الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-05-21, 08:48 AM   #173
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (08:31 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 160 »
السيرة النبوية العطرة (( أحداث اجتماعية في السنة الثالثة للهجرة ))
______
كما نعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد صاهر قبل الهجرة أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - فخطب ابنته عائشة الصديقة ، وبنى بها بعد الهجرة ، وبعد بدر توفي زوج [[ حفصة ]] بنت عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما – وهو الصحابي خنيس بن حذافة السهمي وقد شهد بدراً ، وأصيب بجراحه ، وبعد أشهر من بدر وافاه الأجل ، فأصبحت حفصة بنت عمر، أرملة ولم تتجاوز الثامنة عشرة من العمر ، ولم تنجب منه أولادا .

وانتظر عمر حتى انقضت عدتها ، وأراد أن يبحث عن زوج صالح لابنته حفصة ، التي ما زالت في سن الشباب [[ وهذا ما يستعصي على عقول الكثيرين في زماننا !! إن الرجل يبحث عن زوجة صالحة لابنه ولكن ابنته . . . لا !! مع أنّ البحث عن زوج صالح للبنت هو الأوجب ، فالكثير من الآباء يستهجن البحث عن زوج لابنته ويعتبره عيبًا وعارًا ولو أدّى الامتناع منه إلى عنوسة ابنته وإلى حرمانها من الزواج ، أو الوقوع في المعاصي – لا قدّر الله - فما المانع من ذلك ما دام الرجل المعروض عليه الزواج من أهل التقى والصلاح والعقل والحكمة ، وممّن يقّدرون للوالد صنيعه ولا يتاجرون بهذا العرض، وما دام مُراد الوالد من هذا العرض طلب العفّة بالحلال لا طلب الجاه أو المال ؟؟؟؟ ]] .

جاء في بعض الروايات إنّه بعد انقضاء عدة حفصة - رضي الله عنها - عرَضها عمرُ على أبي بكرٍ فسكتَ ، فعرضَها على عثمانَ حين ماتَتْ رقيَّةُ بنتُ النَّبِيِّ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّمَ - فقال : ما أريدُ أن أتزوَّجَ اليومَ ، فذكر ذلك عمَرُ لرسولِ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وآلِهِ وسلَّمَ - " فقالَ – كما جاء في بعض الروايات - : يتزوَّجُ حفصةُ من هو خيرٌ من عثمانَ ، ويتزوَّجُ عثمان بمن هي خيرٌ من حفصَةَ "، ففهم عمر الرسالة اللطيفة من النبي – صلى الله عليه وسلم - فمن هو الذي خير من أبي بكر وعثمان غير الرسول عليه الصلاة و السلام ؟؟ ثم لقِيَ أبو بكرٍ عمرَ فقال : لا تجِدْ عليَّ [[ يعني لا تزعل منّي ]] فإنَّ رسولَ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم - ذكَر حفصَةُ ، فلم أكُنْ أفشِي سرَّ رسولِ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ - ولو تركها لتزوَّجتُها .

إذن فقد تزوج النبي – صلى الله عليه وسلم – ب [[ حفصة ]] على مثل صداق زوجاته ، و زوّج عثمان بن عفّان بابنته [[ أم كلثوم ]] على مثل صداق أختها رقية – رحمة الله عليها –، وكان هذا الزواج بعد حوالي ستة أشهر من وفاة رقيّة [[ و البعض اليوم بعمل حداد وبلغي الأفراح مدة طويلة بحجة الحزن على الميت !! وليتنا نرجع إلى هدي نبينا - صلى الله عليه وسلم - ، فما أخذنا من العادات والتقاليد إلا الجهل والتخلف ]] ، وقد فرح عثمان بن عفان كثيرا بهذا الزواج ، و أصبح يُسمّى ب (( ذي النّورين ))؛ فقد نال شرف الزواج بابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وكما أخبرتكم في بداية السيرة كانت رقيّة قد خُطبت فقط لعتيبة بن أبي لهب، ثم فسخت الخطبة بطلب من زوجة أبي لهب ، وكان عثمان له ولد من رقية اسمه {{ عبدالله بن عثمان }} فكانت أم كلثوم هي التي تتولى تربية ابن أختها ورعايته ، ولم تنجب أم كلثوم ، فكانت قد ركزت كل عواطف الأمومة بداخلها على ابن اختها اليتيم ، وقد تُوفّي وعمره ست سنوات .

وفي هذه الأحداث قيل :

وأُنكحت رقية عتيبة وأم كلثوم أخاه عتبة
فطلقاهما معاً إذ نزلا تبت فتبَّاً لهما إذ فعلا
ثم تزوج ابن عفان الرضى رقية أتت بنجل فقضى
وهو ابن ست بعد موت الأم في سنة اثنين بغير وهم
وأنكح الأخرى بدون مين ومن هنا لقب ذا النورين
وفدت أم المؤمنين حفصة على بيت النبي - عليه الصلاة والسلام - وهي مملوءةٌ شوقًا وطموحًا ورغبة في تعلم كل ما تستطيعه من علوم الدين ، و عُرفت بالصيام والقيام، والعلم ونقل الأحاديث عن النبي عليه السلام، وقد كانت هي وحدها من اختيرت لتُحفظ في بيتها النُسخة الخطيّة للقرآن الكريم ، قبل أن يطلبها منها عثمان - رضي الله عنه – لتُنسخ و تُوزّع على الأمصار . وتوفّيت في آخر خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنهم جميعاً.

كانت حفصة تحتل مكانة عالية في قلب زوجها النبي، تقول في هذا أم المؤمنين عائشة عن حفصة : هي التي كانت تساميني [[ أي تباريني ]] من أزواج النبي عليه الصلاة والسلام . ولم لا تساميها وهي ابنة أبيها عمر بن الخطاب في الذكاء وقوة الشخصية ؟؟ عائشة نفسها كثيرًا ما تصف حفصة بأنها ابنة أبيها. ولا شك أن عائشة - رضي الله عنها - كانت من أحب نساء النبي إليه، ولهذا سأل الله تعالى ألا يؤاخذه في الميل العاطفي لأنه لا يملكه، فكان يقول عليه الصلاة و السلام : " اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " ، عائشة وحفصة كانتا صغيرتين بالعمر

[[ بنات عندهن الغيرة ، طبيعة بشرية ، هكذا خلق الله - عزوجل - الإناث وفطرهنّ على ذلك ]] ، لذلك كان يقع بينهما أحيانا بعض المواقف . وجاء في بعض الروايات أن النبي – صلى الله عليه وسلم – طلّق حفصة وراجعها إليه في نفس اليوم وهي في بيته ، [[ لأن الأصل أن تبقى المطلقة في بيت زوجها لعلّ القلوب تتصافى ، على عكس ما يحدث اليوم ، حيث تذهب البنت إلى بيت أهلها مباشرة ]] .

و بعد الزواج من حفصة – رضي الله عنها - بشهر واحد وفي رمضان من السنة الثالثة من الهجرة ؛ تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - من السيدة {{ زينب بنت خزيمة }} ، وكانت قد تزوجت مرتين ، مرة في الجاهلية ومات زوجها ، ثم تزوجت عبيدة بن الحارث ومات أثناء المبارزة في بدر ، و كانت طيبة القلب، شديدة العطف على الفقراء والمساكين، و لم تألُ جهداً في رعاية الأيتام والأرامل فاستطاعت بذلك أن تزرع محبتها في قلوب الضعفاء والمحتاجين ، حتى أطلق عليها {{ أم المساكين }} ،

وكان زواجه - صلى الله عليه وسلم - من زينب بنت خزيمة جبراً لخاطرها ، ومواساة لها، كما كان زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من السيدة سودة بنت زمعة ، وفي هذا إشارة لكل الصحابة حتى يكون لهم دور اجتماعي في الزواج من الأرامل اللاتي يفقدن أزواجهن ، خصوصاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم بحسه السياسي أن الدولة الإسلامية مقبلة على عدد كبير من المواجهات والحروب ، وستنشأ في المدينة مشكلة اجتماعية خطيرة إذا أهملها الصحابة ..

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم