الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-29-21, 07:35 AM   #165
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (07:33 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 152 »
السيرة النبوية العطرة (( فداء الأسرى: سهيل بن عمرو// أبو عزّة الجمحي ))
______
وكان من بين الأسرى {{ سهيل بن عمرو }} خطيب مكة ، وأشدهم عداوة للإسلام ، وجاء في بعض روايات كتب السيرة أنّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : يا رسول الله دعني انتزع ثنيتيه [[ أسنانه ]] حتى لا يقوم عليك خطيباً بعد اليوم ؛ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا يا عمر، لا أمثّل بأحد فيمثّل الله بي ولو كنت نبياً، وما يدريك لعل سُهيلا يقف في يوم من الأيام موقفاً تُثني عليه فيه ، فقبل المسلمون فداءه .

وتمضي الأيام ، ويسلم سهيل بعد فتح مكّة ، ثمّ ينتقل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى ، ويستخلف أبا بكر الصّدّيق ، وطار الخبر إلى مكة ، فقام بعض الناس يدعون إلى الرّدّة عن الإسلام ، وهُنا قام سهيل بن عمرو متوشحاً سيفه ، وخطب بالناس ، فحمد الله و أثنى عليه ، وصلى على رسوله ، ثم قال : أما والله إني لأعلم بأن دين الله سيبلغ مشرقه ومغربه ، وأن الله متم نوره ، ولقد جمع الله أمركم على خيركم ألا وهو " الصدّيق " الذي أثبت الله صحبته لنبينا بنص قرآني ، ألم تقرؤوا قول الله تعالى :

{{ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا }} ، ففاز بمعية الله ورسوله ، من دون أصحاب النبي ، فامضوا على ما أنتم عليه [[ أي على دين الإسلام ]] فوالله الذي لا إله إلا هو، ومن بعث محمداً نبياً ؛ما أرتد رجل في مكة إلا ضربت عنقه . فأجمعت مكة كلها على الإسلام . [[ أرأيتم أثر تسامح الإسلام في قلب سُهيل ؟؟ أصبح سيفا للإسلام بعد أن كان أشد أعدائه !!! ]] .

وكان في الأسرى أيضا {{ الشاعر أبوعزة الجمحي }} ، رجل من شعراء قريش ، وكان يؤذي المسلمين كثيراً ، وقع في الأسر يوم بدر ولكنه فقير، فنظر للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : يا محمد ، تعلم عيلتي وكثرة عيالي [[العيلة هي الفقر ]] من للصبية يا محمد ؟؟

فأمنن جُزيت خيراً . فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: نمُن عليك [[ أي أن يُطلق بلا فداء ]] شريطة ألا تحرك علينا بشعرك أبداً [[ لا تستعمل شعرك بالعداوة للإسلام و المسلمين ]] ، ولا تسل سيفك في وجهنا بعد اليوم ابداً . قال : لك ذلك ، يا محمد .
و بعد أن عفا النبي عنه، أخذ يحدث عنه أهل مكة ، و مدحه قائلا :

مَنْ مبلغ عني الرسول محمدًا **** بأنك حق والمليك حميدُ
وأنت امرؤ تدعو إلى الحق و الهدى **** عليك من الله العظيم شهيد

ولكن هذا الشاعر سرعان ما خان عهده للنبي و للمسلمين!! فبعد عام تقريبا خرجت قريش لأخذ ثأرها يوم غزوة أحد ، فكان الشاعر أبوعزة أول من حرك الناس بشعره ضد المسلمين ، حيث قال :

يا بني عبد مناة الرزام * * * أنتم حماة وأبوكم حام

لا تعدوني نصركم بعد العام * * * لا تسلموني لا يحلّ إسلام

انتهت المعركة ، وفي اليوم التالي استطاع الصحابة أن يأسروا هذا الشاعر في حمراء الأسد ،عندما كانوا يلاحقون فلول قريش ، فأتوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

تقول بعض روايات كتب السيرة : فنظر إليه النبي قائلا : أين عهدك يا أبا عزة ؟؟ !! ألم نمنن عليك لقاء عهد بأن لا تحاربنا ولا تحرض علينا ؟؟ قال : معذرةً وعفواً يا محمد ، أمنُن ولن أعود إليها أبداً . فقال النبي : لا والله لا تمسح عارضيك بمكة ، وتقول خدعت محمداً مرتين ، {{ لا يُلْدَغُ المؤمِنُ مِن جُحْرٍ مَرّتَين }} و أمر بضرب عنقه .

وهذا درس لنا في التعامل مع الأعداء ، لا أمان لهم ، لا ثقة بهم ولا بمعاهداتهم ، ضاعت البلاد و انتشر الفساد من وراء كلامهم المعسول ، والمشكلة أنهم لا زالوا يخدعوننا ، ولا زلنا نصدّقهم !!! ليتنا نفهم من دروس السيرة كيف يجب التعامل معهم .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم