عرض مشاركة واحدة
قديم 02-27-21, 02:01 PM   #339
أعيشك

الصورة الرمزية أعيشك
غيّمُ السّلام.

آخر زيارة »  يوم أمس (08:10 PM)
المكان »  عاصِمة النساء.

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أعيشك مشاهدة المشاركة
أحتاج أن أبدأ بشكلٍ مُختلف،
سيّدة باردة الأعصاب،
لا تُبالي..
أو لا تُبالي كثيرًا على الأقل،
ولا تستفزها الغيوم المرتبة كالقمصان البيضاء،
وتأكُل بشهية وتتلذذ طبق الباذنجان المسلوق!.
لا تحرِق دمها من أجل مزاج رجُل لعوب،
أو لا تحرِقها تمامًا..
ولا تُفكر كثيرًا بما وراء الأخبار،
ولا يشغل بالها بالصبيّة التي هجرها صديقها في الفيلم الأجنبي!.
تختار ملاءة السرير من دون أن تتوقف كثيرًا عند لونها،
ولا تصفن في العاشرة كالحمقاء،
هل شربت قهوتها الآن؟.
وتُنظم في ازدحام المرور بطواعية مدهشة،
لا تتذمر، ولا تتأفف،
ولا تتوتر أصابعها على مؤشر الإذاعات بحثًا عن أغنية مهدئة!.
تُفطر صباحًا، وتتغدى ظهرًا، وتتعشى مثل التلميذة النبيهه،
دون أن تخلّ بمواعيد الحليب، وتنظيف الأسنان،
والقُبلة على خدّ الأم الأيمن وخدّ الأب الأيسر!.
تجلس بين يدي مُصففة الشعر كالمريضة الأليفة،
وتدفع فاتورة الكهرباء قبل استحقاقها بساعتين،
وتضحك لأي نكتة ساذجة أو قليلة التهذيب يقولها
مديرها المباشر أو حتى غير المباشر!.
امرأةً لا تدهشها بعد اليوم ضحكة عينيك،
ولا تكترث كثيرًا بما يثيره صوتك في الهواء،
كخبط أجنحةٍ غضّة لعصافيرٍ صغيرةِ السنّ،
وتحضر كل المناسبات العائلية، والعشائرية، بإلتزامٍ بديع!.
أحتاج أن أبدأ من جديد بلا أعصاب مهتاجةٍ لأغبى الأسباب،
وبدون هذا التوتر الذي يتراكم أعقابًا بيضاء مدعوكةً في المنفضة.
امرأةً بلا ذاكرة مجرّحة،
ولا أسرار ملوّنة أو وردٍ خجولٍ في مقعد السيارة الخلفي،
ودون كومة كتبٍ على رخام المطبخ،
أو صداعٍ نصفي لأن السماء لم تمطر جيدًا، وكما ينبغي لها!.
أحتاج أن لا تدقّ أغنيات فيروز في أعصابي،
مثل تلك المطرقة الصغيرة في يد الطبيب على ركبتي،
ولا تستوقفني الحرب في اليمن،
ولا تعصف بي عينا رجُل مرَّ من خلف ظهري،
وألا أشهق إن رأيت فستانًا حريريًا أحمر!.
أحتاج أن أرى إسمك على شاشة الهاتف، على الطاولة،
فأواصل ذهابي للمطبخ كأن شيئًا خارقًا لم يحدث للتوّ!.
وأحتاج أن أمرّ بذلك المقهى دون أن أتسبب بحادث سير،
وأمرّ بذلك البحر فلا تتبللّ عيناي،
وأن (أمرّ بإسمك إذ أخلو إلى نفسي )
فلا ينتابني ما خاف درويش أن ينتابه إن مرّ (بأندلس)!.
أحتاج حائطًا لم نخربش عليه في صخبنا،
وصورة لك إن رأيتها لا يتكوّم الحنينُ في حلقي،
ورجلٌ لم يرى واحدًا منا وحده.. ولو مرةً!.
كل ما هنالك أنني أسعى للهدوء،
أحتاج كمشةً من الهواء النقي،
المغسول، ما يملأ قبضة يدي فقط..
أتنفسه،
وأدّعك به وجهي،
وأقدم منه لضيوفي المخلصين!.

أحتاج.