عرض مشاركة واحدة
قديم 02-28-21, 04:15 PM   #3
الفيلسوف

آخر زيارة »  اليوم (04:05 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



قال: (عُرفَ قومُ عائشة، وهم بنو تميم بالكرم، والشجاعة، والأمانة، وسداد الرأي، كما كانوا مضرب المثل في البر بنسائهم، والترفُّق بهن، وحسن معاملتهن) .
فهناك أسر عريقة, عندهم الزوجة مكرمة, الكنة شابة مكرمة، تعامل كبنت من بنات الأسرة، وهناك أسر خسيسة, تقسو في معاملة زوجة ابنها قسوةً لا حدود لها، وكأنها خادمة، وكأنها إنسانة أجيرة، فالإنسان كلما ارتقى، كلما ارتقت معاملته .
كلما ارتقى الإنسان كلما ارتقت معاملته
وهذه كلمة حق أقولها لكم: في الإسلام مقياس لو طبَّقه الناس لما وجدت أية مشكلة, عامل الناس كما تحب أن يعاملوك، عامل زوجة ابنك، كما تحب أن تعامل ابنتك, هذا مقياس ، لا يخيب أبداً، أنا أذكر طرفة لكنها واقعة:
امرأة اشترى ابنها آلة كهربائية مريحة لزوجته، وهو يسكن مع أمه، فأقامت عليه النكير، أقامت الدنيا على رأسه، لماذا هذا الإسراف؟ لا يحق لهذه المرأة هذه الغسالة، وفي اليوم نفسه, اشترى صهرها لزوجته غسالة مشابهة، أثنت عليه: الله يرضى على فلان، ريّح لي ابنتي, أرأيتم إلى هذا التناقض؟ لو أن الإنسان خرج عارياً, وهذا أمر بشعٌ جداً، والله أهون من أن يتناقض كلامه وسلوكه .
مرة كنت في محل تجاري, شاب في الصف الثامن, بائع أقمشة، فحمله صاحب المحل أثواباّ؛ أول ثوب، وثاني ثوب، وثالث ثوب، ورابع ثوب, حتى لم يستطع الحمل، قال له : لا أقدر, قاله له: أنت شاب, فلا تقل لا أقدر, وبالوقت نفسه, حمل ابنه ثوباً واحداً, فقال له: احترس على ظهرك, أرأيت إلى هذه العنصرية, فقد خاف على ظهر ابنه من ثوب واحد، أما الأجير حمله ما علمتم .
المؤمن لا يفرق في المعاملة بين الغريب والقريب
وها أنذا أقول لكم هذه الكلمة: لن تكون مؤمناً إلا إذا عاملت الغريب كما تعامل ابنك، ولن تكون مؤمناً إلا إذا عاملت زوجة ابنك كما تعامل ابنتك, هذا هو الإيمان، أما تلك التفرقة فهي مرذولة حقاً، العالم الآن سيخرج من جلده من الأقوياء الذين يكيلون بمكيالين، تجد عندهم تساهلاً ما بعده تساهل، وقسوة ما بعدها قسوة, فأبشع شيء في الإنسان التناقض، والتناقض لا يحتمل, ولكنها شريعة الغاب .
سيدنا الصديق رضي الله عنه صدِّيق، والصديقية المرتبة التي تلي النبوة، رتبة الأنبياء أعلى شيء, رسول ، نبي ، ثم صديق، ولي, مؤمن، مسلم، ثم هناك خط أحمر، ثم يتلوه هلاك، إن سيد الأنبياء والمرسلين رسول الله، رسول، أولو العزم، رسل من غير أولي العزم، أنبياء، صديقون، أولياء، مؤمنون، مسلمون، هذه المراتب في الإسلام .
قالوا: سيدنا الصديق له شهرةٌ ذائعة في دماثة الخُلق، وحسن العشرة، وقد أجمع مؤرخو الإسلام على أنه كان أنسب قريشٍ لقريش، وأعلم الناس بها، وبما كان فيها من خيرٍ وشر، وكان رجلاً تاجراً ذا خلقٍ معروف، يأتيه رجال قومه, ويحكّمونه في أمورهم لعلمه، وخبرته، وحسن مجالسته، ومن نعم الله الكُبرى عليك أن يكون الذين حولك على شاكلتكمن نعم الله أن يكون الذين حولك على شاكلتك
أن يكون الذين يجالسونك يجانسونك, وأكبر عقاب يعاقب به الإنسان, أن يعيش بين أناسٍ دونه بكثير، هو في واد, وهم في واد، هو في مستوى، وهم في مستوى آخر.
أخواننا الكرام, لقد درسنا سيرة سيدنا الصديق في هذا المسجد، فشيء جميـل أن تتصوروا عظمة هذا الإنسان في تواضعه، أدبه، شوقه إلى الله، ورعه، يقول عليه الصلاة والسلام:

((ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت له كبوة إلا أخي أبا بكر))

((ما نفعني مالٌ قط ما نفعني مال أبي بكر, قيل: فبكى أبو بكر, قال: يا رسول الله, وهل أنا ومالي إلا لك؟))

فإذا أردت أن تكون مؤمناً من الطراز الأول, اجعل هذا الصحابي الجليل قدوةً لك, كان يحلب الشياه لجيرانه، فلما تسلَّم الخلافة, ظن الجيران أنه لن يتابع هذه الخدمة، طُرق الباب، افتحي يا بنيتي, من الطارق؟ قالت لأمها: جاء حالب الشاة, بعد أن تسلَّم الخلافة .
سيدنا الصديق يمشي على قدميه, وهو خليفة المسلمين، وسيدنا أسامة بن زيد، عمره سبعة عشر عاماً, يركب الناقة، قال:

((والله يا خليفة رسول الله, لتركبن أو لأنزلن, قال: والله لا ركبتُ ولا نزلتَ، وما عليَّ أن تُغبّر قدماي ساعةً في سبيل الله))