الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-22-21, 08:01 AM   #191
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (06:05 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 178 »
السيرة النبوية العطرة (( تحريم الخمر ))
______
نحن الآن مازلنا في السنة الثالثة للهجرة بعد غزوة أحد ، وكما قلنا السيرة ليست فقط غزوات وحروب ، إنما هي منهاج حياة ، ففي السنة الثالثة من الهجرة ، وبعد غزوة أحد نزل تحريم الخمر، لم يأت تحريم الخمر فجأة ، بل كان بالتدريج ، وكثير من التشريعات جاءت بالتدريج مثل الصلاة والصيام ...،

فالتدرج في التشريع من أسس وركائز التشريع الإسلامي، لأنه ليس من الممكن أن ينقلب المجتمع الجاهلي إلى مجتمع صالح بين عشية وضحاها ، وكانت الخمر عند العرب لها شأن كبير، وكانوا ينشدون فيها الأشعار، وتقع لهم فيها العجائب والغرائب والبلايا، ومن حكمة الله أنه أخّر تحريمها ؛ لأن كثيرًا من الناس لو حُرمت في أول الأمر فربما امتنع عن دخوله الإسلام من أجلها، فمن رحمة الله أن أخّر تحريمها حتى دخل الناس في دين الله، وحتى كثر المسلمون، وحتى عرفوا الإسلام واطمأنوا إليه ، وأدركوا الحكمة من تحريمها .

فكانت المرحلة الأولى هي قول الله تعالى : {{ وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ۗ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }} ، يعني ثمرات النخيل والأعناب إذا أخرجناها عن طبيعتها تصبح (( سكرا : بمعنى شراب غير مقبول )) ، و إذا لم نتدخل في طبيعتها ؛ فهي رزق حسن طعاما وتجارة ، وكأنه يقول أن ( السكر ) أمر قبيح .

أمّا المرحلة الثانية هي قوله تعالى : {{ يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا }} الخمر معناه الستر [[ أي توارى واختفى ]] ، وذلك أنّ الخمر يستر العقل ، ويغيب الإنسان عن وعيه إذا شربه . وهنا الله – عزوجل – يبيّن لنا أنه قد يكون في الخمر فوائد دنيوية مادية في البيع والشراء ، لكنّ شربه ينتج عنه أكبر بكثير . فهذه مرحلة النصح و الإرشاد . فما فائدة الإنسان بدون عقل ؟ فربما يقتل أو يسرق ، وربما يرتكب الفاحشة حتى مع محارمه – لا قدّر الله – لأنه بدون عقل ، بحجة أنه يريد نسيان الهموم !!! فيقع في مصائب لا تُحمد عقباها .

أمّا المرحلة الثالثة فهي قوله تعالى : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ }} ، فقد جاء أحد المسلمين و شرب الخمر قبل أن تحرم نهائيا ، وكان في الصلاة ، وأخطأ أثناء القراءة في ترتيب آيات سورة (( الكافرون )) ، فلم يُحسن قراءتها ، فنزلت الآية السابقة تأديباً ، فأمر – صلى الله عليه وسلم - بلالا لينادي في الناس : ألا لا يقربن الصلاة سكران ، وهكذا تضاءل جدا الوقت الذي يمكن أن تُشرب فيه الخمر، لأن أوقات الصلاة متقاربة .
أمّا المرحلة الرابعة والأخيرة فهي تحريم الخمر ، قال تعالى :

{{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }} . وعندما نزلت هذه الآية كان البعض يشرب الخمر ، فتوقف فورا ، وكسر الآنية التي يشرب منها ، وألقي الصحابة الخمور في الطرقات، حتى أصبحت المدينة موحلة كأن مطرا قد نزل عليها .

وجاءت السنة النبوية لتؤكد هذا التحريم ، ففي الحديث النبوي " لعنَ اللهُ الخمرَ وشاربَها وساقيَها وبائعَها ومُبتاعَها وعاصرَها ومُعتصِرَها وحاملَها والمحمولةُ إليهِ " . وقال أيضا – صلى الله عليه وسلم - :

" كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وكُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ " . وهذا يعم كل شيء، فالمخدرات و الحشيشة وكل شيء يحصل به هذا المعنى من إسكار ومضرة على متعاطيه فإنه محرم ، لقول النبي عليه الصلاة و السلام : " لا ضرر ولا ضرار " . فالله حرم علينا ما يضرنا ويضر عقولنا وأبداننا قال تعالى : " وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ " . و من أهم طرق العلاج التوبة و الاستغفار و الرجوع إلى الدين و ذكر الله تعالى و الشعور بالندم على تلك المعصية .

نسأل الله العفو و العافية ، اللهم اهد شبابنا و بناتنا لما تحبه و ترضاه .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
_______