10-09-20, 07:47 AM
|
#79 |
| | | | | | | | | الهوايه » القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر | | | | |
هذا الحبيب « 69 »
السيرة النبوية العطرة (( الهجرة الثانية إلى الحبشة ، الملك العادل ))
__________
اجتمع بنو هاشم وبنو المطلب في {{ شعب أبي طالب }} ، وتركوا بيوتهم من أجل أن يحموا النبي - صلى الله عليه وسلم - من بطش قريش . فلما رأى النبي أنه في حماية من أهله وعشيرته خاف على الصحابة المستضعفين الذين ليس لهم عشيرة تحميهم ، فأمرهم بالهجرة الثانية إلى الحبشة ، ووضع عليهم أميرا ، وهو ابن عمه ( جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - ) .
فخرج ٨٣ رجلا ، وبضع عشرة امرأة . و الذين هاجروا للحبشة أول مرة عندما عرفوا بإسلام عمر بن الخطاب رجعوا ، وقالوا : إن الأمور تحسنت في مكة ، فلما رجعوا وجدوا الأمور أسوأ من قبل ، فعادوا مع المهاجرين مرة ثانية . هاجر الصحابة إلى الحبشة ، أثناء المقاطعة و الحصار و الذي استمر ثلاث سنوات ، حتى أكل - صلى الله عليه وسلم - ورق الشجر وتشققت شفتاه .
[[ سنرجع إلى أحداث المقاطعة ، بعد أن نقف مع المهاجرين إلى الحبشة ]] .
هاجر الصحابة إلى الحبشة وأميرهم {{ جعفر }} - رضي الله عنه - عن طريق البحر . [[ الحبشة هي ما نعرفه الآن دولة أثيوبيا وأريتريا ]] وعاشوا في الحبشة ، وأخذوا يعملون فيها : منهم من عمل بالزراعة ومنهم من عمل في المصنوعات الجلدية ، وكانت أخلاقهم رفيعة ومعاملتهم طيبة ، واحترموا قوانيين البلاد وأهلها ، بالمقابل أحبهم أهل الحبشة وعاملوهم معاملة طيبة .
ووصلت الأنباء من الحبشة إلى مكة أن المسلمين في أمن واستقرار وحياة طيبة ، كما وصلت إلى قريش قصيدة أحد المهاجرين المسلمين والتي يتحدث فيها عن سعادته هو والمسلمون في أرض الحبشة . فاغتاظت قريش ، وجن جنونها لأمن وسلامة وفرح المسلمين في الحبشة ، وقالوا : أصبح لمحمد قواعد خارج مكة ، في أرض الحبشة فاجتمعوا وعقدوا مؤتمرا . . . ماذا نصنع ؟ و ما العمل مع من هاجر من أصحاب محمد ؟!! قالوا نرسل رجلين يحسنان السياسة إلى النجاشي ملك الحبشة .
[[ طبعاً النجاشي لقب لكل من يحكم الحبشة وليس اسمه ، اسمه الحقيقي {{ أصحمة بن أبجر}} تماما كما نقول : لقب {{ قيصر }} لحاكم الروم ولقب {{ كسرى }} لحاكم الفرس ]] .
قررت قريش أن ترسل اثنين من دهاتها لمقابلة النجاشي ، ومحاولة اقناعه بأن يطرد المسلمين من الحبشة ، ويردهم إلى مكة مرة أخرى. فاختاروا داهية العرب في السياسة {{ عمرو بن العاص ومعه عبد الله بن ربيعة }} حتى يكلمان النجاشي ، فيُرجع إليهم من هاجر إليه من المسلمين ،وحملوهما بالهدايا . وقالت قريش لهم : قدموا الهدايا أولاً للبطاركة
[[ هم كبار رجال الدين عند النصارى ، وحكم النجاشي قائم على النصرانية ، ويقولون إن عيسى - عليه السلام - ابن الله ]] وقولوا لهم : إن هؤلاء سفهاء من قومنا فارقوا ديننا ، وعندما تعطوهم الهدايا وتثلجوا صدورهم بها،
[[ يعني مثل أيامنا نقول : طعموا السن تستحي العين ]] قولوا لهم : إنا نريد أن نكلم النجاشي ، وأنتم أيها البطاركة أقنعوه أن يسلمهم لنا دون أن يسأل المسلمين أو يقابلهم ، لأن أصحاب محمد يعملون بالسحر ، فإذا قابلوا النجاشي سحروه فلا يسمع لأحد .
فلما وصلوا إلى الحبشة [[ نفذ الخطة عمرو بن العاص مع البطاركة بالتمام و الكمال ]] . . . لكنّ الله دائما للمشركين بالمرصاد ، فالكفار لا يُدركون أنّ الرسول - صلى الله عليه وسلم – عندما أرسل المسلمين إلى الحبشة قال لهم : " إنّ فيها ملك لا يُظلم عنده أحد " ، الكفّار ، والظالمون في زماننا لا يُدركون أنّ الله سيملؤ الأرض قسطا وعدلا ولو بعد حين . . . يا رب عليك بالظالمين ، يا رب كلنا إيمان وتصديق ويقين بأن فرجك قريب .
. . . فلما اجتمع {{ عمرو بن العاص والبطاركة بالنجاشي }} -
وكان عمرو صديقا للنجاشي وبينهم معرفة - قال النجاشي : ما الأمر يا عمرو ؟ تكلم ؟ قال : إن فينا سفهاء خرجوا عن دين الآباء والأجداد ، فلا هم بقوا على ديننا ، ولا دخلوا في دينك أيها الملك . وابتدعوا دينا لا نعرفه نحن ولا أنت !!! وقد أرسلنا أشراف قومنا حتى تردهم إلينا ، فأهلهم أعلم بهم ، وهم أولى بهم . فقال البطاركة من حوله كلهم بصوت واحد :
نعم صدق أيها الملك . فصاح الملك العادل بالبطاركة : بئس ما شهدتم به !!!! كيف أحكم بنعم قبل أن أسمع الطرف الآخر ؟؟!!! [[ هل رأيتم العدل ؟؟ لا تحكم ع شخص حتى تسمع من الطرفين ، اجعلوها قاعدة في حياتكم ، لا تسمع ممن تحب ، اسمع من الطرفين ]] .
ثم صاح بمن حوله قائلا : أرسلوا إليهم حتى أسمع منهم . قال المسلمون : يا جعفر أنت المتكلم فينا [[ جعفر الذي قال عنه - صلى الله عليه وسلم - {{ لقد أشبهت خَلْقِي وَخُلُقِي }} وكان أشبه الناس بالرسول -صلى الله عليه وسلم - ]]
ولما دخل الملك ؛ ركع الجميع إجلالاً له ، إلا الصحابة بقوا واقفين و ظهورهم مستقيمة ، فنظر النجاشي إليهم وقال : ألا تركعون لنبيكم ؟؟!!!
قالوا : لا ، لقد علّمنا نبينا أننا لا نركع إلا لله . فقال لهم : كيف تسلمون على نبيكم ؟ قالوا: نقول له : السلام عليك يا رسول الله . فسكت النجاشي ، ونظر إلى عمرو وقال :هاتي يا عمرو تكلم ، فأخبره نفس الكلام الذي قاله من قبل ، فلما انتهى قال النجاشي : قد سمعت منك ثم التفت إلى الصحابة فقال : وأنتم من المتكلم فيكم ؟؟ فتقدم جعفر أمام النجاشي ، قال :
أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ، يأكل القوي منا الضعيف ، وندفن البنات أحياء ، ونأتي كل الموبقات ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه .
[[ هل رأيتم ذكاء سيدنا جعفر أعطاه صورة الجاهلية الحقيقة القبيحة ، والنصارى يعلمون أن هذا جهل ]] .فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنة ، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً . . .
فتعدى علينا قومنا فعذبونا ، وضيقوا علينا ، حتى قال لنا نبينا : اذهبوا إلى الحبشة لأن في الحبشة رجلا لا يُظلم عنده أحد . قال النجاشي : وهل تحفظ شيئا مما أنزل على نبيك ؟ قال : نعم ، وقرأ عليه شيئا من القرآن ، فدمعت عيون النجاشي ودمعت عيون البطاركة حوله . كما وصفهم ربنا في القرآن : {{ وَإذا سَمِعُوا مَا أنزِلَ إلى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ }} .
---------------------------------
يتبع . . .
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
|
| |