الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-22-21, 07:59 AM   #190
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (07:37 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 177 »
السيرة النبوية العطرة (( غزوة حمراء الأسد / ج3 ))
______
عسكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته في حمراء الأسد ، وأرسل العيون تستطلع أخبار جيش أبي سفيان ، فمر بهم رجل اسمه {{ معبد بن أبي معبد الخزاعي }} أتعرفون هذا الرجل ؟؟ [[ أمّه أم معبد التي ذكرنا حديثها يوم الهجرة إذ مر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وسألها الزاد وحلب شاتها ... ووصفت النبي لزوجها ... أتذكرون ؟؟ ]]

أقبل مَعْبَد بن أبي معبد الخزاعي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم ـ ويقال : بل كان على شركه، ولكنه كان ناصحاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما كان بين خزاعة وبني هاشم من الحلف ـ فقال : يا محمد، أما والله لقد عز علينا ما أصابك في أصحابك، ولوددنا أن الله عافاك ، فكيف لي أن أخدمك ؟ فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلحق أبا سفيان فَيُخَذِّلَه .
ولم يكن ما خافه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تفكير المشركين في العودة إلى المدينة إلا حقاً، فإنهم لما نزلوا [[ بالروحاء على بعد 47 كم ]] من المدينة تلاوموا فيما بينهم، قال بعضهم لبعض : لم تصنعوا شيئاً، أصبتم شوكتهم وحدهم، ثم تركتموهم، وقد بقي منهم رؤوس يجمعون لكم،[[ يقصدون محمدا و أبا بكر و عمر و علي ... ]]

فارجعوا حتى نستأصل شأفتهم .
ويبدو أن هذا الرأي جاء سطحياً ممن لم يكن يقدر قوة الفريقين ومعنوياتهم تقديراً صحيحاً ؛ ولذلك خالفهم [[ صفوان بن أمية ]] قائلاً : يا قوم، لا تفعلوا فإني أخاف أن يجمع عليكم من تخلف من الخروج من المسلمين في غزوة أحد فارجعوا، والدولة لكم، فإني لا آمن إن رجعتم أن تكون الدولة عليكم . إلا أن هذا الرأي رفض أمام رأي الأغلبية الساحقة، وأجمع جيش مكة على المسير نحو المدينة .

ولكن قبل أن يتحرك أبو سفيان بجيشه من مقره ، كان قد وصل إليه معبد بن أبي معبد الخزاعي ، فقال له أبو سفيان : ما وراءك يا معبد ؟ [[هكذا كانت العرب تتلقط الأخبار ، من الركبان ]] فقال معبد ـ وقد شن عليه حرب أعصاب دعائية عنيفة - : محمد قد خرج في أصحابه، يطلبكم في جمع لم أر مثله قط ، يتحرقون عليكم تحرقاً، قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم، وندموا على ما ضيعوا، فيهم من الحنق عليكم [[ الحنق :

الغيظ الشديد ، يعني مخنوقين من الغيظ مستلحمين عليكم ]]، شيء لم أر مثله قط . وتعاهدوا على أن لا يرجعوا حتى يلقوكم فيثأروا . قال أبو سفيان : ويحك، ماذا تقول ؟ قال : والله ما أري أن ترتحل حتى تري نواصي الخيل ـ أو ـ حتى يطلع أول الجيش من وراء هذه الأكمة

[[ يعني قرّب جيش المسلمين يصلكم ]] . فقال أبو سفيان : والله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصلهم . قال معبد : فلا تفعل، فإني ناصح . فَوَاللَّهِ لَقَدْ حَمَلَنِي مَا رَأَيْتُ عَلَى أَنْ قُلْتُ فِيهِ أَبْيَاتًا مِنْ شِعْرٍ [[ حرب إعلامية على جيش قريش ]] ،
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَاذَا قُلْتَ؟ قَالَ مَعْبَدٌ:

كَادَتْ تُهَدُّ مِنَ الأَصْوَاتِ رَاحِلَتِي إِذْ سَالَتِ الأَرْضُ بِالْجُرْدِ الأَبَابِيلِ
تَرْدِي بِأُسْدٍ كِرَامٍ لا تَنَابِلَةٍ عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَلا خُرْقٍ مَعَازِيلِ
(( يعني من صوت السلاح والجيش الذي مع محمد راحلتي كانت رح تسقط على الأرض ، و لم أر الأرض ، ولم أر لونها ، من كثرة الجيش الذي خرج مع محمد و غطاها [[ والجرد الأبابيل ]] وصف الخيل ، تجري خيولهم نحوكم ، كأنها أسود من سرعتها ، وهم مدجّجون بالسلاح غير عُزّل )) .

وحينئذ انهارت عزائم الجيش المكي وأخذه الفزع والرعب، فلم ير العافية إلا في مواصلة الانسحاب والرجوع إلى مكة . بيد أن أبا سفيان قام بحرب أعصاب دعائية ضد الجيش الإسلامي، لعله ينجح في كف هذا الجيش عن مواصلة المطاردة، فقد مر به ركب من عبد القيس يريد المدينة، فقال : هل أنتم مبلغون عني محمداً رسالة، وأوقر لكم راحلتكم هذه زبيبًا بعكاظ إذا أتيتم إلى مكة ؟
قالوا : نعم . قال : فأبلغوا محمداً أنا قد أجمعنا الكرة ؛ لنستأصله ونستأصل أصحابه .
فمر الركب برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وهم بحمراء الأسد، فأخبروهم بالذي قال لهم أبو سفيان، ولكن هذا لم يؤثر في المسلمين، بل زادهم إيمانا وثباتا وتوكلًا على الله .

قال تعالى : {{ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }} .

بقي المسلمون في {{ حمراء الأسد }} ثلاثة أيام ، ثم عادوا إلى المدينة ، ووقع في أسر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل رجوعه إلى المدينة أبو عزة الجمحي، وكان شاعراً أسره المسلمون يوم بدر، ثم أطلقه الرسول - صلّى الله عليه وسلم ـ بغير فداء، رحمةً ببناته، واشترط عليه ألا يقف ضد المسلمين، فلم يحترم الرجل العهد، فهجا المسلمين وحرّض عليهم بشعره ، وقاتل مع المشركين في أحد، فوقف بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم ـ


يطلب عفوه مرة ثانية، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم ـ أمر بقتله كما تقول بعض كتب السيرة .

وقد حققت هذه الغزوة كل أهدافها التي أرادها ، الرسول - صلى الله عليه وسلم - من تخويف قريش وتراجعها عن مهاجمة المدينة ، وإعادة الهيبة و الروح المعنوية لجيش المسلمين .

هل رأيتم ؟؟ هذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النبي القائد ، وهؤلاء هم أصحابه الذين لبّوا النداء رغم أنهم مثخنون بالجراح ، و هذه هي مدرسة محمد – صلى الله عليه وسلم – وتلك هي الشخصيات التي تربّت في هذه المدرسة على يديه ، واستطاع في زمن قياسي أن يغير بها وجه التاريخ ، فكنا نحن – عُشّاق سيرة محمد - ثمرة هذه الشخصيات ،فقد أوصلوا لنا مفتاح الجنة ومفتاح الفوز والنجاة ، فنطقنا ب

{{ لا إله إلا الله ، محمد رسول الله }} ، فالحمد لله على نعمة الإسلام .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم