الموضوع: " العزلة "
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-18-20, 01:46 PM   #1
الفضل10

الصورة الرمزية الفضل10

آخر زيارة »  03-08-24 (09:43 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي " العزلة "



كنت مع شيخي العالم الرباني الذي منه أنهل ما يحيي قلبي وما يقربني من ربي ، وكما هي عادتي اتحين الفرص كي أنال من فيض التجارب التي هي رصيد شيخي التي استقاها من رحلة العمر التي قضاها بين جنبات هذهِ الحياة ،

فسألت شيخي قائلاً :
بما تنصحني شيخي ؟
قال : " إلزم بيتك " !

ما كان مني الوقوف على أعداد حروف الإجابة ، ولا الإكتفاء بظاهر الإجازة بأن يكون جلوسي في البيت لي عادة ، بل تعمقت وغصت في المعنى لكوني أعرف الشيخ جيدا ، فليس من المنطق أن يأمرني بترك الدعوة ، وطلب العلم ؛ وفعل الخير خارج نطاق البيت ليكون البيت لي مسقر و مستودع ! وعندما قلبت نظري فيما يجول من حولي من عبر حري بمن يمر عليها أن يقف وقفة بصير ، فما عادت القلوب تتسع ، وما عادت الناس تطيل حبل العذر لكل من وقع في الخطأ وأتى بما به الصدر ينخلع _ الا ما رحم ربي _ حينها بحثت عن السلامة التي بها أجني ثمار القرار الذي مني يصدر ويسثار ، فقلت في " العزلة " الحل بها يصدق ، فبنيت عليه ورسمت ذلكَ الواقع الذي بين أطواره أتقدم وأكبر ، وما أربكني هو حكم " العزلة " ! أتكون إختيارا ؟! أم أنها نوع من الأقدار ؟! بعيدا عن التعمق في المعنى وجدت في " العزلة " راحة الأبدان والأذهان ، وسلامة القلب من الأضغان ، ومقربة من رب الإنس والجان ، غير أني رسمت بيت العزلة جاعلا له نوافذا كي أرى من خلالها ما يستجد في الكون ، وأرمق نجوم الليل ، وأرى تعاقب الفصول وما يقع في نهار اليوم والليل ، ومنها الحفاظ على _ الأكسجين _ كي لا يفرغ في مخدع " العزلة " ، وتتجدد الحياة بنفس جديد ، ومنها أستقبل طيور الأمل وأودعها بقلب مطمئن ببزوغ فجر قريب ، بعيداً عن أضواء الشهرة ، وبعيداً عن انتقاد رفاق العشرة ، ومنها أبني وأقيم بنياني لأبعث خلقا آخر وقد أحاطت بي هالة الثقة بالنفس ، وعرفت حقيقة الذات ، فقد خبرت الحياة وأنا بين هذا وذاك ، فانسلخ منها غالب عمري بين جلاد يجلد الذات ، وبين جاحد يكفر بالثبات في معمعة الحياة .