الموضوع: " العزلة "
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-18-20, 01:50 PM   #5
الفضل10

الصورة الرمزية الفضل10

آخر زيارة »  03-08-24 (09:43 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



ولكون المرء مجبول على مخالطة من يماثلهم ، ولا تكون السلامة إلا في وضع مسافة أمان كي لا يقع الإنسان فيما يجلب له الملام ، فجينات الناس لا يكون فيها الإختلاف ولكن في ما عداه يوجد الإختلاف ، والإنسان بصير وطبيب نفسه فإذا ما وجد ما يريح قلبه وينمي مواهبه ، ويزيد في عطاءه أناخ مطية بذله وجاهد في سبيل بلوغ هدفه ، وإذا ما وجد ضيق فضاء العطاء ، وقوبل ذاكَ الجهد بالنكران ، أعد لنفسه صومعة عزلته ليمكث منتظراً انفراجة وانكشاف غيمة التحبيط والتخثير ، ليجدد دماء الإجتهاد لينطلق من جديد بعزم من حديد .

تخرج تلك العزلة عن ربقة الجهد الذي يبذل ، ومن أوجه ذلك إعادة النشاط في بدن العطاء ، والبحث عن مساحات أخرى لتكون امتدادا لرقعة ذلك الجهد ، وما مساعدة الناس إلا رأس أولويات من يحتسب من الله الأجر ، فكما أوضحت هي فترة نقاهة ، واستراحة محارب يراجع فيها الحساب ، ويعيد مراجعة أوراقه ليباشر بعد ذاك حثيث سعيه .

لا إفراط ولا تفريط " .
" وخير الأمور أوسطها " .
وما على المرء إلا استلهام المصالح التي بها يقضي على مشاغبات الظروف وما على السطح يطفو ، فالنفس كائن حي تخضع لتقلبات وتجاذبات الخارج ليكون الأثر في داخل المرء ، من هنا كان لزاماً معالجة هذا القلب ، بأخذ إجازة بها يجدد الوعد والعهد .

وما تلك التربصات بفرصة سانحة من أجل الخلوة بالنفس ، إلا مطلب يطلبه من يريد راحة النفس ، ففيها الأنس ومراجعة الذات ،

فلعل البعض يجد في بعض الأطروحات ما يوافق ذاكَ الذي أرهق نفسه ، وأضعف عزمة ولا غرابة في حال من يطوي ساعات يومه وهو يحصي أعدادا لا حصر لها تتفاوت ثقافاتها ، وتختلف أخلاقها ، وتتباين مشاربها ، فهو أولى من غيره ليأخذ فترة راحة ونقاهة ، ولكن يراعي في ذلكَ واجبه وما يرضي ربه وضميره ، وخاصةً إذا كان في رأس الحربة ، ليكون مديراً لكل واردة وشاردة ، ولي في أذن ذلكَ المتربع على هضبة المسؤولية همسة ؛
" لا تجعل من كلمات بعض الجهال مساحة تشوش بها تركيزك ، ولا تعير للمتباكين سمعك ، ولا يضيرك من يهدد شخصك بدعوة تقرب بها أجلك ! وما عليك إلا إمضاء أمرك ونهيك ، وفق قانون أبرم والجميع أقر برسمه وبنده ، فما دعوة الظالم إلا مهلكة لنفسك ، فلا يكون الإنزواء هو الحل ، بل الإستمرار ، وأن يجعل المرء من الحكمة زاد بذله ، ورد مناكفات من يتربص به ويريد بذاك قتله _ قتل مهارته ، وما حباه الله من علم ، وفهم وما منه عليه من فضله _ .


الفضل10