الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-13-21, 07:28 AM   #209
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (08:38 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 196 »
السيرة النبوية العطرة (( محاولة اختراق الخندق ))
______

وصل جيش الأحزاب إلى المدينة المنورة ، وذهلوا عندما رآوا الخندق !! فكان طول الخندق حوالي {{ ٦ كم }} وعرضه حوالي {{ ٨ متر }} وعمقه حوالي {{ ٤ متر }} ، وقد وضع المسلمون مخلفات الحفر من تراب وحجارة وصخور ناحية المدينة ، فشكلت ساترا يمكن للمسلمين الاختباء خلفه ، ويمكنهم أيضا رمي جنود العدو بالسهام منه إذا حاولوا العبور أو حتى الاقتراب من الخندق . وشاهد المسلمون هذا الجيش الضخم من الأحزاب ، حوالي {{ عشرة آلاف مقاتل }}
وقالوا : صبرا على البلاء، وتسليما للقضاء، وتصديقا بتحقيق ما وعدهم الله و رسوله نصرا أو شهادة في سبيل الله ، فأنزل الله قوله تعالى :
{{ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا }} .

تمركز المسلمون خلف الخندق ، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -أن تكون النساء والأطفال داخل الحصون ، وأخذ فرسان المشركين يدورون حول الخندق يحاولون أن يجدوا نقطة ضعف ينفذون منها إلى المدينة ، فأخذ المسلمون يرمونهم بالسهام حتى لا يقتربوا من الخندق فيحاولوا ردم جزء من الخندق يبنون طريقا عليه للعبور . كان المشركون مصرين على اقتحام الخندق، و في المقابل استبسل المسلمون لمنع المشركين من ذلك ، واستطاع رجال من فرسان المشركين ، اقتحام الخندق من أحد الأماكن الضيقة ، منهم عكرمة بن أبي جهل ، ورجل من ربيعة ، وعلى رأسهم {{ عمرو بن عبد ود }} .

عمرو بن عبد ود رجل مُسِنّ ، زاد على الثمانين من العمر ، ولكنه مضرب الأمثال في الشجاعة والبطولة في قريش ، شهد بدراً ، فأصابته الجراح ولكنه لم يمت، ولم يشهد أحُدا لأن جراحه في بدر ما زالت تؤلمه ، فحرّم على نفسه منذ يوم بدر الدهن [[ يعني لن يمس رأسه الزيت ]] حتى يأخذ بثأره من المسلمين ، فجاء اليوم مع الأحزاب و كان ثائر الرأس [[ يعني شعره منفوش منكوش منشف ]] .
ونادى عمرو بن عبد ود : من للمبارزة يا أصحاب محمد ؟؟ أين جنّتكم التي تزعمون أن من قُتل منكم دخلها ؟ وقال شعرا :

ولقد بححت من النداء بجمعكم هل من مبارز
إن الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرائز

فوثب له على الفور علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وكان عمره 23 عاما
واستأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأذن له ، ثم انطلق إليه علي قائلا :

لا تعجلنّ فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز
إنّي لأرجو أن أقيم عليك نائحة الجنائز

وقبل مبارزته خيّره - علي رضي الله عنه - بين الدخول في الإسلام أو العودة مع قومه إلى بلاده ، أو المبارزة . فقال عمرو : ما جئت إلا للمبارزة ، فمن أنت لتبارزني ؟ فأجابه علي – رضي الله عنه - : أنا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

قال عمرو: يا فتى ، إن أباك كان ودّاً لي [[ أي صديقي المقرب ]] وإني أكره أن أهرق دمك ، أو أقتل الرجل الكريم مثلك ، وإن من أعمامك من هو أسنّ منك فارجع من حيث أتيت ، وليبرز لي غيرك . فردَّ عليه - رضي الله عنه - وقال : أمّا أنا فإني أبغض الكفر فيك ، وإن أحب شيء إلى قلبي اليوم أن أهرق دمك !! فثار غضب عمرو ، و استلّ سيفه ، وأقبل بفرسه مسرعا ، فهوى بالسيف على علي – رضي الله عنه – فعلقت سيفه بترس علي ، فضربه علي – رضي الله عنه - ضربةً واحدة فإذا هو قتيل ، فعلا صوت نبينا و المسلمين بالتّكبير .

وتَذكر كتب السّيرة أن أخت عمرو بن عبد ود عندما بلغها مقتل أخيها قالت : من ذا الذي اجترأ عليه ؟ فقالوا ابن أبي طالب . فقالت : قتل أخي الأبطال ، وبارز الأقران ، وكانت منيته على يد كفو كريم من قومه ، فلا بكاء بعد اليوم ، ثم أنشأت ترثيه :

لو كان قاتل عمـرو غيـر قاتلـه بكيته ما أقام الـروح في جسـدي
لكـن قـاتلـه من لا يُعـاب بـه وكان يُدعى قديمـاً بيضـة البلـد

بيضة البلد : كناية عن مدح علي ، حيث يُجمع الناس على رأيه ويقبلون قوله .
وعندما رأى النّفر الذين اقتحموا الخندق من المشركين ما حصل مع عمرو بن عبد ود ، أسرعوا بالفرار ، ومنهم عكرمة بن أبي جهل ، حيث ألقى السيف والرمح من يده لكي لا يعيقانه عن الهرب خلال الخندق ، ولحق الزبير بن العوام - رضي الله عنه - برجل عند حافة الخندق ، وعلاه بالسيف فقسمه نصفين .
ولما هرب عكرمة بن أبي جهل بهذا الشكل المخزي ، هجاه حسّان بن ثابت قائلا - والشعر كان له تأثير عليهم ربّما أكثر من السيف - :

فَرَّ وَأَلقى لَنا رُمحَهُ ... لَعَلَّكَ عِكرِمَ لَم تَفعَلِ
وَوَلَّيتَ تَعدو كَعَدوِ الظَليمِ ... ما إِن تَجورُ عَنِ المَعدِلِ
وَلَم تُلقِ ظَهرَكَ مُستَأنِساً ... كَأَنَّ قَفاكَ قَفا فُرعُلِ

يسخر من عكرمة أنه ألقى سلاحه و هرب مثل ذكر النعام ( الظليم ) وهدف عكرمة الرجوع إلى الأحزاب فقط و النجاة بروحه ، ومن خوفه لم ينظر إلى الخلف ، ويشبه في هروبه ب ( فرغل ) وهو ابن الضبع الصغير !!!!

وقد استمر التراشق بالنبال بين الطرفين حتى أن المسلمين لم يستطيعوا أداء صلاة العصر ، ولم تكن قد شُرعت صلاة الخوف بعد .

عَنْ عبدِ اللهِ بن مسعود، قالَ: حَبَسَ المُشْرِكُونَ رَسولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ - عن صَلَاةِ العَصْرِ، حتَّى احْمَرَّتِ الشَّمْسُ، أَوِ اصْفَرَّتْ، فَقالَ رَسولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ - : " شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الوُسْطَى، صَلَاةِ العَصْرِ، مَلأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ، وَقُبُورَهُمْ نَارًا " . رواه مسلم .

وبعد هذه الأحداث قال أبو سفيان : هذا يوم ليس لنا به نصيب .
يتبع . . .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم