الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-16-21, 07:41 AM   #212
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (12:54 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 199 »
السيرة النبوية العطرة (( غزوة الأحزاب – أحداث بعد نقض قريظة العهد ))
______
بعد أن نقض بنو قريظة عهدهم مع النبي – صلى الله عليه وسلم – أصبح وضع المسلمين حرجا للغاية ، وفي هذا الوقت العصيب حدث أمر غير متوقع ، وفيه بشارة للمسلمين ، ألا وهو إسلام [[ نعيم بن مسعود ]] من زعماء قبائل غطفان التي تقف الآن عند الخندق تحاول اقتحام المدينة مع حلفائها من قريش وباقي القبائل .
فقد جاء في كتب السيرة أنّ نعيم بن مسعود تسلل من معسكر قومه تحت جنح الظلام ، ومضى يحث الخطى إلى رسول الله، فأستأذن بالدخول ، [[ ظنوه رسولا جاء من طرف غطفان ، والرسل معروفة عند العرب لا تُقتل ]] ، فلما رآه الرسول ماثلاً أمامه، قال له: ما الذي جاء بك ؟؟ قال : جئت لأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبد الله ورسوله، وأنّ ما جئت به الحق ،

و إنّ قومي غطفان لم يعلموا بإسلامي ، فمرني بما شئت [[ يعني إذا تريد اعمل شي ينفع المسلمين ، أنا مؤمن بينهم وما حدا عارف عني ]] . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إنما أنت رجل واحد [[ يعني انضمامك إلى الجيش لن يكون فيه فارق كبير لأنك شخص واحد ]] ، ولكن خذّل عنا ما استطعت [[ يعني اعملك شغلة توقع فتنة بين الأحزاب ]] .

وبالفعل قام نعيم بن مسعود - رضي الله عنه وأرضاه - بخدعة عجيبة ، وهو صديق حميم لسيد بني قريظة - كعب - وصديق أيضا لحيي بن أخطب ، فقال لهما : يا كعب ويا حيي قد عرفتم ودي إياكم وخاصة ما بيني وبينكم ، إني ناصح لكم ؛ فإن قريشاً قد ملت المقام [[ يعني صار الهم ١٥ يوم ملوا وزهقوا ما بدهم يحاربوا ]] ، وإن هذا الرجل [[ قصده النبي ]] ،لا يؤمن جانبه !!

هل نسيتم ما صنع بإخوانكم من بني النضير وقينقاع ؟؟ وقريش ليسوا مثلكم !! هي سترجع إلى بلدها ، و أنتم أين ستذهبون ؟ قالوا : قد فتحت أذهاننا ، وما العمل يا نعيم ؟!!! قال : لا تقاتلوا معهم حتى يُعطوكم رهائن من سادة قريش و غطفان ، فلا يستطيع القوم أن يرجعوا إلى بلادهم وسادتهم وأشرافهم في حصنكم . قالوا : لقد أشرت بالرأي . قال : ولكن اكتموا عني . قالوا : نفعل .


ثم ذهب نعيم إلى جيش الأحزاب في نفس الليلة ، واجتمع مع سادة قريش وقال : يا أبا سفيان ، تعلمون ودي لكم ونُصحي لكم ، أحدثكم حديثا وتكتموا عني . قالوا : نفعل ، ماذا عندك يا نعيم ؟!!

قال : كنت عند بني قريظة ، [[ طبعا هم يعلمون أن نعيم صديقا لهم ]] وسمعت منهم حديثا ما سرني !! سمعت أن اليهود قد ندموا على ما كان منهم من نقض عهدهم مع محمد وأصحابه ، وإنهم قد راسلوه أن يأخذوا منكم رهائن يدفعونها إليه ثم يوالونه عليكم ، فإن سألوكم رهائن فلا تعطوهم . قالوا :

أجل قد أشرت بالرأي . ثم ذهب إلى غطفان ، وقال لهم ما قاله لقريش . وهكذا استطاع نعيم أن يدب الخلاف بين جيش الأحزاب ما أمكن ، فكان كل فريق منهم على حذر من الآخر وتوسوست صدورهم ، وشك كل واحد في الآخر، وتوجّس كل منهم خيفة من صاحبه ، يعني [[ العيار اللي ما بصيب بدوش !! ]] .

وفي إطار فك التحالف بين الأحزاب ، جاء في كتب السيرة [[ أنّ الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فكّر أن يعرض على قبائل "غطفان" ثلث ثمار المدينة على أن ينسحبوا من القتال ]] ،

وكان واثقا أنّها ستوافق، لأن "غطفان" لم يكن بينها وبين المسلمين عداءًا شديدًا، والذي شجعها على الخروج لغزو المسلمين هو أن يهود "خيبر" اتفقوا معهم على أن يعطوهم نصف ثمار خيبر لمدة عامين ، فإذا انسحبوا سيقل جيش الأحزاب إلى النصف ، وهنا تكون الفرصة أكبر لهزيمة الأحزاب ، وكان غرض النبي أيضا من هذا الرأي أن يتأكد أكثر من عزم الأنصار على مواجهة جيش الأحزاب بعد أن نقض بنو قريضة العهد ، حيث أن المدينة كلها رجالا و نساء و أطفالا سيكونون معرضين للخطر من هذا الجيش المتخم بالعُدّة و العدد .

فاستشار الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- [[ سعد بن معاذ سيد الأوس ، وسعد بن عبادة سيد الخزرج ]] ، فقال سعد بن معاذ: يا رسول الله! هل هذا أمر تحبه فنصنعه ؟ أم شيء أمرك الله به لا بد لنا من العمل به؟ أم شيء تصنعه لنا ؟ فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وكالبوكم من كل جانب، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم .

فقال سعد بن معاذ:

[[ يا رسول الله! قد كنا وهؤلاء على الشرك بالله وعبادة الأوثان، لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها - أي: من المدينة المنورة - ثمرة واحدة إلا قرىً أو بيعاً - أي: ضيافة أو بيعاً -، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا به وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا ؟ ما لنا بهذا من حاجة ]] .

و وافقه سعد بن عبادة القول ، ففرح الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، ومرة ثانية وعاشرة ينزل الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على رأي يخالف رأيه، [[ فرسولنا هو أكبر قائد للشورى في الإسلام ]] .

فمعنى قول سعد أنه قد يتفكك التحالف، وتنهزم قريش واليهود، ولكن في نفس الوقت سيكون لهذا الرأي تداعيات سلبية وخطيرة جدًا في المستقبل، حيث ستهتز صورة المسلمين أمام الجزيرة كلها، وسيفتح باب الابتزاز المستمر للمدينة، فكلما أرادوا مالا جاؤوا وحاصروا المدينة، وستعتبر قبائل غطفان نفسها أنها انتصرت علينا .

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم – يجتمع بالصحابة ويصلي بهم ، ويطمئنهم ، ويحثهم على الجهاد ؛ " فالجنة تحت ظلال السيوف " ، ويدعوهم إلى عدم تمني لقاء العدو ، فإذا حدث عليكم الصبر عند ملاقاته ، وعلّمهم أن يدعوا الله قائلين : " اللهم استر عوراتنا و آمن روعاتنا "

. وجاء أيضا في صحيح مسلم قوله : " إنَّ بالمَدِينَةِ جِنًّا قدْ أَسْلَمُوا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ منهمْ شيئًا، فَآذِنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، فإنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذلكَ، فَاقْتُلُوهُ، فإنَّما هو شيطَانٌ " .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم