الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-15-21, 08:48 AM   #211
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (10:01 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 198 »
السيرة النبوية العطرة (( غزوة الأحزاب - زلزلة المؤمنين ))
______
وصل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - خبر غدر بني قريظة ونقض عهدها معه ، فأراد أن يتأكد من ذلك ، فأرسل سعد بن معاذ سيد الأوس ، و سعد بن عبادة سيد الخزرج و عبدالله بن رواحة – رضي الله عنهم جميعا - ، وكان سعد بن معاذ حليف بني قريظة قبل الإسلام ، وقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم- :انطلقوا حتى تأتوا هؤلاء القوم فتنظروا ؛


أحقاً ما بلغنا عنهم أم أنها شائعة ؟؟ إن كانت شائعة فاجهروا بها على الناس حتى يطمئنوا [[ لأن الخبر تسرب بين صفوف المسلمين ]] ، وإن كان حقا قد نقضوا العهد {{ فالحنوا لي لحنا أعرفه ولا تفتوا في أعضاد الناس }} ، ما أجمل هذه البلاغة من الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم -!!

[[ يعني احكولي كلمة أعرفها أنا وأفهمها من غير أن يعرفها الناس فتنكسر عزيمتهم ]] صلى الله عليك وسلم يا حبيبي يا رسول الله يا إمام المرسلين ، نِعمَ المدرسة أنت ؛ أه لو أن أمتك تستفيق وترجع لسُنّتك !!

انطلق سعد ومن معه حتى أتوا يهود بني قريظة ، فأغلقوا في وجوههم أبواب حصونهم ، فنادى سعد بن معاذ من وراء الحصون : يا كعب ، بلغنا عنكم أنكم نقضتم العهد مع محمد !! فأطلّ كعب قائلا :

لا عهد بيننا و بين محمد ، ونَالُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالُوا: مَنْ رَسُولُ اللَّهِ؟ لَا عَهْدَ بَيْننَا وَبَين مُحَمَّد. فَشَاتَمَهُمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَشَاتَمُوهُ، ثُمَّ نَادَاهُمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ: إِنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ يَا بَنِي قُرَيْظَةَ، وَأَنَا خَائِفٌ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ بَنِي النَّضِيرِ أَوْ أَمَرَّ مِنْهُ. ثُمَّ عادوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالُوا: عَضَلٌ وَالْقَارَةُ.

[[ يعني غدر كغدر عضل والقارة، وهي القبائل التى غدرت بالمسلمين عند بئر الرجيع ]] ،

فتأكّد رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن بني قريضة نقضت عهدها، وقَالَ :
" اللَّهُ أَكْبَرُ أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ " .

لماذا قال لهم أبشروا ، مع أنهم أصبحوا في مأزق كبير بعد غدر يهود بني قريظة ؟؟ لأننا كبشر كنا معتمدين على حماية ظهرنا من قبل يهود ، أما الآن فقد قطعنا الأمل منهم ، وأحيط بالصحابة من كل جانب ، إذن إلى أي جهة سيتوجهون بقلوبهم بصدق ؟؟ . . . إلى {{ الله جلّ جلاله }} فهو الذي يقول جل في علاه : {{ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ }} ، وهذا أيضا درس لنا اليوم :

[ لا تصدّقوا أيها المسلمون أنّ أعداء الله يحمون ظهوركم ] . ويقول تعالى أيضا واصفاً الرسل : {{ حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا }} .عندما نلجأ إلى الله بصدق سيأتي نصره لا محالة . وكم نحتاج في أيامنا هذه أن نتوجه بقلوبنا إلى الله، توجه حقيقي صادق ، و نأخذ بالأسباب دون أن نعتمد عليها ؛ لعلّ الله يرفع عنّا الويلات و المصائب .

ولكن وبالرغم من محاولات الرسول - صلى الله عليه وسلم – في عدم انتشار هذا الخبر بين المسلمين ، إلا أنه انتشر ، وكان من أشد الابتلاءات التي مر بها المسلمون ، فالخيانة أمر عظيم ، وقد يهلك الجميع من ورائها ، فقد أصبح الأحزاب جاهزين للدخول من فوق المسلمين جهة بني قريظة ، ومن أسفل المسلمين جهة الخندق في حال اختراقه ،

فأصيب المسلمون بالخوف الشديد ، فعيونهم كأنها فقدت الرؤية المتوازنة، و أصبحت حائرة لا تستقر على حال، ولا تتركز في اتجاه ، وقلوبهم بلغت الحناجر من اهتزازها واضطرابها ، حتى يشعر الواحد منهم أنها انخلعت من موقعها في الصدر لتبلغ الحلقوم من شدّة الخوف ، تماماً كما هو حال المحتضر عندما يزيغ بصره وتبلغ روحه الحلقوم !!

قال تعالى : [[ إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الاْبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَاْ* هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً ]] .
هذه الصدمة القوية، وهذا الالتفاف المفاجىء عليهم من جميع الجهات، لم يخطر لهم على بالٍ، ولم يسبق لهم أن عاشوه في تجربةٍ سابقةٍ، ولذلك عاشوا الزلزال النفسي الذي فقدوا معه الاستقرار، فأصبحوا مضطربين ، وفي هذه المرحلة لا يثبت إلا المؤمن صادق الإيمان،

أما المنافق فلابد أنه سيقع ويسقط .
[[ وكحالنا اليوم تماما ونحن نعيش الفتن ، فكم من داعية أو كاتب أو إعلامي أو مشهور أو سياسي ... تزلزل وسقط القناع عنه فظهر نفاقه !! ]] . إنّ مرحلة الفتنة والابتلاء الشديد والزلزلة هي من سنن الله تعالى في كونه، حتى يتميز الخبيث من الطيب، والمؤمن من المنافق ، و إذا اجتاز المسلمون هذه المرحلة فإنّ النصر قادم لا محالة .


قال تعالى :
{{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ }} .

أمّا عن حال المنافقين في المدينة عندما علموا بنقض يهود بني قريظة للعهد ، فهم يزيدون الطين بِلّة كعادتهم ، لكنّهم الآن لم يستطيعوا تصنّع الإيمان ، فقد شعروا أن الموت قادم لا محالة ، و أن الأحزاب سيقضون على المسلمين ، فكانوا يقولون : [[ قبل أيام ونحن نحفر الخندق كان محمد يعِدُنا بكنوز كسرى وقيصر، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط !! ]] .
قال تعالى : {{ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا }} .

وبدأ المنافقون في التسرب والهرب من صفوف معسكر المسلمين ، مدّعين أنّهم يريدون حماية نسائهم و أطفالهم ،حتى أنّهم قالوا كلمة ( يثرب ) بدل كلمة ( المدينة ) !! فقد نسُوا أنهم منافقون !! وظهرت طباعهم الحقيقية ، فكان القرآن لهم بالمرصاد ، ففضح نواياهم : {{ وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا }}.

وأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - مجموعات من الصحابة يطوفون حول بيوت المدينة ليلاً ، و يجهرون بالتكبير، لتعلم يهود بني قريظة أن هناك رجال يحرسون بيوت المسلمين ، فهم لا يعرفون في أي وقت اتفق يهود بني قريظة مع الأحزاب على نقطة الصفر ليفتحوا لهم أبواب حصونهم ، وتوجه - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون إلى الله بالدعاء لكشف هذه الغمّة .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم