ الخطَّابِ وكان أحَبَّهما إليه عُمَرُ " .

نبدأ بوصف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حيث كان عمره عندما أسلم {{ ٣٦ عاما }} على الأرجح ، وكان معروفاً بالقوة البدنية ، وكان طويلا جدا ، حتى قيل إنه إذا ركب فرسه بلغت قدماه الأرض، وكان أبيض البشرة ، أصلع طويل اللحية وكان في أطراف لحيته شقار، من نظر إليه ، يعلم قوته وحزمه وصرامته - رضي الله عنه - ، رجل له هيبته ، جهوري الصوت ، كان له منزلة رفيعة في قريش ، وكان من أشجع رجال قريش وأقواهم، وكان عمر عنيفا شديد البأس، وقد عمل بالتجارة .

كان قبل إسلامه كثير الأذى للمسلمين ويضمر لهم العداء ويسعى إلى القضاء على الإسلام وعلى هذه الدعوة الجديدة التي رأى أنها فرقت قريش وساوت بين السادة والعبيد، وكانت عداوته لا تقل في عنفها عن عداوة أبي جهل، وكان ممن شارك في تعذيب ضعفاء المسلمين بيده

وكان كثير التضييق على الرسول - صلى الله عليه وسلم - لدرجة أنه كان يسير خلف رسولنا الكريم ويمنع الناس من الحديث اليه ، أو الاستماع إليه، ولا يتركه إلا عند دخول الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى بيته – وبعد إسلامه كان يبكي ندما على هذه الأفعال رضي الله عنه و أرضاه .

وردت عدة روايات في قصة إسلام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه – وهذه الروايات لم تأت بسند معتمد ، فضعّفها أغلب أهل العلم ، و سأورد روايتين استأنس بهما أهل العلم . و القاسم المشترك بين روايات قصة إسلام عمر أنّه أسلم – رضي الله عنه - بسبب سماعه القرآن الذي هو شفاء وهُدى للعالمين ، فالله سبحانه وتعالى استجاب لدعوة نبيه بأن يسّر لعمر من الأسباب التي تقوده إلى الإسلام ؛ ففتح سمعه وقلبه لآيات القرآن الكريم .. . . والله أعلم .
الرواية الأولى :

إن سبب إسلامه سماعه لتلاوة النبي - صلى الله عليه وسلم - للقرآن عند الكعبة؛ فقد روى هذا الإمام أحمد في "المسند" (1 / 262) حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:

" خَرَجْتُ أَتَعَرَّضُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ أُسْلِمَ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى الْمَسْجِدِ ( الكعبة ) ، فَقُمْتُ خَلْفَهُ، فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْحَاقَّةِ، فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ مِنْ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ، قَالَ: فَقُلْتُ: هَذَا وَاللهِ شَاعِرٌ كَمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ، قَالَ: فَقَرَأَ: ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ )، قَالَ: قُلْتُ: كَاهِنٌ، قَالَ: ( وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِّنْ رَّبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، قَالَ : فَوَقَعَ الْإِسْلامُ فِي قَلْبِي كُلَّ مَوْقِعٍ. "
الرواية الثانية :

روى هذه الحادثة ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3 / 267)، وابن شبّة في "تاريخ المدينة" (2 / 657)، وغيرهما؛ عن إِسْحَاق بْنِ يُوسُفَ الْأَزْرَق، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
خَرَجَ عُمَرُ مُتَقَلِّدَ السَّيْفِ ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ قَالَ : أَيْنَ تَعْمِدُ يَا عُمَرُ ؟ فَقَالَ : أُرِيدُ أَنْ أَقْتُلَ مُحَمَّدًا ، قَالَ : وَكَيْفَ تَأْمَنُ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي زُهْرَةَ وَقَدْ قَتَلْتَ مُحَمَّدًا ، ؟ قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : مَا أَرَاكَ إِلَّا قَدْ صَبَوْتَ وَتَرَكْتَ دِينَكَ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ ، قَالَ : أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى الْعَجَبِ يَا عُمَرُ ، إِنَّ خَتْنَكَ ( يقصد سعيد ) وَأُخْتَكَ ( يقصد فاطمة ) قَدْ صَبَوَا وَتَرَكَا الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ ، قَالَ : فَمَشَى عُمَرُ ذَامِرًا حَتَّى أَتَاهُمَا وَعِنْدَهُمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ يُقَالُ لَهُ : خَبَّابٌ


قَالَ : فَلَمَّا سَمِعَ خَبَّابَ حِسَّ عُمَرَ تَوَارَى فِي الْبَيْتِ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ : مَا هَذِهِ الْهَيْنَمَةُ الَّتِي سَمِعْتُهَا عِنْدَكُمْ ؟ قَالَ : وَكَانَوا يَقْرَؤُونَ طه ، فَقَالَا : مَا عَدَا حَدِيثًا تَحَدَّثْنَاهُ بَيْنَنَا ، قَالَ : فَلَعَلَّكُمَا قَدْ صَبَوْتُمَا ؟ قَالَ : فَقَالَ لَهُ خَتْنُهُ :

أَرَأَيْتَ يَا عُمَرُ إِنْ كَانَ الْحَقُّ فِي غَيْرِ دِينِكَ ؟ قَالَ : فَوَثَبَ عُمَرُ عَلَى خَتْنِهِ فَوَطِئَهُ وَطْأً شَدِيدًا ، فَجَاءَتْ أُخْتُهُ فَدَفَعَتْهُ عَنْ زَوْجِهَا فَنَفَحَهَا بِيَدِهِ نَفْحَةً فَدَمِيَ وَجْهُهَا ، فَقَالَتْ وَهِيَ غَضْبَى : يَا عُمَرُ ، إِنْ كَانَ الْحَقُّ فِي غَيْرِ دِينِكَ ، اشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَاشْهَدْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ .

فَلَمَّا يَئِسَ عُمَرُ قَالَ : أَعْطُونِي هَذَا الْكِتَابَ الَّذِي عِنْدَكُمْ فَأَقْرَؤُهُ ، قَالَ : وَكَانَ عُمَرُ يَقْرَأُ الْكُتُبَ ، فَقَالَتْ أُخْتُهُ : إِنَّكَ رِجْسٌ وَلَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ، فَقُمْ فَاغْتَسِلْ أَوْ تَوَضَّأْ ، قَالَ : فَقَامَ عُمَرُ واغتسل أو توضّأ ثُمَّ أَخَذَ الْكِتَابَ فَقَرَأَ طه حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ : { إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي ، وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي.
فَقَالَ عُمَرُ : دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ ، فَلَمَّا سَمِعَ خَبَّابٌ قَوْلَ عُمَرَ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ فَقَالَ : أَبْشِرْ يَا عُمَرُ ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونَ دَعْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَ - : اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَوْ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ قَالَ : وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الدَّارِ الَّتِي فِي أَصْلِ الصَّفَا ، فَانْطَلَقَ عُمَرُ حَتَّى أَتَى الدَّارَ. . . قَالَ : وَعَلَى بَابِ الدَّارِ حَمْزَةُ وَطَلْحَةُ وَأُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَأَى حَمْزَةُ وَجَلَ ( خوف ) الْقَوْمِ مِنْ عُمَرَ قَالَ حَمْزَةُ : نَعَمْ ، فَهَذَا عُمَرُ، فَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِعُمَرَ خَيْرًا يُسْلِمْ وَيَتْبَعِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ يُرِدْ غَيْرَ ذَلِكَ يَكُنْ قَتْلُهُ عَلَيْنَا هَيِّنًا .

قَالَ : وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَاخِلٌ يُوحَى إِلَيْهِ ، قَالَ : فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَتَى عُمَرُ فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ ثَوْبِهِ وَحَمَائِلِ السَّيْفِ فَقَالَ : أَمَا أَنْتَ مُنْتَهِيًا يَا عُمَرُ حَتَّى يُنْزِلَ اللَّهُ بِكَ مِنَ الْخِزْي وَالنَّكَالِ مَا أَنْزَلَ بِالْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، اللَّهُمَّ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الدِّينَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَأَسْلَمَ .


وتقول الروايات أيضا :

ثم قال عمر بعد إسلامه مباشرة : بأبي أنت وأمي يا رسول الله [[ لغة الإيمان تتحول فوراً سبحان الله ]] . ألسنا على الحق إن حيينا وإن متنا ؟ قال له : والذي نفسي بيده أنتم على الحق إن حييتم وإن متم . قال عمر: لم نخفي أنفسنا وديننا يا رسول الله ؟: فلنجهر به في طرقات مكة ، ولنطف معك بالبيت يا رسول الله ، ولنصلي على أنظار سادة قريش كلها. . . والذي بعثك بالحق ، لا أدع مجلسا جلست فيه بالكفر يؤذيك ويؤذي أصحابك إلا رجعت وجلست فيه بالإيمان أؤذي به قريش وسادتها .

يقول عمر: ثم وقفت أفكر وقلت من ينقل الحديث في قريش ويبلغ أني أسلمت ؟ فتذكر رجلا اسمه جميل بن معمر ، وما إن سمع جميل بالخبر ، حتى جعل ثوبه في أسنانه، وأسرع يجري إلى نادي قريش ورجليه تضرب بظهره [[ يعني مثل الطيارة ]] وصاح بأعلى صوته : يا معشر قريش ، إن ابن الخطاب قد صبأ.. فقال عمر : لا ، كذبت والله ، ولكني آمنت .. ومن ذلك اليوم قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - أنت الفاروق ، يفرق الله بك بين الحق والباطل . سمّى النبي عليه الصلاة والسلام عمر يومئذ بالفاروق ، لأنه فرّق بين الحق والباطل وميّز بينهما، فبعد أن كان المسلمون يستخفون من الناس، أصبحوا يجهرون بصلاتهم وبدعوتهم ورسالتهم ، متحدين قوى الظلام والشرك.

. . . لقد كان الصحابي عمر بن الخطاب شديد التقوى؛ فقد كان ينهر نفسه دائماً، ويُحاسبها شديد المُحاسبة، وقد اشتُهر بالعدل الكبير فترة خلافته ، فُعرف عنه الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتحصيل حقوق الناس ، وهذه هي أخلاق الصحابة في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم .
____________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم