الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-27-21, 08:14 AM   #195
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (03:20 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 182 »
السيرة النبوية العطرة (( مأساة بئر معونة ))
______
ذكرنا غدر قبيلتي عضل و القارة وهو ما عرف بفاجعة {{ الرجيع }} ، وقد استشهد الصحابة بعد أن غدروا بهم وكان من أمرهم ما كان ، وقبل أن يخرج هؤلاء الصحابة الذين استشهدوا كان أيضاً قد قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - قبلها بيوم أو بعدها بيوم رجل آخر من {{ بني عامر }} من أهل نجد هو عامر بن مالك ، و كنيته {{ أبو البراء }} ، [[ قبيلتا عضل والقارة ، وأبو البراء قدموا للمدينة في نفس الوقت ، فذكرنا فاجعة الرجيع ، والآن سنذكر مأساة بئر معونة ]] .


قدم أبو البراء إلى المدينة ، وكان يلقّب {{ مُلاعبِ الأسنَّة }} لأنه كان ماهرا جداً في القتال ، وكان قد شاخ وتقدم بالعمر ، فأخذ الزعامة منه ابن أخيه {{ عامر بن الطفيل }} وقدّم أبو البراء هدية إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فدعاه - عليه الصلاة و السلام – إلى الإسلام ، فلم يسلم ،ولم يرفض الإسلام خوفاً على مكانته في قبيلته لأنه من سادة قومه . ثم قال :

يا محمد إني أرى أمرك هذا حسنا شريفا ، فلو بعثت رجالاً من أصحابك الى أهل نجد يدعونهم إلى أمرك ، فإني أرجو أن يستجيبوا لك [[ لأنه يريد لقومه أن يسلموا ويسلم معهم هو أيضاً ]] ،فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : إني أخشى عليهم أهل نجد . فقال له أبو البراء : أنا جارٌ لهم [[ لأنه كبير قومه وله كلمة مسموعة قال :هم في حمايتي فالجوار من العار عند العرب أن ينتهك ]] .
استجاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأبي البراء ، فانطلق أبو البراء إلى نجد ، وأخبر ابن أخيه سيد قومه عامر بن الطفيل ، وقال له : يا ابن أخي سيحضر أصحاب محمد وإني قد أجرتهم حتى يبلغوا دعوته .

واختار النبي - صلى الله عليه وسلم – سبعين من أصحابه – في أغلب الروايات - ليخرجوا إلى نجد داعين إلى الإسلام ، وهؤلاء الصحابة يطلق عليهم (( القرّاء )) لماذا ؟؟ {{ لأنهم اتخذوا معلّما لهم للقرآن من كبار الصحابة ، فيتعلمون و يحفظون القرآن على يديه و يتفقّهون في الدين }} ، فانتدب الرسول هذه الفئة الطيبة ، التي تقوم الليل وتتعلم القرآن ليكونوا خير دعاة

{{ لبني عامر }} ، و أرسل معهم كتابا لعامر بن طفيل . [[ فخرجوا في الوقت الذي خرج به أصحاب عضل والقارة ، فأصحاب عضل والقارة خرجوا إلى جهة مكة وحصلت لهم حادثة الرجيع ، وهؤلاء القراء أخذوا طريق نجد إلى بني عامر ]] ، وكان أبو البراء قد سبقهم وأخذ لهم العهد عند قومه .

وعندما وصلوا إلى بئر يطلق عليه {{ بئر معونة}} ، وقفوا عنده وأرسلوا حامل الكتاب {{ حِرام بن ملحان رضي الله عنه }} إلى سيد القوم عامر بن الطفيل وكان عامر هذا سيء الخلق ، فلما دخل عليه ، وعرّف بنفسه ومد الكتاب إليه لم يلتفت إليه ابن طفيل ، وقال : ما حاجتكم ؟؟ قال له : لسنا أصحاب حاجة !! ولكننا أرسِلنا بأمر من نبينا إلى قومكم ندعوهم إلى هذا الدين ، وإلى لا إله إلا الله ، محمد عبده ورسوله ، وقد أخذ لنا عمك - أبو البراء -عهداً وجوارا . فبينما هو يتكلم معه ، أشار ابن الطفيل إلى أحد رجاله فطعنه بالحربة في ظهره وخرجت من بطنه .

كان هذا من سوء أخلاق عامر بن طفيل [[ لأنّ الرسل لا تُقتل ]]، إضافة إلى ذلك فقد رد جوار عمه أبي البراء ، وكانت كل القبيلة تحترم عمه.

ثم طلب عامر بن طفيل من قومه أن يذهبوا معه إلى بئر معونة ليقتلوا أصحاب محمد ، فرفضوا الخروج معه [[ لأنهم يحترمون عمه ولا ينقضون جواره ]] .

فلما رفضوا دعوته لقتال المسلمين ، ذهب إلى القبائل حوله وجمع ثلاث قبائل معه وانطلقوا إلى المسلمين عند بئر معونة ، وأخذوا يقاتلونهم وأخذ المسلمون سيوفهم ودافعوا عن أنفسهم، ولكنهم استشهدوا جميعا ، و لم يبق إلا {{ كعب بن زيد رضي الله عنه }} ، الذي جرح وظنوه قد قتل ، ولكنه عاش، ثم مات شهيدا بعد ذلك بعام واحد في غزوة الخندق .

وكان اثنان من الصحابة قد تأخرا عنهما في الطريق وهما : {{ المنذر بن عقبة ، وعمرو بن أمية }} ، وعندما وصلا أخذا يقاتلا عامر بن طفيل و من معه ، فقُتل المنذر بن عقبة ، ووقع عمرو بن أمية في الأسر، ثم أعتقه عامر بن طفيل ولم يقتله ، [[ لأن أمه كان عليها عتق رقبة ، فأعتق لها عمرو بن أمية ]]

وانطلق عمرو بن أمية - رضي الله عنه - راجعاً الى المدينة ، وفي الطريق لقي رجلين من بني عامر نزلا تحت ظل شجرة ، فلما ناما قتلهما عمرو بن أمية ثأرا للصحابة ، ولكن هذين الرجلين ، كان معهما عهد من النبي - صلى الله عليه وسلم – وعمرو بن أمية لا يعلم بذلك، فلما وصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره قال له النبي :

قد قتلت قتيلين لأدينَّهما [[ أي سأدفع ديتهما ]] وكان ذلك من مكارم أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - فقد جاءه خبر هذين القتيلين مع خبر استشهاد السبعين من صحابته ، ومع كل هذا أراد أداء الدية لهذين القتيلين اللذين قُتلا عن طريق الخطأ .

وصل خبر استشهاد الصحابة عند بئر معونة لرسول - صلى الله عليه


وسلم - في المدينة فكانت فاجعة ومأساة : {{ الرجيع ، وبئر معونة ، في نفس التوقيت !!}} وغلب الحزن الشديد على النبي وعلى المسلمين . و ربما كان حزنهم أكثر من أحد ؛ لأن في أحد كانت هناك مواجهة ، وكان هناك قتلى من المشركين وجرحى ،ولكن هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم قتلوا غدرا .

ومن شدة حزن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخذ يدعو عليهم شهرا كاملاً يرفع يديه في الدعاء ، حتى يسقط رداؤه عن منكبيه ، ومن هنا شُرع دعاء القنوت ؛ ويكون بعد الرفع من الركوع في الركعة الأخيرة . وهنا نقول : يجب أن نحرص على [[ دعاء القنوت ]] خاصة في أيامنا هذه ، فالأمة الإسلامية تمر بالكثير من المصائب والويلات، فالمسلمون يُقتلون في كل أنحاء العالم ، ومن السنة الدعاء وطلب الفرج و النصر من الله ، ويجب أن نبدأ الدعاء ونختمه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .

أما أبو البراء – عم عامر بن طفيل – فقد أصابه غيض شديد فقد انتُهك جواره من ابن أخيه ، وهناك روايتان : منهم من قال إنه رجع إلى - النبي صلى الله عليه وسلم - يعتذر عما فعله ابن اخيه فقبل النبي اعتذاره ، ثم أسلم . ومنهم من قال إنه أرسل من طرفه رسولاً يعتذر ويعلن إسلامه ، ثم مات غيظاً وقهراً لأنه انتُهك جواره مع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم