الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-16-21, 08:55 AM   #182
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (07:37 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 169 »
السيرة النبوية العطرة (( تمثيل قريش بشهداء أحد ))
______
استطاع جيش المسلمين أن يشق طريقه إلى شعب الجبل ، واستقر الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمسملون في الشعب ، و حاول أبو سفيان و خالد بن الوليد و من معهما من جنود قريش أن يصعدوا الجبل ، فأخذ سعد يرميهم بالسهام ، وانطلق إليهم عمر بن الخطاب ومعه مجموعة من المسلمين حتى أهبطوهم من الجبل .

رجع المشركون إلى معسكرهم لاعتقادهم أنهم قد حققوا هدفهم ، وبدأوا يستعدون للعودة إلى مكة ، واشتغل رجالهم ونساؤهم بالتمثيل بقتلى المسلمين . وفي هذه الأثناء ألقى الله النعاس على الصحابة ، رحمة بهم ، وحتى لا يروا ما تصنعه قريش بتشويه أجساد الشهداء ، فتأخذهم الحمية فيجددوا المعركة من جديد ، وهم الآن مثقلون بالجراح و النتيجة ستكون غير محمودة العُقبى . النعاس: الفتور في أوائل النوم ، ومن شأنه أن يزيل عن الإنسان بعض متاعبه ولا يغيب صاحبه ، فلذلك كان أمنة لهم : لأنه لو كان نوما ثقيلا لهاجمهم المشركون .

[[ ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِّنكُمْ ]] .

لقد فعلت قريش في أحد العجب العجاب ، فعلوا أشياء لم تعرفها العرب من قبل ، فقد أخذوا يتفقدون شهداء المسلمين ، وما وقفوا على جثة شهيد من المسلمين إلا ومثلوا بها [[ التمثيل أي تشويه الجثث ]] ، فجاءت هند بنت عتبة إلى جثة حمزة ، عم النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قتله وحشي بحربته ، حيث دلها وحشي على مكانه ، فقالت له :

[[ شق بطنه و أخرج كبده ... لتشفي غليلها و حقدها ]] ، وحاولت أن تمضغها وتبتلعها ، فلم تستطع . لم يكفها ذلك فقطعت أذن حمزة وأنفه ، وأنوف وآذان عدد من كبار الشهداء كمصعب ، وعبدالله بن جحش ، وغيرهم ، وجعلت منها قلادة في عنقها لتدخل بها مكة مفتخرة بالنصر . ولم يكن أبو سفيان أحسن حالا من زوجته هند ، فقد أخذ حربته وعكسها ، فجعل كعبها في الأرض ، وأخذ يدق فك حمزة ويقول له : [[ ذق عقق ]] يعني : ذق القتل يا عاق قومه ، كما قتلت يوم بدر من قومك ، [[ يعني كفار قريش ]] .

فرأه سيد الأحابيش ( حليس ) وقال له : ما رأيت اليوم أعجب من سيد بني كنانة و سيد قريش يفعل هذا بابن عمه لحماً ؟!!!

[[ يعني جسد قد مات لا يستطيع أن يدافع عن نفسه جاي تستقوي عليه ]]
فقال له أبو سفيان : ويحك لا ترفع صوتك ، اكتمها عني فقد كانت زلة [[ لأن هذا التصرف مشين وعيب، لا يفعله إلا الجبناء ]] ، وأخذ باقي جيش قريش أيضا يقطعون الآذان والأنوف ويشقون البطون و يمثّلون بالشهداء .

بعد ذلك تهيأ المشركون للانصراف ، وكانوا يعتقدون أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد قًتل ، فأراد أبو سفيان أن يستوثق من الأمر ، فاقترب من الجبل ومعه مجموعة من المشركين ونادى : أفيكم محمد ؟ أفيكم ابن أبي قحافة [[ اي أبو بكر ]] ؟ أفيكم عمر بن الخطاب ؟ . . .

فلم يجبه أحد ، فاعتقد أبو سفيان أنهم قد قتلوا ؛ فصاح في سعادة وفرح : لقد انتصرنا . . . لأن نهاية هؤلاء تعني نهاية الدّين .

وهنا لنا وقفة : فقريش خرجت بجيشها لهدف واحد من البداية وهو كما قلنا قتل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وانتصارها يعني تحقيق هدفها ، هم صحيح أصابوا من المسلمين ، ولكنهم لم ينتصروا على الإطلاق ، والنصر عند العرب قديماً كان يعتمد على بقاء المنتصر في موقع المعركة ثلاثة أيام دليلا على سيطرته ، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر ، وقد ذكرتها لكم ، ولكن قريشا انسحبت في نفس الساعة ورجعت لمكة ، فشروط النصر جميعها لم تتحقق لقريش ، لذلك لا نقول هزيمة المسلمين في أحد ، بل إصابة المسلمين في أحد ، وهذا هو التعبير الأدق . وللأسف أتألم عندما أقرأ بعض كتب السيرة ، وأسمع بعض الدعاة يقولون : هزيمة المسلمين في أحد !!! .


ثم صاح عمر بأبي سفيان : يا عدو الله ، إن الذين ذكرتهم أحياء ، وقد أبقى الله ما يسوؤك ‏.‏ ثم قال أبو سفيان :‏ أعل هُبَل ‏.‏ فقال ‏المسلمون ما أخبرهم به النبي : الله أعلى وأجل‏ . ثم قال‏ :‏ لنا العُزَّى ولا عزى لكم ‏. فقال المسلمون ‏:‏ ‏الله مولانا ، ولا مولى لكم . ثم قال ‏:‏ يوم بيوم بدر ، والحرب سجَال ‏. فقال المسلمون : لا سواء ، قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار‏ .‏ ثم قال :‏ هلم إلي يا عمر بن الخطاب .

فقال صلى الله عليه وسلم: اذهب فانظر ما شأنه ‏؟ فقال له أبو سفيان ‏:‏ أنشدك الله يا عمر ، أقتلنا محمداً‏ ؟‏ قال عمر‏:‏ اللهم لا، وإنه ليستمع كلامك الآن . فقال أبو سفيان‏:‏ أنت أصدق عندي من ابن قمئة ، [[ لأن ابن قمئة الذي أشاع قتل رسول الله ]] .

وقبل أن ينصرف أبو سفيان ومن معه ، نادى ‏:‏ إن موعدكم بدر العام القابل ‏[[ وهذا ما أشرت إليه طلب أبو سفيان مواجهة ثانية ليحقق النصر الذي لم يحققه في أحد ، لذلك قلت لكم لا نقول هزيمة المسلمين في أحد ]] . فقال رسول الله لرجل من أصحابه ‏: قل‏ له : نعم ، هو بيننا وبينك موعد ‏.

فلما ولّت قريش ورجعت أدبارها ، بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب ، وقال‏ له : اخرج في آثار القوم فانظر ماذا يصنعون‏ ؟‏ وما يريدون ‏؟‏ فإن كانوا قد جنبُوا الخيل ، وامتطُوا الإبل ، فإنهم يريدون مكة .


[[ يعني إذا ركبوا على الجمال فهذا يعني انهم راجعين إلى مكة ، لأن النبي خشي أن ترجع قريش وتدخل المدينة ، ففيها النساء والأطفال ، وفي المدينة يهود ومنافقون ، سيجدونها فرصة لينقلبوا على المسلمين ويقفوا مع قريش ]]
وإن كانوا قد ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنهم يريدون المدينة. قال علي ‏:‏ فخرجت في آثارهم أنظر ماذا يصنعون ، فجنبوا الخيل وامتطوا الإبل ، ووجهوا إلى مكة ‏.‏ ثم قام الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك يتفقد القتلى والجرحى ، وهنا كانت المصيبة العظمى . . .

يتبع

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم