الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-03-21, 08:22 AM   #170
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (07:01 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 157 »
السيرة النبوية العطرة (( زواج علي بن أبي طالب من فاطمة بنت رسول الله رضي الله عنهما / ج3))
______
. . . مضت السنوات ، وكانت مشيئة الله - سبحانه و تعالى - أن رَزق علي و فاطمة (( الحسن و الحسين ومحسن " مات بسن الرضاعة صغيرا " و زينب و أم كلثوم )) .
وكان نبينا - صلى الله عليه وسلم - يولي أحفاده عناية خاصة، يستشعر من خلالها الأبناء والأحفاد والأسرة كلها جو الرحمة والألفة، والحنان والمحبة، فكان - صلوات الله وسلامه عليه - يُسمّي أحفاده أحسن الأسماء ؛ فقد سمّى الحسن و الحسين و محسن بهذه الأسماء ، بعد أن كان علي - رضي الله عنه – يرغب في اسم ( حرب ) ،

وكان – صلى الله عليه و سلم – يلاطف أحفاده ويداعبهم، ويحملهم ويقبلهم، ويركبهم على ظهره، حباً لهم، وتلطفاً معهم، ويأخذهم معه إلى المسجد، بل ويحملهم في صلاته، ويُرقيهم ، ويدعو لهم، ويهديهم لما للهديّة من أثر في قلب الحفيد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

" خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه الحسن والحسين، هذا على عاتقه (ما بينَ مَنْكِبه وعُنُقِه) وهذا على عاتقه، وهو يلثم (يُقَبِّل)هذا مرة وهذا مرة، حتى انتهى إلينا، فقال له رجل: يا رسول الله ، إنَّك لَتُحِبُّهُما؟

قال: من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني " . رواه أحمد وصححه الألباني. هكذا هو نبينا أسوة حسنة في التعامل مع الناس صغيرهم وكبيرهم، مؤمنهم وكافرهم، قال الله تعالى: { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } .

وساد بيتهم المودة المحبة ، وكان عليه الصلاة و السلام يُكثر من زيارته لهما ، فيعمّ الفرح أرجاء البيت ، وكانوا يُبادلونه مشاعر المحبة و السرور .
عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت :

(( كانت إذا دخلت فاطمة على النبي قام إليها فأخذ بيدها وقبّلها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبّلته وأجلسته في مجلسها )) . [[ يا آباء ، هل تقومون بذلك عندما تأتي ابنتكم لزيارتكم ؟ اجبر بخاطر بنتك ولا تنشغل عنها ، واستقبلها حسن الاستقبال حتى تنسى همومها ، وعشان تشعر بالأمان و الرعاية و العطف أكثر ، وعشان تعلي من قيمتها أكثر قدّام زوجها ، و يصير يحترمها أكثر ]] .انسوا التلفونات و المسلسلات و اهتموا ببعض أكثر .


و رُوي أنَّ فاطمةَ - رضِي اللهُ عنها - شَكَتْ لزوجها ما تَلْقَى في يدِها مِن أثَر الرَّحى ممَّا تَطحَنُ، فأتى النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - سَبْيٌ، فانطلَقتْ إليه فاطمةُ - رضِي اللهُ عنها - تسألُه خادِمًا، فلم تَجِدْه، فوجَدتْ عائشةَ - رضِي اللهُ عنها - فأخبَرَتْها بذلك، فلمَّا جاء - صلَّى الله عليه وسلَّم - أخبَرتْه عائشةُ - رضِي اللهُ عنها - بمجيء فاطمةَ إليه لتسألَه خادمًا، قال عليٌّ رضِي اللهُ عنه: فجاء النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلينا وقد أخَذْنا مَضاجعَنا، فذهَبتُ لأقومَ ، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم - :

على مكانِكما، أي: الْزَمَا مكانَكما، فقعَد بيننا حتَّى وجَدتُ بَرْدَ قدمَيْه على صدري، وقال: ألَا أُعلِّمُكما خيرًا ممَّا سألتُماني؟ إذا أخَذتُما مضاجعَكما مِن اللَّيل تُكبِّرا أربعًا وثلاثينَ، وتُسبِّحَا ثلاثًا وثلاثينَ، وتَحمَدَا ثلاثًا وثلاثينَ؛ فهو خيرٌ لكما من خادم . قالَ عَلِيٌّ: ما تَرَكْتُهُ مُنْذُ سَمِعْتُهُ مِنَ النبيِّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ - قيلَ له: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ؟ قالَ : وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ .

[[ هذه رسالة إلى كل إنسان يعاني ويتعب في عمله وفي حياته ، فهذه الأذكار تكفير للذنوب و رحمة من الله لعباده " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " ]] .
ولم يمنع حُب النبي - صلى الله عليه وسلم – لفاطمة وزوجها من الإعلان بكل صراحة ووضوح أنه [[ لا مُحاباة على حساب الدّين ]] ؛

فيُروى أنَّ قُرَيْشًا أهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتي سَرَقَتْ، فَقالوا: ومَن يُكَلِّمُ فِيهَا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فَقالوا: ومَن يَجْتَرِئُ عليه إلَّا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - : أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ؟! ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قالَ:
إنَّما أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ، أنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقَامُوا عليه الحَدَّ، وايْمُ اللَّهِ لو أنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا.

وفي حديثنا عن فاطمة وعلي - رضي الله عنهما و أرضاهما - لا بدّ أن نذكر أمورا اختلطت على أذهان بعض الناس ، فكان لا بُدّ من الإشارة إليها . فعن عمر بن أبي سلمة قال : لمَّا نزلت هذِهِ الآيةُ على النَّبيِّ - صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ – " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ


الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا " في بيتِ أمِّ سلمةَ، دعا رسول الله فاطمةَ وحَسنًا وحُسينًا فجلَّلَهم بِكساءٍ ،وعليٌّ خلفَ ظَهرِهِ فجلَّلَهُ بِكساءٍ، ثمَّ قالَ : اللَّهمَّ هؤلاءِ أَهلُ بيتي فأذْهِب عنْهمُ الرِّجسَ وطَهِّرْهم تطْهيرًا . فقالت أمُّ سلمةَ زوجة النبي : وأنا معَهُم يا نبيَّ اللَّهِ ؟؟ قالَ : أنتِ على مَكانِكِ وأنتِ على خيرٍ. وفي رواية قال لها : بلى إن شاء الله " . وهذا حديث صحيح .

[[ أي لا حاجةَ لكِ في الدُّخولِ تَحتَ الكِساءِ يا أم سلمة ، يا زوجة رسول الله ؛ فأنت من أهل البيت ، وهذا لا يَدُلُّ على أنَّ غيرَها مِن زوجات النَّبيِّ - صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم – لسن من أهلِ البيتِ، وإنَّما خصَّ النَّبيُّ علي و فاطمة وابنيهما بالدُّعاءِ لتَكْريمِهم؛ و حتَّى لا يُتَوهَّم أنَّهم ليسوا مِن أهلِ البيتِ؛ لأنَّهم يَسكُنون في غيرِ بيتِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ]] والله أعلم .

ودائما نقول : إنّ حُبَّ آلِ بَيتِ النَّبيِّ - صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم - يُقرِّبُ العبدَ إلى ربِّه سبحانه وتعالى، فبِحُبِّ النَّبيِّ - صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم - نُحِبُّهم، ونُنزِلُهم مَنازِلَهم كما أنَزلهم اللهُ ، دون غُلوٍّ فيهم ولا تفريطٍ في حُبِّهم كما تفعل بعض المذاهب ، والتي اقتصرت آل البيت على علي وفاطمة وأبناءهما فقط ، حتى إنهم استثنوا زوجات النبي عليه الصلاة و السلام!!

وهنا نبيّن للقارئ الكريم إنّ مصطلح [[ آل البيت ]] وردت فيه أقوال كثيرة ، وأكثر الأقوال في المُراد بآل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّهم : أزواجه وذريته وبنو هاشم وبنو المطلب ومواليهم ، بمعنى " من حُرّمت عليهم الصدقة " ، شريطة الاتباع لدين لمحمد – صلى الله عليه وسلم - ، فلو كانت بالنسبة الدموية فقط ؛ لما نزل قول الله تعالى " تبت يدا أبي لهب وتب " وهو عم النبي عليه الصلاة و السلام .

فعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث أنّ النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - رفض أن يمنحه شيئاً من الصدقات، وكذلك الفضل بن عبّاس، وقال لهما: (( إنَّ هذِه الصَّدَقاتِ إنَّما هي أوْساخُ النَّاسِ،

[[ أي: إنَّها تطهيرٌ لأموالِ الناس وأنفُسِهم ]] وإنَّها لا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، ولا لِآلِ مُحَمَّدٍ )) . المصدر : صحيح مسلم . وهذا من الدلائل على أن المقصود بآل البيت جميع من حُرّمت عليهم الصدقة ، وليس فقط ذرية علي وفاطمة - رضي الله عنهما – كما يقول البعض .

وقال تعالى : " يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا . وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا . وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا " [ الأحزاب:32-34]

هذه الآية تسمى آية التطهير، وقد نزلت في نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - فالذي يراعي سياق هذه الآيات يوقن أنها في نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة. وأما قوله تعالى:

" إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا " ، فقد قال البعض إنها خاصة في علي و زوجته فاطمة و ابنيهما ، وهم فقط آل البيت !! وهذا تفسير مبتور، إذ لا يمكن تفسير الآية بمعزل عن الآيات الأخرى، فكل الآيات تتحدث عن نساء النبي ، وما ورد من دُعاء النبي لعلي و فاطمة و ابنيهما في الحديث السابق الذي رواه عمر بن أبي سلمة ؛ هو بعد نزول هذه الآيات ، وكان دعاء النبي لعلي و زوجته و أبنائهم – رضي الله عنهم جميعا - تعقيبا واقتباسا من الآيات ، وليس بسببهم نزلت .

أما قوله تعالى { لِيُذْهِبَ عَنكُمُ } ولم يقل: (عَنْكُنَّ) وقوله تعالى:{ وَيُطَهِّرَكُمْ } ولم يقل: (وَيُطَهِّرَكُنَّ) ؛ ذلك لأن النساء دخل مَعهنَّ لفظا مذكّرا وهو " النبي " وهو رأس أهل بيته . ولهذا الأسلوب أمثلة في كتاب الله تعالى ، منها : ما جاء عن زوجة إبراهيم - عليه الصلاة السلام - : { قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّـهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّـهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ} ، فالمراد هنا بأهل البيت إبراهيم عليه السلام وزوجته ، والله أعلم .

. . . يتبع " غزوة السّويق وغزوة غطفان "

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم