الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-17-21, 08:01 AM   #183
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (04:27 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 170 »
السيرة النبوية العطرة (( تفقد شهداء أحد / ج1))
______
قال تعالى :
{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} .

عادت قريش إلى مكة ، بعد أن قامت كما ذكرنا بعمل لم تعهده العرب من قبل ، وهو التميثل بجثث الشهداء . وقام - صلى الله عليه وسلم - يتفقد أصحابه ، فالتفت يميناً وشمالاً يسأل : أين عمي ؟ أين أسد الله حمزة ؟؟ فسكت الصحابة [[ مع أن عددا منهم يعلم أن حمزة قد استشهد ، ولكن بماذا يجيبونه وهو يسأل عن عمه أقرب الناس إليه ؛ وأخوه في الرضاعة وصديق الطفولة ، ماذا يجيبونه ؟

]] ، وكانوا أيضا قد رأوا حمزة وقد مثّلت قريش بجسده ، فقالوا : يا رسول الله ، احتسب عمك عند الله . ثم أخذوا النبي عند جثة حمزة ، فوقف عنده – صلى الله عليه وسلم - ، وكانت صدمة ما بعدها صدمة !! نظر إليه ، وسكت طويلاً ، ثم أخذ ينادي بأعلى صوته ، عمااااااه ، وبكى بكاء شديداً . يقول الصحابة : ما رأيناه باكياً قط أشد من بكائه على حمزة بن عبد المطلب .

ثم نظر عليه - الصلاة و السلام - إلى مقربة من حمزة فإذا هو {{ مصعب بن عمير }} و قد مُثّل به أيضاً ، فجاء ووقف عند جثته ،و بكى حتى ابتلت لحيته ، وأخذ يقول : لقد رأيتك يوما في مكة ، وأنت أنعم فتى في مكة [[ ليس أنعم من النعومة التي تعرفونها اليوم كريمات ومكياج !! لا ، أنعم أي أكثر شاب كان معه فلوس و مرفّه، فكان ينفق على شباب مكة كلهم في جلساتهم قبل الإسلام ]] ، وأنت أنعم فتى وأجملهم حلة

[[ أي أغلاهم ثياب ]] وأطيبهم ريحاً ، [[ لأن الدنيا كانت بين يديه ، والذي تنفق عليه أمه ، فلما أسلم حرمته أمه من المال حتى يرتد عن هذا الدين ؛ فقال لا حاجة لي للمال ، فترك كل هذا لله ، حتى أصبح أفقر شاب ، ويلبس الخشن ، فكان يلبس كيس خيش في مكة ]] ،

وهو أول سفير في الإسلام ، فقد أرسله النبي ليعلّم المسلمين في المدينة ، ثم يقول له النبي : واليوم أراك أشعث أغبر بثوبك الخشن وقد زهدت في الدنيا .
ثم لمح النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو واقف امرأة آتية من بعيد، تشق صفوف القتلى باحثة ، فلما تبّصرها ، علم أنها عمته صفية بنت عبد المطلب - أخت حمزة - فنادى النبي على الزبير ولدها ، دونك المرأة ، المرأة !!!

[[ اي رد أمك كي لا ترى ما فعل بأخيها ]] فأسرع الزبير وقال : يا أماه إن رسول الله يأمرك أن ترجعي . فضربت بيدها صدره وقالت : لقد بلغني ما وقع من أخي من مثلة ، وإني أحتسبه عند الله ، الحمد لله أن رسول الله سالم ، ولا نبالي بعده بمن قُتل . ثمّ اقتربت من أخيها ونظرت إليه باكية ، واحتسبته عند الله ، و قالت : هذان ثوبان وقد بلغني ما فعل بحمزة ، فجئت بثوبين تجمع أشلاءه بهما

[[ لأن الشهيد لا يكفن ، يدفن بثيابه ، فالثوبان حتى يردوا أعضاءه لبعضها فقد بُقر بطنه ]] .
فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم – إلى الثوبين وبكى ، ثم قال : ما كان لمحمد رسول الله ، أن يكفن عمه بثوبين ويترك مصعب لا ثوب له ، أعطوا ثوبا لحمزة ، وثوبا لمصعب ، وادفنوهما في قبر واحد .

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول : أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أشير له إلى واحد قدمه في اللحد [[ شق في جانب القبر]] وقال : أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة، وأمر بدفنهم بدمائهم، ولم يصل عليهم، ولم يغسّلوا ، وكان يقول " ما من مجروح جرح في الله - عز وجل - إلا بعثه الله يوم القيامة، وجرحه يدمي، اللون لون الدم، والريح ريح المسك " .

وقد توعد بعض المسلمين المشركين بالانتقام منهم ، والتمثيل بهم كما فعلوا بأصحابهم، فنزل قول الله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} ، القتال هو الرد عليهم ، أمّا التمثيل فليس من الإسلام في شيء ، و الصبر على المصائب هو خير وأبقى عند الله .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم