هذا حوار افتراضي متواضع ،
وكأني به أحاور " توأمي " ، راجياً أن تنال الفائدة به :
دخلت في حوار مع توأمي بعدما رأيته شارد الذهن قاطعاً فيافي الأفكار ،
قلت له :
ما بك تفكر ؟
قال :
في حال الأمة أرثي وأنكر ،
أنكر ذاك الضياع التي تعيش فيه ، بذاك التنظير الذي به تُخدر الجمع الغفير !
نرى الغرب تُسبر البر والبحر ، وتغزو الفضاء ، وما لذاك التقدم من قرار ،
ونحن لا نزال نتحدث عن الحيض والنفاس ، ومايُبطل الصلاة !
حينها قاطعته وقلت له متعجباً :
رويدك وما دخل هذا بذاك ؟!
قال :
أما ترى وتسمع ما يُقال وما يقوله ذاك المتربع على المنابر؟!
وذاك الجالس المحاضر !!
قلت :
وما دخلهم فهم ينطقون بما يعلمون ولكل واحد منهم اختصاص !
ثم تعال :
مالي أراك وغيُرك تتربصون بتلك الشريحة وتتركون هذا وذاك ممن هم يقبعون في ذاك الاختصاص !
فما دخل المتخصص في الشرع بالابتكار والاختراع ؟!
تلعثم قليلا ،
ولكن أعقب ذاك بالكلام فقال :
هم دعاة :
الدعة
و
الزهد
وترك الحياة
و
الدعوة للموت
و
انتظاره وهم يتنفسون الحياة !
قلت له :
أتعلم بأن هناك من هم من أمثالك كثير ؟ ممن يتجاوز قولهم فعلهم ليلقوا الملام للبعيد والقريب ،
ولكن تعال :
برأيك هل للذين تُسدد عليهم سهم نقدك يد للخروج من ذاك " التكلس " الذي قيد العقول التي تبني الأمم ؟!
لترتقي في العلياء !
هل أعطوهم الصلاحيات أن يكونوا هم القادة ،ولهم الأمر والنهي والاختيار ؟!
كي نجمعهم في قفص الاتهام ، ونُعلن عريضة الشكاية لنُقيم عليهم الحساب والعقاب !
قال توأمي :
لا .
ولكن لما لا يحاولوا الدخول ليغيروا العقول ليكسروا الجمود ،
قلت له مُقاطعاً :
هل تظن بأن لهم التأثير؟!
وأن الجميع سيكون لهم مُطيع ؟!
قال :
نعم ،
فتلك هي الحقيقة التي لا يعتلي
ظهرها غبار الجحود والتنكير .
قلت له :
دعنا نعقد المقارنة على القاعدة التي وضعتها
في بداية حديثك ليكون الحوار موضوعي ومنطقي،
فبالرغم أننا توأمان غير أن فكري وفكرك وتوجهي وتوجهك على كفتي نقيض !
أنت أليقيت الكرة في ملعب مشائخ العلم والدعاة ،
وأنهم هم سبب البلاء والجهل المذاع ،
ألا تشاطرني الرأي ؟
بأن القرون الماضية كان لأولئك الذي تدعوهم وتُسميهم بأنهم رعاة الحيض والنفاس قادوا
الجحافل وغاصوا في بحر العلوم فكانوا للعلم منابر ،
وعلى الأمة جمعاء أصحاب فضل فيما هو موجود الذي لا ينكر ذاك غير ذو جحود ؟!
لنا في تلك الحقبة التي يُسميها الغرب "القرون الوسطى " عندما كان العلم وأهله يُذبحون " ،
ليُطمس العقل والتفكر ويُشنق ، وفي المقابل كان العلم في أوجه في " الأندلس في يد أهل الإسلام " ،
فأناروا العقول وأخرجوها من ربقة الظنون والشكوك ، حتى من ذاك ترجموا ما يكتبون من أراد أن ينهل منها العلوم ،
ليترجموها من " العربية للاتينية "،
أقتصر على ذاك كي لا نُسهب في التاريخ ،
الذي يُكذب كل من يُشكك بتلك الحقائق التي عليها شهود !
من ذاك يولد هذا السؤال وعليك أن تُجيب ؟
لماذا تأخرت دول الاسلام " اليوم" عن مواكبة تلك النقلة النوعية لتكون في ذيل قائمة الأمم ،
لتصنف من الدول النامية التي تجاوزت عصورالظلام لتأتي بالظلام وذاك الفكر الرجعي الذي يدعو للنوم والسبات
الطويل ؟!!
_ أطرح هذا السؤال تجّوزا مُسلما به جدلاً لأواصل معك المسير _
" هنا قطع الحديث صوت "الأذان"
ليكون الفاصل من بعده نواصل الحديث " .