الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-27-21, 08:10 AM   #164
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (02:48 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 151 »
السيرة النبوية العطرة (( قصة فداء أبي العاص بن الربيع زوج " زينب " بنت النبي – صلى الله عليه وسلم – ))
______
نموذج آخر من فداء الأسرى هو (( ابو العاص بن الربيع )) زوج زينب أكبر بنات النبي - صلى الله عليه وسلم - {{ خالته أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها }} . كان أبو العاص رجلا شهماً مشهورا بالأمانة في قريش ، وقد تزوج من زينب قبل البعثة ، و كان يحب زوجته زينب حباً كبيراً ، كذلك كانت زينب تبادله نفس المشاعر .

وعندما وسّع كفّار قريش في عداوتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم – قالوا : ردوا عليه بناته . فكانت بنتا النبي {{ رقية وأم كلثوم }} مخطوبتين لابني أبي لهب ( عتبة و عتيبة ) ، فأمرت " حمالة الحطب " زوجها أبا لهب و ابنيها أن يطلقا رقية و أم كلثوم ، فتمّ طلاقهما فورا .

وكان أبو العاص زوج ابنة النبي الكبيرة " زينب " في تجارته للشام ، فلما رجع من سفره ، ذهبت قريش كلها إليه كي تقنعه أن يطلق زينب من باب [[ التضييق على النبي ومحاربته ]] ،

فقال لهم أبو العاص : لا وربِ هذه البنية [[ اي الكعبة ]] لا أفارق صاحبتي ، فليس بيني وبينها ما يدعو لذلك، ولم أر من محمد إلا خيراً ، أنا لست على دينه، ولكني لا أفارق ابنته . فقالوا له : فارقها ونحن نزوجك بمن تريد من بنات قريش، فرفض عَرضهم ، [[ يعني عندي زينب بنساء قريش كلها ]] ،

ورجع لبيته فحمل ابنه علي و ابنته أمامة ؛ واقترب من زوجته و حبيبته زينب وقال لها مبتسما : لا عليك ، لن ينالوا مما بيننا يا زينب ، أنت على دين أبيك ، و أنا على ديني . وعندما هاجر أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم – منع أبو العاص زينب من الهجرة {{ محبة بها ، فهو لا يستطيع فراقها }} وبقيت معه في مكة ، ولما كانت غزوة بدر؛ خرج مع قومه مكرهاً ، فوقع في الأسر .
رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الأسرى ، وهو يعرف حسن مصاهرته ولكن ؛ {{ سيف الميزان والعدل قائم }} ، فأمره النبي أن يفدي نفسه ، فأرسل إلى مكة يطلب فداء نفسه . وصل الخبر إلى زوجته زينب ، فقامت - رضي الله عنها - على الفور ، وجمعت ما معها من مال ؛ لكنه لم يكف للفداء ، فنزعت قلادتها من عنقها ، ووضعتها على المال .

(( وهذه القلادة لها تاريخ وقصة )) : زينب كانت أول بنت تتزوج من بنات رسول الله ، وأمها خديجة بنت خويلد سيدة قريش ، وذات مال بسبب تجارتها، فلما حان موعد زفاف ابنتها زينب ، اعتبرتها مناسبة جميلة وجليلة ، فنزعت قلادتها و ألبستها لبنتها
[[ يعني مثل ما بنحكي : أول فرحة ولازم أنقط بنتي شيء مستاهل ]] .
فلما وصل المرسال بالمال ليفدي أبا العاص ، وضع المال بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فنظر النبي إلى المال ، فوقع نظره على قلادة خديجة ،فتذكر محبته وشوقه لخديجة - رضي الله عنها - وعرف أيضا مدى حب زينب لزوجها ، ورقّ لها رقّة شديدة بسبب غربتها عنه ، فلم يملك نفسه ، وبكى - صلى الله عليه وسلم - .

فلما عرف الصحابة ذلك ، قالوا : ماذا ترى يا رسول الله ؟؟ قال : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها ! فقالوا : نعم . [[ يعني خذوا باقي المال وخلوا القلادة هدية لزينب ، هذا إذا وافقتم ]] .

ولاحظوا معي : نبيّنا لا يُحابي أحدا على حساب الدّين ، فقد أخذ الفدية حتى من زوج ابنته ، كذلك ابنة النبي " زينب " لم تطلب شفاعة لزوجها من أبيها ، لأنها تعلم عدل أبيها ، و ما يجري لزوجها يجري على الجميع ؛

إنّه عدل الإسلام .
وقبل أن ينطلق أبو العاص بن الربيع عائدا إلى مكة ، استوقفه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال له : يا أبا العاص ، لقد فرّق الله بين المؤمنين والكافرين فزينب لا تحل لك زوجة بعد اليوم ، فإذا بلغت مكة فأرسلها إلينا ، و أخذ عليه عهدا، فقال له أبو العاص : لبّيك .

ثم قفل أبو العاص عائدا إلى مكة ، وهو لا يدري كيف له العيش بدون زينب ؟! ولمّا وصل جهز لها زادها وراحلتها ، وأخبرها بأن رسل أبيها ينتظرونها غير بعيد عن مكة . ومن شدة حبه لها ، لم يتمالك نفسه بأن يوصلها إلى أطراف البادية ويودعها ،

فطلب من أخيه عمرو أن يرافقها ويسلمها في أطراف البادية لرسل أبيها ، وكان أبو سفيان قد طلب من عمرو أن لا يخرج بزينب علانية على رؤوس الناس ،[[ يعني الناس لسه في مكة تبكي وتنوح على قتلى بدر وأنت ستخرج أمامهم بزينب بنت محمد عدوهم !! راعي مشاعرهم يا أخي ]] ، فنزل عمرو عند رغبة أبي سفيان ، وخرج بها ليلاً بعد أيام معدودات ، وأسلمها إلى رسل أبيها يدا بيد كما أوصاه أخوه .

ظلت زينب ترفض الخطّاب لمدة ست سنوات ،على أمل أن يعود إليها زوجها وأبو ولديها مسلما . وكان أبو العاص يوما في تجارة لقريش إلى الشام ، وعند عودته التقته سرية من المسلمين ، فأصابوا كل ما معهم وهرب هو منهم ، وتسلل ليلا حتى وصل إلى بيت زينب ، فقال لها : ج


ئت هارباً مستجيراً ، ولمّا خرج المسلمون لصلاة الفجر صرخت زينب وقالت : أيها الناس ،{{ أنا زينب بنت محمد، وقد أجرت أبا العاص فأجيروه }} ، فلما سلم النبي وانتهى من الصلاة ، التفت إلى الناس وقال: هل سمعتم ما سمعت؟! أما والذى نفس محمد بيده ، ما علمت بشيء من ذلك حتى سمعت ما سمعتم ، وإن هذا الرجل ما ذممته صهرا ، وإن هذا الرجل حدثني فصدقني ، ووعدني فوفّى لي ، فإن قبلتم أن تردوا إليه ماله ، وأن تتركوه يعود إلى بلده ، وإن أبيتم فالأمر إليكم .

فقال الناس: بل نعطه ماله يا رسول الله . فقال النبي: قد أجرنا من أجرتِ يا زينب . فلما رجع أبو العاص إلى مكة ، وقف أمام الكعبة يوزع أموال التجارة الرابحة على أصحابها ، ثم قال : يا معشر قريش ، هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه؟ فقالوا: لا . فرفع صوته قائلا : إذن فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله . ثم عاد إلى النبي ، و أخبره بإسلامه ، واستأذن زينب أن ترجع إليه ، فوافقت .


لم تعِش زينب - رضي الله عنها - طويلاً بعد إسلام زوجها والتقائها به، إذ توفِّيت في العام الثامن من الهجرة النبوية ، وبكاها زوجها بكاء شديدا، والذي توفاه الله في العام الثاني عشر من الهجرة ، رضي الله عنهما و أرضاهما .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم