الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-25-20, 07:18 AM   #95
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (08:31 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 81 »

السيرة النبوية العطرة (( الطائف الجزء الرابع والأخير ))
_________

شعر شيبة وربيعة بالتعاطف مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان عندهما غلام نصراني ، على دين المسيح اسمه {{ عداس }} ، فأرسلا عداس بطبق عليه عنب ، وماء بارد ، وقالوا : اذهب إلى ذلك الرجل ، وضع الطبق والماء أمامه، لعله يأكل ويشرب ، فأقبل إليه عداس وجلس بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يعرفه ولا النبي يعرفه ، وقال : أيها الرجل، أرسل إليك سيّداي بهذا ، تفضل وكُل منه . [[ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقدم له أهل الطائف أية ضيافة ، ومضت أيام له في الطريق من مكة للطائف مشيا على الأقدام، وها هو الآن عائد إلى مكة، فهو في جوع وعطش ]].

مد يده للعنب وقال : {{ بسم الله }} ،فتعجب عداس وقال : من أنت ؟ وماذا تقول ؟ ! والله هذه الكلمة لا يعرفها أهل هذه البلاد أبداً ! فقال له صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ؟ ومن أين أنت ؟ قال: أنا عداس،رجل نصراني من نينوى [[ نينوى بلد في شمال العراق]] فابتسم النبي ،وقال له : من قرية الرجل الصالح يونس بن متى ؟
فقال عداس بلهفة ودهشة : وما أدراك من يونس بن متى؟ !! والله لقد خرجت منها منذ سنين ، ليس في نينوى عشرة رجال يعرفون من يونس بن متى! فما علمك به وأنت في بلد الأُميين ؟؟

[[ بلد الأُميين يعني بها هذا البلد، يعبدون الأصنام ، ولم يرسل فيهم أي نبي ،كل الأنبياء كانوا من بني إسرائيل ، العرب ما بُعث فيهم نبي إلا محمد العربي - صلى الله عليه وسلم - ]] فقال له النبي وهو مبتسم : ذلك نبي وهو أخي، وأنا نبي مثله . يقول عداس - رضي الله عنه - وهو صحابي :

{{ والله أخبرني خبره ، وما وقع له مع قومه }} ، أي ذكر له قصة نبي الله يونس مع قومه .
بشكل مختصر عن قصة نبي الله يونس عليه السلام : نبي الله يونس عليه السلام ، دعا قومه إلى الله، فلم يستجيبوا له ، قالوا : يا يونس إن رأينا أسباب الهلاك آمنا بك [[ وهي النذر التي تمر علينا في هذا الزمن كل يوم ، وخير أمة ، غارقون بالدنيا نسوا الله فأنساهم أنفسهم ، إلا من رحم ربي ]] ، وأي نبي إذا أنذر قومه العذاب، ولم يستجيبوا له ،تركهم وهجر تلك المدينة ، فهجرهم نبي الله يونس ، ومضى يريد السفر عن طريق البحر لما أحس باليأس من قومه ، وامتلأ قلبه بالغضب عليهم لأنهم لا يؤمنون، وخرج غاضبا ، وقرر هجرهم ، ووعدهم بحلول العذاب بهم .

فلما جاءت نذر الله على قوم يونس ، امتلأت السماء بالغيوم شديدة السواد ، وكان يخرج منها دخان شديد ، ثم يهبط الدخان فوق رؤوسهم حتى ملأ مدينتهم ، فتذكروا يونس وكلامه ، وافتقدوه ، فلم يجدوه ، فألقى الله في قلوبهم الهداية ، والتوبة ، والندم ، عندها قاموا و لبسوا المسوح ،

[[ المسوح هو لباس خشن ، كان يصنع من شعر الماعز الأسود ، متعب ومؤلم جدا لمن يلبسه لدرجة كبيرة ، من أراد أن يعبر عن ندمه وحزنه ، يلبس المسوح ، ويجلس على الرماد، ويضع الرماد على رأسه ، " بمعنى اللي عملته أنا خراب بيوت وأنا نادم على ما فعلت أشد الندم " ]] ، لبسوا المسوح تعبيرا عن ندمهم وذلهم ، وأخرجوا المواشي ، وأخذوا الأطفال الصغار من أمهاتهم ، وفرقوهم ، وأيضا فرقوا بين كل بهيمة وولدها ،فضاجت المدينة كلها بالصراخ والبكاء ، بكى الأطفال ، والنساء ، والرجال ، وخارت الأبقار ، وارتفعت أصوات الحيوانات .

وصرخوا يستغيثون : يا حيّ حيث لا حي، ويا حي يحيي الموتى، ويا حي لا إله إلا أنت. اللهم إن ذنوبنا قد عظمت وجلت، وأنت أعظم منها وأجلّ، فافعل بنا ما أنت أهله ، ولا تفعل بنا ما نحن أهله، فلما علم الله الرحمن الرحيم ، اللطيف الودود منهم الصدق؛ تاب عليهم ، وصرف عنهم العذاب وكي لا أطيل عليكم، كلنا يعرف بعدها ركوب نبي الله يونس السفينة، وكيف هاج البحر [[ إشارة من الله لنبيه يونس، لأنه لم يصبر على قومه ]] ، وكيف التقمه الحوت .
أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عداس خبر نبي الله يونس مع قومه، وقرأ عليه قوله تعالى:

{{ وَإن يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إلى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكان مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أنهُ كان مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إلى حِينٍ }} .

فلما سمع عداس هذا قال : أشهد أنك رسول الله المنتظر خاتم الأنبياء ، وهبّ عداس يقبل رأسه ويديه وقدميه - صلى الله عليه وسلم - وعتبة وشيبة ينظران من بعيد ، فلما شاهدا عداسا يُقّبل رأس النبي ويديه وقدميه ، قال أحدهم للآخر: أما غلامنا ، فقد أفسده محمد !!!

فرجع إليهم ، فقالوا له : ويحك ؟؟!!

[[ ويحك عند العرب كلمة تعجب واستغراب ]]، ويحك! أرسلناك تطعم الرجل وتسقيه ، قمت تقبل رأسه وقدميه!! ما الذي دهاك ؟ !! قال : يا سيدي، والله ما على وجه الأرض كلها رجل خير من هذا الرجل ، إنه خير خلق الله . قالوا له : ويحك سحرك محمد يا عداس ! دينك خير من دينه، فلا تسمع له . قال :

لا بل هداني. إنه نبي . قالوا: وما علمك بذلك ؟ قال لهم : أخبرني بأمر لا يعرفه إلا نبي ؛ لقد أخبرني بيونس بن متى نبي بلادنا مع قومه ، وقرأ علي ما أنزل الله عليه ، وهو موافق لما نعلمه نحن أهل الكتاب ، وهذا لا يعرفه إلا نبي ، وأسلم عداس .
[[ لنتقدم قليلا في السيرة ]]
غزوة بدر وكان {{ شيبة وعتبة }} في صف المشركين من قريش وقبل المعركة كانا يستعدان للخروج للمعركة، قالا لعداس : اخرج معنا. قال : إلى أين ؟ قالوا : للحرب . قال: حرب من ؟ قالوا :حرب محمد. فقال عداس لهما متعجباً مندهشاً : أتريدان حرب ذلك النبي الذي جلس يوم كذا تحت الشجرة في البستان؟؟! وقدمنا له الطعام ؟؟ ! وأسلمت على يديه ؟ ! قالوا :أجل . قال عداس : والله الذي لا إله إلا هو ، إن هذا الرجل لا تقف في وجهه الجبال كلها لو اجتمعت . أنصحكم لا تخرجا . فلم يسمعا منه وتركاه، وخرجا؛ فكانا أول قتيلين في غزوة بدر .
رجع - صلى الله عليه وسلم - من الطائف متجها إلى مكة، ولم يلق من أهل الطائف أي خير ، ولكنه لقي من الله كل الخير والتأييد له ونصرته.
يتبع إن شاء الله .... إيمان الجن في طريق رجوعه لمكة صلى الله عليه وسلم .
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم