عرض مشاركة واحدة
قديم 01-04-21, 08:42 AM   #1
عطاء دائم

الصورة الرمزية عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (07:45 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي الطاقات المعطلة



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

- أستطيع أن أقول ..

بمنطق المفكر المسلم الأصيل أن الرجل الانجليزى الذى اكتشف قوة البخار، والذى ترك عقله يسرح وراء غليان الماء، وضغط مادته المتحولة من سائل إلى غاز...!
هذا المفكر كان أقرب إلى فطرة الإسلام من علمائها الذين تساءلوا:

هل صفات الله عين ذاته؟ أم غير ذاته؟ أم هى لا عين ولا غير؟؟ وعقدوا لذلك مبحثا قسمهم فرقا، وخرج منه جمهورهم مخبولا لا معقولا...!!!

إن المجال الطبيعى لملكات الإنسان العليا هى البحث فى هذا الكون.
ومن نتائج هذا البحث يتكون الإيمان بالله، وتشرب الأفئدة طرفا من عظمته.
وكل ميدان افتتح للمجادلات الغيبية كان تبديدا آثما لطاقتنا العقلية.

وكل عائق اصطنع لمنع العقل الإنسانى من التجوال فى الآفاق والائتناس بمجالى القدرة العليا فى الأرض والسماء، فهو عائق افتعله الجهل أو الضلال والإسلام برئ منه...!!!

وليست للإنسان المسلم صومعة يعتزل فيها، ويحتبس نشاطه وراء جدرانها ويعد عابدا لله بادمانه التسبيح والتحميد داخل حدودها الموحشة المنقطعة.
كلا، فالعالم أجمع صومعة المسلم، والكون الكبير مسرح نشاطه..
واسمع هذا النداء: (يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون).

إن الصلاة- وهى الكتاب الموقوت- يأذن الله بقصرها حين الضرب فى الأرض، لأن الضرب فى الأرض عبادة ترتبط بسيطرة الإنسان على الكون وهيمنته على هذه الحياة الدنيا..

ولو أن الصالحين من المسلمين عرفوا منطق كتابهم فى تقويم الإنسان وتقرير حظوظه من السيادة المادية والأدبية لانساحوا فى أنحاء المشرق والمغرب ينظرون ويكتشفون كما فعل المجاهدون من رجالات القرن الأول..
لكنهم حقروا أنفسهم وقعدوا فى أوطانهم، وتضاءل العالم كله فى أعينهم، فأصبح حركة عقيمة بين دورهم ومساجدهم..حركة يقطعها الموت وهى أشبه ما تكون به!!

على حين انطلق الأوروبيون يخترقون القفار ليعلموا ما بعدها! ويركبون البحار شهورا طوالا ليدركوا ما وراءها ! كأنما هم وحدهم الذين كلفوا من عند الله بالتمكن فى أرضه، والسيطرة على خلقه !!

والجدير بالذكر أن القرآن الكريم ألح على المسلمين أن يسيحوا فى الأرض وأن يسيروا فى البر والبحر، ليربوا إيمانهم، وتتسمع معارفهم، وتنصقل تجاربهم، وتزيد حصيلة الحقائق التى لديهم عن الوجود والتاريخ.

(قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين).
(أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها).
(أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض).


والقرآن الكريم يحصي خلال الخير فى المؤمنين فيجعل السياحة من بينها:
(التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله)،

وليست السياحة للرجال فقط بل هى للنساء أيضا، ففى خصال الفضل التى ترشح طائفة من النسوة للزواج بالرسول خُلق السياحة :
(عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا).

الشيخ محمد الغزالي