عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-21, 10:36 AM   #4
الفيلسوف

آخر زيارة »  05-07-24 (05:23 AM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي





قال بعض كُتَّاب السيرة: ربما كانت هذه الزوجة المسعدة لزوجها تمازحه بكلماتٍ، ويعظها بكلمات .

من ذلك ما رواه ابن المبارك أن سودة, قالت: يا رسول الله! إذا متنا صلى لنا عثمان بن مظعون, حتى تأتينا أنت، فقال لها: لو تعلمين علم الموت يا بنت زمعة, لعلمت أنه أشد مما تقدرين عليه))

أي نوع من أنواع الدعابة، نوع من أنواع الطرافة بين الزوج وزوجته .
وقال بعض كُتَّاب السيرة: كانت رضي الله عنها مع حبها للمرح والمزاح, كريمة جوادة ، لا يأتيها مالٌ إلا سارعت بإنفاقه على أهل ذي الحاجة



المزاح بين الزوجين كالملح قليله أو كثيره يفسد
فقد روي بسندٍ صحيح عن محمدِ بن سيرين, أن عمر بعث إلى سودة بغرارةٍ من دراهم, فقالت:

((ما هذه؟ قالوا: دراهم، قالت: في غرارةٍ مثل التمر، ففرَّقتها))

أيها الأخوة, مما يؤثر عن هذه الزوجة الفاضلة، أنها كانت حريصةً كل الحرص على إرضاء رسول الله صلى الله عليه وسلَّم وتكريمه، فكانت إذا مازحته, لم تُقَلل ذلك من هيبتها له, وتوقيرها إياه شيئاً .
بالمناسبة: أنا لا أتمنى أن ترفع الكلفة بين الزوجين أبداً، إنْ رُفعت كلياً شقي الزوجان، لا بدَّ من حدٍ أدنى من الكلفة بين الزوجين، أما إذا رفعت الكلفة, واستباح كل طرفٍ أن يكثر المزاح مع الطرف الآخر, حيث يقلل من هيبته، كانت مشكلة .
والحقيقة: المزاح كالملح في الطعام، إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، فالذي يمزح ينبغي أن يمسك بميزانٍ دقيقٍ جداً، إنه إن أكثر المزاح, فقد هيبته، وهناك مزاح يجرح، ومزاح فيه إهانة، ومزاح مؤلم، هناك مزاح، لكنه قليل ونادر؛ لا يؤذي أبداً، ولا يجرح، ولا يُهين، ولا يحجِّم، ولا يخجل، هذا هو المزاح المسموح به، هناك من يمزح مع زوجته بالانتقاص من شكلها، بإبراز عيوبها، بتكبير عيوبها، بالتعريض بأهلها، هذا ليس مزاحاً، بل هذا هدمٌ للعلاقات بين الزوجين .

في صفة لطيفة بهذه الزوجة، أنها كانت إذا أخطأت عادت سريعاً إلى صوابها، تقول السيدة عائشة:

((إذا أصابتها الحِدَّة, فاءت سريعاً, فتصلح نفسها مما نابها))

وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:

((مَا رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ إِلَيَّ, أَنْ أَكُونَ فِي مِسْلَاخِهَا مِنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ, مِنْ امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَّةٌ, قَالَتْ: فَلَمَّا كَبِرَتْ, جَعَلَتْ يَوْمَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ, قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ جَعَلْتُ يَوْمِي مِنْكَ لِعَائِشَةَ, فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَيْنِ يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ))

[أخرجه مسلم في الصحيح]

أي حينما تخطئ تسارع إلى الإصلاح .