الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-23-20, 07:06 AM   #94
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (08:28 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 80 »
السيرة النبوية العطرة (( الطائف الجزء الثالث ))
_________

جلس - صلى الله عليه وسلم - تحت ظل شجرة ، وأفاق من الصدمة والأزمة التي مر بها ، والأوجاع والدماء تسيل منه - صلى الله عليه وسلم - وكان هذا الموقف من أشد المواقف التى مر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إنه أشد من يوم غزوة أُحد ، لما شُج رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - وكسرت رباعيته في فكه السفلي

[[ الرباعية هي السن الذي يقع بين الثنية والناب ]] ، وجرحت شفته السفلية ، وسالت منه الدماء - صلى الله عليه وسلم - فسألته السيدة عائشة - رضي الله عنها - وهي تصب له الماء ليغسل وجهه من الدماء : هل أتى عليك يوم أشد من هذا اليوم ؟؟

فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - : {{ لقد لقيت من قومك، فكان أشد ما لقيت منهم يوم رحلة الطائف }} .
جلس تحت الشجرة، ثم رفع طرفه إلى السماء ودعا بهذا الدعاء ( كما تقول بعض الروايات ) :
{{ اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ، أنت ربُّ المستضعفين ، وأنت ربّي إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهَّمني ؟ أم إلى عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك عليَّ غضبٌ فلا أبالي ، ولكنَّ عافَيَتَك أوسعُ لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، من أن تُنزل بي غضبك ، أو يَحِلَّ عليَّ سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك }} .

لما دعا خير خلق الله على الإطلاق - صلى الله عليه وسلم - بهذا الدعاء الخارج من القلب ؛ خير خلق الله على الإطلاق

[[ يعني خير من الملائكة والبشر والجن على الإطلاق ]] خرج هذا الدعاء من قلب خير رجل محزون مهموم ، [[ هذا الدعاء عمل انتفاضة في السماوات السبع ، ضجت ملائكة السماء كلهم ؛كيف ينال النبي هذا ؟؟ أي واحد من ملائكة السماء يستطيع أن يدمر الطائف كلها ؛ ولكن الله هو البصير السميع ، سمع ما قال أهل الطائف ،وسمع دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر جبريل أن يهبط ]] .
نظر - صلى الله عليه وسلم - فإذا بغمامة [[ غيمة ]]

تهبط عليه من السماء تظلله ، وإذ عليها جبريل ،يقول - صلى الله عليه وسلم - ومعه رجل لا أعرفه ، فاقترب جبريل وسلم ، وقال : يا محمد ،هذا ملك الجبال [[أي الموكل بأمور الجبال]] ،أرسله الله إليك ليطيعك فيما تأمره ، فأمره بما شئت، فتقدم ملك الجبال، وقال:

السلام عليك يا رسول الله ، إن الله أمرني أن أطيعك فيما تأمرني ، إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين [[ أي جبلين في مكة ]] ، وإن شئت دمدمت عليهم [[ أي أهل الطائف دمرتهم ، وخسفت بهم الأرض ]] ، فلا ترى بعد ذلك منهم عدوا .

صلى الله وسلم عليك يا حبيبي يا رسول الله ، يا من أنزله الله رحمة للعالمين ؛ دماؤه تنزف ، ودموعه على لحيته ، وما أفاق من الصدمة بعد، تخيلوا معي : كلنا إنسان ، والنبي لا ننسى أنه بشر مثلنا ، كلنا يعرف لو شخص ظلمنا وذقنا طعم الظلم المر ، لتمنينا أننا نملك أمر الظالم يوما، وعندها كل واحد منا يقول :

[[ يا ريتني أحكم الناس يوم واحد أفرجيكم ايش أعمل في الظالمين]]
هذا محمد رسول الله ، وقد أعطاه الله الحكم الآن ، الحكم بين يديه وهو مظلوم ، وملك الجبال خادم عنده ، كلمة واحدة من رسول الله ينتهي أمر قريش والطائف ... وإذا به - صلى الله عليه وسلم - يضم ملك الجبال إلى صدره ويقول : لا ، لا يا أخي ، إني لأرجو الله أن يُخرج من أصلابهم من يعبده وحده ، لا يشرك به شيئاً . فنظر إليه جبريل ، وقال : صدق من سماك رؤوفٌ رحيم !!
قال تعالى :

{{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }} .
{{ رؤوف ، رحيم }}
اسمان من أسماء الله - عزوجل - أعطاهما الله للنبي - صلى الله عليه وسلم - فهما لله اسم ، وفي النبي وصف،

وفعلاً خرج من ذرية الطائف كثير من كبار العلماء الذين نشروا هذا الدين .
عتبة وشيبة كانا في البستان ، نظرا من بعيد، فشاهدا الدماء تسيل منه - صلى الله عليه وسلم - ، وقد علما بما فعل به أهل الطائف ، وهما صاحبا البستان الذي يجلس فيه رسول الله ،
وكان شيبة وعتبة من سادة قريش ، فلما شاهدا النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا المنظر الحزين ، والدماء تسيل منه ، دخل العطف لقلبيهما ، وتعاطفا معه ، لأنه من صلة رحم ، فهما من بني عبد شمس ، والنبي من هاشم ، وجدهم الأكبر عبد مناف . . .


اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم