الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-29-20, 08:35 AM   #140
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (04:27 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 126 »
السيرة النبوية العطرة (( المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ))
__________
عند بناء المسجد قام - صلى الله عليه وسلم - فوضع {{ نظام المؤاخاة }} بين المهاجرين والانصار ، وكانت هذه الأخوة هي أخوة حقيقية وأخوة كاملة بحيث أن الأخوين يرث كل منهما الآخر، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم - :

إليّ يا معشر المهاجرين ،إليّ يا معشر الأنصار، حتى اقتربوا كلهم واجتمعوا إليه ، فقال : فلتتآخوا في دين الله أخوين أخوين [[ نفهم أن قواعد دولة الإسلام هي مسجد وأخوة في الله ، مش شمالي وجنوبي ، وشرقي وغربي !!! ]]

فكان النَّبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - يُؤاخِي بَيْنَ المهاجرينَ والأنصارِ، وكان الرَّجلُ مِنَ الأنصارِ يُشاركُ المهاجِرَ مالَه ودارَه وغيرَ ذلك، وكان إذا ماتَ يرِثُه هذه المهاجِرُ ، فكان الرَّجلُ يُعاقِدُ الرَّجلَ فيقولُ: دمِي دمُك، وثَأْري ثأرُك، وحَرْبي حرْبُك، وسِلْمي سِلْمُك، وترثُني وأرثُك
( و الذين عقدت أيمانكم ) ،
وقد استمرّ العمل بقضيّة التوارث زمناً ، حتى استطاع المهاجرون أن يألفوا المدينة ويندمجوا في المجتمع ، وفتح الله لهم أبواب الخير من غنائم الحرب وغيرها ما أغناهم عن الآخرين ، فنسخ الله تعالى العمل بهذا الحكم بقولُه تعالى:

{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} وقوله أيضا :{ وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } أي:

وَارِثِينَ يَرِثونَه، فصارَ الإرثُ لِمُستحقِّه مِن أهلِ الميِّتِ، ونُسِخَ الميراثُ بَيْنَ المتعاقِدِينَ ، وبقِيَت النُّصرةُ والرِّفادةُ وجوازُ الوصيَّةِ لهم، وغيرها من معاني الأخوة ، أمَّا الميراثُ فيأخذُه مُستحِقُّه كما في كتابِ الله تعالى .

إن تلك المؤاخاة لم تُقم وزناً للاعتبارات القبلية أو الفوارق الطبقية ، حيث جمعت بين القوي والضعيف ، والغني والفقير ، والأبيض والأسود ، والحرّ والعبد ، وبذلك استطاعت هذه الأخوّة أن تنتصر على العصبيّة للقبيلة أو الجنس أو الأرض لتحلّ محلّها الرابطة الإيمانيّة ، والأخوّة الدينيّة ، وتعلم كل منهم على يد الآخر تعاليم الإسلام ، وتلاشت الحالة النفسية الصعبة للمهاجرين نتيجة الغربة ، و انحلت مشاكلهم الاقتصادية ، فكان هذا نجاحا كبيرا للقائد محمد

– صلى الله عليه وسلم .

وقد سجّل التاريخ العديد من المواقف المشرقة التي نشأت في ظلّ هذه الأخوة ، ومن ذلك ما حصل بين عبدالرحمن بن عوف و سعد بن الربيع - رضي الله عنهما - حيث عرض سعد على أخيه نصف ماله ليأخذه ، بل خيّره بين إحدى زوجتيه كي يطلّقها لأجله ، فشكر له عبد الرحمن صنيعه وأثنى على كرمه ، ثم طلب منه أن يدلّه على أسواق المدينة ، ولم يمرّ وقتٌ قصير حتى استطاع
عبدالرحمن بن عوف أن يكون من أصحاب المال والثراء .

ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ ، بل إن كثيراً من الأنصار عرضوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقسم الأراضي الزراعيّة بينهم وبين إخوانهم من المهاجرين ، ولكنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن تقوم هذه المواساة دونما إضرارٍ بأملاكهم ، فأشار عليهم بأن يحتفظوا بأراضيهم مع إشراك إخوانهم المهاجرين في الحصاد ، وقد أورث صنيعهم هذا مشاعر الإعجاب في نفوس المهاجرين ، حتى إنهم قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - :

يا رسول الله ما رأينا قوما قدمنا عليهم أحسن مواساة في قليل ، ولا أحسن بذلا في كثير منهم ، لقد حسبنا أن يذهبوا بالأجر كلّه " ، فكانت هذه التضحيات سبباً في مدح الله لهم بقوله : { والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } . وقد حفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الفضل للأنصار ، فمدحهم بقوله :
( لو أن الأنصار سلكوا وادياً أو شعباً ، لسلكت في وادي الأنصار ) . وبيّن حبه لهم بقوله :

( الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ، ولا يبغضهم إلا منافق ؛ فمن أحبهم أحبه الله ، ومن أبغضهم أبغضه الله ) .
وبهذا نستطيع أن نلمس عظمة هذا الجيل الذي تربّى على يد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، عندما كانت الأخوة الإيمانيّة هي الأساس لعلاقاتهم ، فما أحوجنا إلى أن نتّخذ هذا المجتمع الفريد قدوة لنا في تعاملنا وعلاقاتنا .

وأثناء بناء المسجد النبوي ، خرج - صلى الله عليه وسلم - يتفقد المدينة ، فقد أصبحت مدينته ، فوجد أن السوق الرئيسي فيها يملكه يهود

[[ واليهود دائماً يضعوا أيديهم على شرايين الاقتصاد ، متخصصون بصياغة الذهب ، وتصنيع السلاح ]] فإذا ملكوا النقد وملكوا السلاح ماذا بقي لغيرهم ؟؟!! فلما رأى ذلك - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى موقع قريب من المسجد ، وأخذ عودا وخط به بالرمال ثم قال :
يا معشر المؤمنين، هذا سوق المسلمين لا يملكه أحد ، السوق لمن سبق ، ولا يبيع فيه أحد على بيع أخيه ، فنقل تجارة المسلمين إلى سوق كان يشرف عليه هو- صلى الله عليه وسلم – ويمنع الغش و الاحتكار .فأصبح للمؤمنين سوق فيه اقتصادهم ، ولم يعودوا آلة في يد اليهود يلعبون بهم كما يشاؤون .

ثم قام - صلى الله عليه وسلم - بوضع {{ وثيقة المدينة }} ما نُسمّيه اليوم : [[ دستور الدولة ]] ،وهو أول دستور مدني في التاريخ، ومفخرة من مفاخر الحضارة الإسلامية ، وكان يحتوي على {{ ٥٢ بندا }}
بعضها خاص بأمور المسلمين ، وبعضها خاص بتنظيم العلاقة بين المسلمين من جهة، وغير المسلمين من جهة أخرى ، وهم {{ المشركون واليهود }} ،

وقد كفل هذا الدستور لأصحاب الأديان الأخرى من المشركين واليهود ، جميع الحقوق الإنسانية كحرية الاعتقاد ، وحرية إقامة شعائرهم ، والمساواة والعدل، و على اليهود و المشركين نفقتهم و على المسلمين نفقته ( استقلال الذمة المالية ) ، و أي خلاف سيكون حلّه بالرجوع لكتاب الله وسنة نبيه ، كما نصت بنود هذا الدستور على أنه في حالة مهاجمة المدينة من قبل عدو، فعليهم أن يتحدوا جميعا لمواجهته .

وبذلك استطاع - صلى الله عليه وسلم - في فترة وجيزة جدا أن يحل جميع المشاكل المعقدة جدا التي واجهت المسلمين في المدينة بنجاح وحكمة ،شهد لها القاصي والداني . لذلك فإنّ مايكل هارت مؤلف كتاب
( الخالدون المائة الأوائل )
وضع شخصية النبي محمد الذي ولد في بيئة صحراوية جاهلة و فقيرة و بعيدة عن العلم ؛؛ وضعها {{ الأولى في كل العالم }} . هذه مدرسة محمد يا أمة الإسلام ؛ معين العلم والأخلاق و السياسة و الاقتصاد . . .
الذي لا ينضب .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم