الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-27-20, 09:02 AM   #139
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (08:23 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 125 »
السيرة النبوية العطرة (( بناء المسجد النبوي ))
________
كل أهل المدينة من مؤمنين صادقين ، أو منافقين بالخفاء ، أو يهود ( قينقاع وقريظة والنضير) ،
كلهم ينتظرون ما هو برنامج عمل النبي بعد وصوله إليهم وقد اختار المدينة وخلع أهل مكة ؟؟ فالبعض يتوقع أن يجهز جيشا لغزو مكة ؟؟ والبعض يتوقع أن يخرج ويعلن خطاب العرش ويعلن سياسة الدولة ؟؟ والبعض يتوقع أن يصدر تعيين نائب له !!!
الجميع يتساءل ما هو أول عمل سيقوم به رسول الله ؟؟ وقد خرج - صلى الله عليه وسلم - من مكة وترك زوجتيه سودة وعائشة ، وترك بناته الأربعة زينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة ، وأبو بكر ترك بناته وزوجته في مكة ؟؟
استطاع النبي في فترة قياسية أن يجعل المجتمع الإسلامي مجتمعا شديد التماسك ، وتغلب على كل مشاكل المدينة التي أخبرتكم عنها في الجزء 120 ، تُرى ماذا فعل صلى الله عليه وسلم ؟؟ لقد قام بثلاثة أمور :
- بناء المسجد - المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار - وضع وثيقة المدينة واليوم سنتحدث عن كيفية بناء المسجد النبوي

خرج صلى الله عليه وسلم على الصحابة ، وأخذ رمحا من يد واحد منهم ، واقترب إلى موقع الناقة ، ثم غرس الرمح في المكان الذي بركت فيه الناقة ، ثم قال {{ هنا نبني المسجد إن شاء الله }} ،
أول عمل كان هو بناء المسجد ثم قال : لمن هذا المكان ؟؟
قالوا: لغلامين يتيمين هم في كفالة فلان . فقال : أين الغلامين وأين الكفيل ؟ فلما حضروا ؛
وكان الغلامان أحدهما في ١٢ من العمر و الآخر في سن ١٣ ، فتحدث النبي لهم قائلا : إننا نريد أن نبني مسجدا في هذا المكان حيث بركت الناقة ، فكم تريدون ثمن هذه الأرض ؟؟ فقالوا : هي لك يا رسول الله من غير ثمن، بيت لله ، ومنزل لك . قال : لا يكون إلا بثمن ، ولا يكون الثمن إلا ما تريدون وتطلبون ، فطلبوا الثمن ، فدفع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثمن تلك الأرض وأذن ببناء المسجد . وقد عمل الرسول مع الصحابة جميعا في بناء المسجد ،

[[ لم يأمر أصحابه بالبناء وجلس في بيته ولما انتهى البناء شرّف الافتتاح وأعطوه مقصا وقص شريط الافتتاح !!!! ]]
حيث خلع رداءه - صلى الله عليه وسلم - وأخذ المعول وشرع بالعمل بكل اجتهاد وفرح؛ وكان يقول :
اللهم إن الأجر أجر الآخرة فارحم الأنصار والمهاجره . . . بدأ المسلمون بتسوية الأرض و إزالة ما فيها من عوائق و تجهيزها للبناء، ثم بناء الجدران من الطوب الترابي المعروف بالبناء قديما ، وكانت أعمدته من جذوع النخل، وسقفه من ورق النخيل ، وكان بناء متواضعا بسيطا ، وارتفاع المسجد على طول الرجل أو يزيد عنه قليلا .

كانت الخطوة الأولى هي بناء المسجد، وببناء المسجد استطاع – صلى الله عليه وسلم - تذويب الخلافات بين الأوس والخزرج، و بين طبقات المجتمع . وكان للمسجد دور كبير غير تأدية الصلوات الخمسة ، فكان مقر الحكم و الشورى ، والمعاهدات و القضاء ، واستقبال الوفود ،
ومكان لتربية الأطفال ، ومداواة المرضى ، ومأوى الفقراء وعابري السبيل . وفيه تعلم الصحابة أمور دينهم، فكان المسجد أشرف وأرقى جامعة عرفها الإنسان على هذه الأرض ، وخرج منه رجال أصبحوا أساتذة بأخلاقهم و سلوكهم ، وأطاحوا بأعظم دولتين في زمانهم
{{ الفرس و الروم }} . فمن هذا المسجد تخرجت السرايا والكتائب ، وفيه تعلم الصحابة الجهاد ، فكانوا خير فئة من أمم البشرية كلها ، وكانت شهادتهم عند التخرج من الله - عزوجل - وهذا نص الشهادة من القرآن :

{{ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }} . ما أجملها من شهادة !!

وعند بناء المسجد تتجلى النبوءات على نبينا - صلى الله عليه وسلم - ونأخذ منها مثالا : تروي بعض كتب السيرة أنّ عمار بن ياسر : [[ والذي كان رقيقا في مكة، ذكرنا قصته حيث قُتل أبوه ياسر وأمه سميّة على يد أبي جهل تحت التعذيب ]]
كان عمار - رضي الله عنه - يعمل بجد و اجتهاد مع الصحابة ، ويحمل لبنتين وليس لبنة واحدة ، وكان هناك رجل من الصحابة يحب الأناقة ، ثوبه نظيف ، فكان إذا لمس ثوبه التراب أزاحه بيده ،وكان إذا حمل شيئا يبعده عن ثوبه كي لا يتسخ ، وكان أحد الصحابة ينشد شعرا
( ولا يقصد به أحدا ) ويقول : لا يستوي من يعمر المساجدا .. .يدأب فيها قائما وقاعدا . . . ومن يرى عن التراب حائدا .. ، فكان عمار بن ياسر يُعيد هذه الأبيات و هو يعمل ؛ فغضب الرجل الذي يحب الأناقة ، وظنّ أنه يقصده ؛ فقال ل عمار :

" يا ابن سمية !! بمن تُعرّض ؟ والله إن كررتها لأضربن وجهك بهذا الجريد [[ مين قصدك يا ابن سمية ، نسبه لأمه احتقارا ]] ، والصحابة يقعون بالخطأ ، وسيمر معنا في السيرة مواقف كثيرة ، فقط النبي - صلى الله عليه وسلم - هو المعصوم .

غضب النبي - صلى الله عليه وسلم – غضبا شديدا لأجل عمار ، فالنبي لم يتعامل مع الناس على حسب أموالهم ولا على حسب نسبهم ، ولكن كان يعامل الصحابة على منهج الله - عزوجل - : {{ إن أكرمكم عند الله أتقاكم }} . ثمّ قال – صلى الله عليه وسلم - : {{ إن عمار جلدة ما بين عيني وأنفي ، فإذا بلغ ذلك من الرجل فلم يستبق فاجتنبوه }}

يعني [[ إذا ضربت وجهه كأنك تضرب ما بين عيني وأنفي ]] ،بعد ذلك جاء عدد من الصحابة إلى عمار وقالوا : يا عمار لقد غضب من أجلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونخشى أن ينزل فينا قرآنا ،
فذهب عمار إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – يسترضيه ويمازحه ، فأخذ النبي ينفض التراب عن رأس عمار ، ثم ذهبا إلى مكان العمل ، واستمر عمار يحمل لبنتين لبنتين ، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم - :

( يا عمار ، ألا تحمل لبنة لبنة كما يحمل أصحابك ؟ فردّ عليه قائلاً : " إني أريد الأجر عند الله " فالتفت النبي – صلى الله عليه وسلم – لأصحابه وقال : (ويح عمار ، تقتله الفئة الباغية ) رواه البخاري .

ويسمع الصحابة هذه النبوءة ، ويترقبون؛
يا ترى ... من الذي سيبتليه الله في قتل عمار؟؟ وتمضي الغزوات والسرايا كلها وعمار لم يقتل ، ويرحل النبي عن هذه الدار وعمار لم يقتل ، ويليه أبو بكر ثم عمر ثم عثمان وعمار لم يقتل ، حتى جاءت خلافة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ووقعت الفتنة مع معاوية ، ونظر الناس ، وإذا عمار في جيش علي بن أبي طالب ، وقد سقط شهيدا - رحمة الله عليه - وتحققت نبوءة النبي – صلى الله عليه وسلم - .

( اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم )