" وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ " .
لا يرفض النصيحة غير المكابر المعاند الذي يرى في نفسه الكمال ،
وما يكون حاله ومقاله فيمن يأتيه ليُقوم حاله غير التهكم والصد !
فمن كانت لديه رؤية أو وجهة نظر برفضه لمن حضر واسدى له النصح وأمر ،
وقّدمها له والسوط في ظهر كرامته جاء على الأثر ،
فذاك منه مقبول لأنه جاء مخلفا لما الله قد أمر!
فبذلك يُفّرق الجمع ، وينفّر القلوب التي هي ظمأ ترجو من يرويها ،
بوابل النصح ، وبيداءها يسقيها كالمطرإذا انهمر !
فذاك النهي من الله الخبير بما تكنه قلوب البشر ،
وما تنفر منه وتكون في حذر ،
حيث قال عز من قال :
" وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ " .
ومع هذا لا يكون ذاك شماعة ليخوض لجج الحياة ،
وقد شمر عن ساعد الخطأ ،
ليجعل في نفسه وذاته مؤشرا ،
إذا ما اقترب من الخطأ دُق ناقوس الخطر .
من أعظم اساليب التأثير والانجذاب هو عندما يسبق الفعل المقال ،
فما ينقصنا هو ترجمة القول بالفعال ، فالناس تشبعت من ذاك تقرأ عن الأخلاق في سطور،
وتشاهد ما يذاع ولكن عندما تأتي للواقع تجد في ذلك الكلام ضرب من الخيال ،
فمن تضمخ شخصه بالاخلاق ، فهو كالزهر الفواح ، تشرئب إليه الأعناق ،
وتتسابق وتهفو إليه الأرواح ، وسر ذلك هو ذلك الاخلاص ،
ودليل ذلك :
تلك الفتوحات ودخول الناس زرافات في حياض الاسلام ،
عندما وجدوا في فعل المسلمين ما يُترجم ما يحملونه من مبادئ وشرائع ،
بعد أن جعلوها منهجا للحياة ، بها يرادفون الأنفاس ،
وجسّدوها واقعا معاشا تُرى عيانا ، بحيث غدت لا تحتاج لترجمان ،
ولا لأي برهان .
ولو ترسّم كل منا تلك التعاليم لرأينا ذاك الأثر في واقع الناس اجمعين ،
حتى المكابر منهم إذا لم يندرج في السالكين درب الطائعين
سيحجّم ، ويقنن شره المستطير ، ليقتصر عليه ولا يطال الآخرين ،
تبقى أمنية معلقة ما بين السماء والأرض ،
والله يتولى الصالحين .
ف" بذاك يعود الانسان إلى رشده ويقترب من ربه " .