الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-23-21, 08:53 AM   #192
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (04:27 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 179 »
السيرة النبوية العطرة (( سرية أبي سلمة ، ومهمة عبد الله بن أنيس ))
______

وصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد غزوة أحد بثلاثة أشهر تقريبا ، أن قبيلة بني أسدِ تستعد للإغارة على المدينة ،[[ فظنوا أن كل من يريد أن يغزو المدينة يمكن له أن ينال من المسلمين !! ]] ،

فلما بلغ النبي ذلك ؛ لم يمهلهم ، وإنما أرسل اليهم سرية قوامها {{ ١٥٠ }} من الصحابة ، وجعل عليهم أميرا هو [[ أبو سلمة : هذا الصحابي الجليل يكون ابن عمة رسول الله ، وأمه برة بنت عبد المطلب ، ويكون أخو النبي في الرضاعة، فلقد أرضعته وأرضعت النبي صلى الله عليه وسلم ، ثويبة مولاة أبي لهب ]] .

فعقد له لواء وقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : امض على بركة الله ، وانزل خيلك قوم بني أسد ، فإنهم يجمعون للإغارة على المدينة ، وسر ليلاً وأكمن نهاراً كي يأخذ القوم على حين غرة [[ فجأة ]] ،

فسار على بركة الله ، حتى فاجأ القوم وهم مجتمعين عند ماء لهم ، ففروا منه فأخذ جميع ما يملكون من إبل ، وشاة ، وغنائم ورجع خلال سبعة أيام إلى المدينة المنورة .

ومن الذين أرادوا أن يستغلوا حالة الكراهية الموجودة في الجزيرة العربية ضد المسلمين فارس مغامر ، من أشد وأقوى وأشرس المقاتلين العرب اسمه

{{ خالد بن سفيان الهذلي }} ، فبدأ يدعو لغزو المدينة ، واتخذ لنفسه مقرا في وادي{{ عرنة }} وهو مكان قريب من مكة ، يبعد عن الحرم حوالي 20 كم ، وبدأ بالفعل يتجمع عنده المقاتلين من المرتزقة الذين طمعوا في نهب خيرات المدينة . وصلت هذه الأخبار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرر ألا يمهل هذا الرجل حتى يكثر جمعه، وأن يرسل له من يقتله، وكان ذلك أيضا في السنة الثالثة للهجرة و بعد غزوة أحد بأشهر .

واختار – عليه الصلاة و السلام - لهذه المهمة الصعبة {{ عبد الله بن أنيس الجهني }} وهو شاب عمره ٢٨ عاما ، و الذي يتمتع بالشجاعة والفدائية . فكان من عادة النبي أن يختار من أصحابه من يكون مناسبا أكثر للمهمة ،،، فيختار للقيادة من يتمتع بسداد الرأي وحسن التصرف، ويختار للدعوة والتعليم من يتمتع بغزارة العلم والمهارة في اجتذاب الناس ، ويختار للوفادة على الملوك والأمراء من يتمتع بحسن المظهر وفصاحة اللسان ... وهكذا .

وقد أخرج ابن حبان في صحيحه وابن خزيمة في صحيحه وأحمد في مسنده وأبو داود في سننه وأبو يعلى في مسنده عن ابن عبد الله بن أنيس عن أبيه قال :
دعاه رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - فقال :

( إنَّه قد بلَغني أنَّ ابنَ سُفيانَ بنِ نُبَيحٍ الهُذَليَّ جمَع لي النَّاسَ لِيغزوَني وهو بنَخْلةَ أو بعُرَنةَ فَأْتِه ) قال : قُلْتُ : يا رسولَ اللهِ انعَتْه لي حتَّى أعرِفَه . قال : ( آيةُ ما بَيْنَك وبَيْنَه أنَّكَ إذا رأَيْتَه وجَدْتَ له إِقْشَعريرةً ) [[ يعني يقشعر جسمك رعبا من شكله ]] قال : فخرَجْتُ متوشِّحًا بسيفي حتَّى دُفِعْتُ إليه وهو في ظُعُنٍ (( زوجاته )) يرتادُ لهنَّ منزِلًا حينَ كان وقتُ العصر .

فلمَّا رأَيْتُه وجَدْتُ ما وصَف لي رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - مِن الإِقْشَعريرةِ ، فأخَذْتُ نحوَه ، وخشيتُ أنْ يكونَ بَيْني وبَيْنَه محاولةٌ تشغَلُني عنِ الصَّلاةِ ،[[ وهذا يدل على شدة حرصه على الصلاة في وقتها ]]،

فصلَّيْتُ وأنا أمشي نحوَه وأُومئُ برأسي (( يعني صلّى و هو يمشي إليه )) ، فلمَّا انتهَيْتُ إليه ، قال : ممَّنِ الرَّجُلُ ؟ قُلْتُ : رجُلٌ مِن العرَبِ سمِع بكَ وبجَمْعِكَ لهذا الرَّجُلِ فجاء لذلكَ . [[ يعني أنا جاي أحارب معك محمد و أصحابه ]] . فقال :

أنا في ذلكَ . فمشَيْتُ معه شيئًا حتَّى إذا أمكَنني حمَلْتُ عليه بالسَّيفِ حتَّى قتَلْتُه . ثمَّ خرَجْتُ وترَكْتُ ظعائنَه مُنكبَّاتٍ عليه

(( يعني زوجاته يبكين عليه )) ، فلمَّا قدِمْتُ على رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - ورآني قال : ( قد أفلَح الوجهُ ) قُلْتُ : قتَلْتُه يا رسولَ اللهِ قال : ( صدَقْتَ ) قال : ثمَّ قام معي رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - فأدخَلني بيتَه وأعطاني عصًا ، فقال : ( أمسِكْ هذه العصَا عندَكَ يا عبدَ اللهِ بنَ أُنَيْسٍ ) .

قال : فخرَجْتُ بها على النَّاسِ فقالوا : ما هذه العصَا ؟ قُلْتُ : أعطانيها رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - وأمَرني أنْ أُمسِكَها . قالوا : أفلا ترجِعُ إلى رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - فتسأَلَه : لِمَ ذلكَ ؟ قال : فرجَعْتُ إلى رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - فقُلْتُ : يا رسولَ اللهِ ، لِمَ أعطَيْتَني هذه العصَا ؟ قال :

( آيةٌ بَيْني وبَيْنَكَ يومَ القيامةِ إنَّ أقلَّ النَّاسِ المُتخِّصرونَ يومَئذٍ ) فقرَنها عبدُ اللهِ بسَيفِه ، فلَمْ تزَلْ معه حتَّى إذا مات أمَر بها فضُمَّتْ معه في كفنِه ثمَّ دُفِنا جميعًا .
[[ المتخصرون : من لهم أعمال صالحة يتكئون عليها يوم القيامة كما يتكئ الإنسان على عصاه ]] .

سرية أبي سلمة ، ومهمة عبدالله بعد غزوة أحد تدل على مدى يقظة النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة ، وتدل على حزم وحسم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في التعامل مع الأخطار التي يمكن أن تتعرض لها المدينة ، وكيف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يتعامل مع المشكلة في بدايتها حتى يستطيع السيطرة عليها ، وهذه من مميزات القائد الناجح .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم