الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-24-21, 08:46 AM   #193
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (04:27 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 180 »
السيرة النبوية العطرة (( حادثة أهل الرَّجيع ))
______
علمت القبائل العربية أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - كلما اجتمعوا لمحاربته باغتهم في أرضهم ، ودفن تلك الفكرة في أرضها ، لإنه يحكم المدينة تحت شعار {{ ما غُزي قوم في عقر دارهم إلا ذَلّوا }}

وهو لا يقبل الذل للمسلمين . وكانت بعض قبائل العرب تريد الثأر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطريقة غير مألوفة، وهو أسلوب الغدر والخيانة، وبدا ذلك على قبيلة ((هذيل )) التي سعت بجهدها للثأر من المسلمين، فلجأت إلى إرسال رجال ضعاف النفوس من قبيلتي [[عضل والقارة ]] إلى رسول الله ليطلبوا منه من يخرج معهم من دعاة الإسلام، ذلك لأن القبيلتين مقربتين من الرسول -عليه الصلاة و السلام - وجعلت قبيلة هذيل لأولئك الرجال جُعلاً [[ مالا ]] لهم إن هم حققوا الهدف المنشود وهو الغدروالخديعة.

فعندما وصل رجال القبيلتين إلى المدينة ، ذهبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا له : " إن فينا إسلاماً [[ تظاهروا بالإسلام ولذلك فلن يشك النبي - صلى الله عليه وسلم - في أنهم يضمرون له الغدر!! ]] ، فابعث معنا نفراً من أصحابك يفقهوننا ويقرئوننا القرآن، ويعلمونا شرائع الإسلام " . فاستجاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لطلبهم، وأرسل معهم عشرة من الصحابة، وأمّرعليهم [[ عاصم بن ثابت الأنصاري ]] رضي الله عنه .

[[ والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم الغيب ، فعلم الغيب لله - عزوجل - وحده ، والله لم يُطلع النبي على ذلك ؛ فهو بشر مثلنا ، و إنما يخبرنا - عليه الصلاة و السلام - بما يُخبره الله به ]] .

فلما وصل الصحابة إلى الرجيع - وهو موضع ماء لهذيل بالحجاز - غدر القوم بهم، واجتمع عليهم نفرٌ من هذيل، يقال لهم بنو لحيان، وكانوا نحواً من مائتي رجل، كلهم يحسن الرماية، فلما رآهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى مكان مرتفع، وأحاط بهم القوم، فقالوا لهم : انزلوا وأعطونا بأيديكم، ولكم العهد والميثاق ولا نقتل منكم أحدا، [[ يعني نريد أن نبيعكم لقريش ،
وهم يريدون المال فقط ]] ، فقال عاصم أمير السرية، أما أنا فوالله لا أنزل اليوم في ذمة كافر، ولا تمس يدي يد مشرك كما عاهدت الله ورسوله في البيعة . [[ وكان عاصم في غزوة أحد قد قتل ابني امرأة مشركة اسمها سلافة ، وقد نذرت ١٠٠ ناقة مكافئة لمن يأتيها برأس عاصم ، وأنها ستجعل جمجمته وعاء لتشرب به الخمر ]] ، فجعل عاصم يقاتلهم وهو يقول: " اللهم حميتُ دينك أول نهاري، فاحمِ لي لحمي آخره، فهو يعلم أنّه سيُمثّل بجسده إن هو قُتل .

ثم قاتل - رضي الله عنه - حتى قُتل هو و سبعة من أصحابه ، واستجاب الله دعاء عاصم ، فقد حاولوا قطع رأسه ليذهبوا به إلى قريش ، فلم يتمكنوا منه ، حيث أرسل الله عليهم الدَّبر(( ذكور النّحل ، وهي حشرة أليمة اللسع)) ، فلم يستطيعوا الاقتراب منه ، فتركوه إلى الليل ، فجاء مطر وسيل ، فلم يجدوا جثته ، وهكذا حمى الله جسد عاصم - رضي الله عنه - وهذه كرامة لعباده الصالحين .
وأما البقية وهم خبيب بن الدثنة الأنصاري وزيد بن الدثنة و عبدالله بن طارق ، فقد نزلوا إليهم بالعهد والميثاق [[ وافقوا ]] ،

فلما استمكنوا منهم، غدروا بهم فربطوهم وأوثقوهم ، ثم قتلوا عبد الله بن طارق ،لأنه أبى وامتنع عن المسير معهم لما رأى الغدر والخيانة . وانطلقوا بخُبيب ، و زيد بن الدثنة حتى باعوهما بمكة، فاشترى خُبيبا بنو الحارث بن عامر، وكان خُبيب قد قتل أباهم الحارث بن عامر في بدر ، فلبث خبيب عندهم أسيراً .

وكان ذلك في الشهر الحرام ، فقالوا : ابقوه على قيده ، ثم نقتله شر قتلة خارج الحرم عند التنعيم [[ مسجد عائشة الآن ]] ، وجعلوا بنات الحارث يرقبنه ويطعمنه ويسيقينه حتى يبقى على قيد الحياة ، فأسندن ذلك الأمر إلى ( زينب بنت الحارث ) و جارية اسمها {{ ماوية }} ، فكانت تحضرله الطعام ، وتراقبه وتنظف حجرته حتى ينتهي الشهر الحرام .

وقد شهدت له بنت الحارث بالخيرية، فقالت: والله ما رأيت أسيراً قط خيراً من خبيب ، لم يغدر بغلام لنا حين تمكن منه ولم يقتله!! ،

وكان لطيفا وصبورا في معاملته ، والله لقد وجدته يوما يأكل من قطف عنب في يده، وإنه لموثق في الحديد!! وما بمكة من ثمر، وكانت تقول إنه لرزق من الله رزقه خبيبا ،[[ وهذه من كرامات الله تعالى لعباده الصالحين ]] . ثم قالت : يا خبيب أنت رجل مبارك ، ولكنكَ أسيرُنا فلا أستطيع أن أفك قيدك ، فأنا امرأة ، فهل من خدمة نسديها لك في أي وقت ؟؟ قال : نعم . إذا انتهى الشهر الحرام ، وعلمتِ أنهم قاتلي غداً أريد حديدةً ، أستعد بها للقاء ربي ، وماء أغتسل به .

[[ يريد إزالة الشعر و الاغتسال للقاء الله تعالى ، انظروا حرص الصحابة على النظافة والطهارة ، و تطبيق سنة النبي حتى في أصعب المواقف !!! ]] .
فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه في الحل [[ منطقة التنعيم ]] ، قال لهم خبيب : ذروني أركع ركعتين، فتركوه فركع ركعتين، ثم قال: لولا أن تظنوا أنني خائف لطولتها . ثم دعا : " اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا " و أنشد يقول :

ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله و إن يشـأ يبارك على أوصال شلو ممــزع

وكان خبيب أول من سن الركعتين لكل امرئ مسلم قُتل صبرا . يقول معاوية : كنت واقفاً مع والدي أبا سفيان ، فلما دعا خبيب هذا الدعاء ألقاني أبو سفيان على الأرض ، واضطجع كي لا تصيبنا دعوة خبيب !! بعدها أطلقوا أربعين من الصبية يرمون عليه الرماح ليزيدوه عذابا عند القتل وقالوا لهم : هذا قاتل آبائكم يوم بدر ، عليكم به ، فقتلوه ، وفاضت روحه الطاهرة إلى بارئها .

وأما زيد بن الدثنة - رضي الله عنه - فاشتراه صفوان بن أمية ، فقتله بأبيه يوم بدر وهو أمية بن خلف ، وعندما أخرجوا زيداً من الحرم إلى التنعيم ليقتلوه، قام رهط من قريش واجتمعوا عليه وكان فيهم أبو سفيان ، فقال أبو سفيان عندما أقبل على زيد : " أنشدك الله يا زيد ، أتحب أن محمداً عندنا الآن في مكانك تضرب عنقه، وأنك في أهلك ؟؟

قال : والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وإني جالس في أهلي. فقال أبو سفيان :

(( ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً )) . ثم قام مولى لصفوان بقتل زيد رضي الله عنه. هؤلاء هم من عرفوا طريق الصبر، وتحمل المحن في سبيل الله . قال تعالى: { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين } .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم