الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-16-21, 07:44 AM   #213
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (06:17 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 200 »
السيرة النبوية العطرة (( انسحاب الأحزاب ، وتحقق النصر ))
______
قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا " .
نحن الآن في آخر غزوة الخندق ، و التي دامت قرابة عشرين يوما ، فقبل انسحاب الأحزاب بيوم اشتدت قريش على خيمة النبي - صلى الله عليه وسلم - بنبالها تحاول قتله – فهو هدفهم الأكبر - فأحاط الصحابة بخيمته - صلى الله عليه وسلم - إحاطة السوار بالمعصم ، يصدون السهام والنبال عن خيمته .

تروي عائشة – رضي الله عنها – وتقول : خرجتُ يومَ الخندقِ أقفُو آثارَ الناسِ ، فالتفتّ فإذا أنا بسعدِ بنِ معاذٍ ومعه ابنُ أخيه الحارثُ بنُ أوسٍ يحمل مِجنَّه قالت : فجلستُ إلى الأرضِ فمرَّ سعدٌ وعليه دِرعٌ من حديدٍ قد خرجتْ منها أطرافُه [[ يعني غيرساترة بشكل جيد ]] فأنا أتخوَّفُ على أطرافِ سعدٍ قالت : فمرَّ وهو يرتجزُ ويقول :

لَيْتَ قَلِيلًا يُدْرِكِ الْهَيْجَا حمَلْ ... مَا أَحْسَنَ الْمَوْتَ إِذَا حَانَ الْأَجَلْ
قالت : فإذا برجل مشرك يرمي سعدًا فأصاب أكحُلَه ، فقال سعد : اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش، فأبقني لها، فإنه لا قوم أحبّ إلي أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك، وكذبوه، وأخرجوه . اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم، فاجعلها لي الشهادة، ولا تُمتني حتى تقرّ عيني في بني قريظة. فلم يمت - رضي الله عنه – واستجاب الله دعاءه ، وقد حكم في بني قريظة حكمه العادل كما سنرى .

[[ سعد بن معاذ – زعيم الأوس - قيمة كبيرة جدًّا في الإسلام، شاب قائد يصاب إصابة قاتلة وهو في السابعة والثلاثين من عمره، ماذا يدعو و يتمنّى ؟ يرجو الله ألا يموت حتى يجهز على قريش، وأن لا تفوته فرصة الشهادة في سبيل الله !! حتى في لحظاته الأخيرة لا ينسى غدر بني قريظة، ولا ينسى هموم الأمة الإسلامية ، وهذه رسالة إلى شبابنا اليوم أن يقتدوا به ، فهم قوة الوطن ]] .


مضى النهار وانصرف المشركون عن خيمة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقام النبي – عليه الصلاة و السلام – يصلي في تلك الليلة، والتي كانت شديدة البرد والظلمة ، ويدعو الله : ( اللَّهُمَّ ، مُنْزِلَ الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اهْزِمِ الأحْزَابَ، اللَّهُمَّ ، اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ ) .

وبعد هذا الكرب العظيم الذي أصاب المسلمون ، وبعد هذا الصبر و الابتلاء للمؤمنين ، جاء موعد الفرج ، جاء موعد النصر ، جاء موعد جنود الله ، فبعَثَ اللهُ - عزَّ وجلَّ – رِيحَا قوية على الأحزاب ؛ وقد أزالَتْ خِيامَهم ، وأطْفأَتْ نِيرانَهم ، وقلبت قدورهم ، وأرسل الملائكة تتبع أدبار الخيل تضربها فتسرع ، حتى قيل إنهم قطعوا في يوم واحد مسافة ثلاثة أيام من شدة الخوف .

و يروي لنا حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه - ما حصل تلك الليلة ويقول :
" لقَدْ رَأَيْتنَا مع رَسولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ - لَيْلَةَ الأحْزَابِ، وَأَخَذَتْنَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ وَقُرٌّ[ برد ] ، فَقالَ رَسولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- : أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينِي بخَبَرِ القَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِي يَومَ القِيَامَةِ؟ [ يعني واحد يطلع على الأحزاب و يأتيني بمعلومات عنهم وله الجنة ] ،

فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ، ثُمَّ قالَ: أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بخَبَرِ القَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِي يَومَ القِيَامَةِ؟ فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ، ثُمَّ قالَ: أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بخَبَرِ القَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِي يَومَ القِيَامَةِ؟ فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ،

[ فالصحابة يعلمون أسلوب النبي ، فهو يوكل بفراسته لكل مهمة من هو الأنسب لها كما قلنا سابقا ، ويبدو أنه يريد شخصا معينا لهذه المهمة] .

فَقالَ: قُمْ يا حُذَيْفَةُ، فَأْتِنَا بخَبَرِ القَوْمِ، فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا إذْ دَعَانِي باسْمِي أَنْ أَقُومَ، قالَ: اذْهَبْ فَأْتِنِي بخَبَرِ القَوْمِ، وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ [ لا تفزعهم وتقتل منهم أحدا فيثوروا ويتحركوا على المسلمين ] . فَلَمَّا وَلَّيْتُ مِن عِندِهِ جَعَلْتُ كَأنَّما أَمْشِي في حَمَّامٍ حتَّى أَتَيْتُهُمْ، [ الحمام هو الماءِ الحارِّ، والمعنى:

أنَّه لم يَجدِ البَرْدَ الَّذي يجدُه النَّاسُ ولم يجد مِن تلكَ الرِّيحِ الشَّديدةِ شَيئًا، بل عَافاهُ اللهُ من ذلك بِبركةِ إِجابتِه لِلنَّبيِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - وتضحيته وذَهابِه فيما وجَّهَه له، ودُعاء النبي له ] قال : فَرَأَيْتُ أَبَا سُفْيَانَ يَصْلِي ظَهْرَهُ بالنَّارِ [ يُدْفِئُ ظَهْرَه بِالنَّارِ ويُقرِّبُه منها ] ، فَوَضَعْتُ سَهْمًا في كَبِدِ القَوْسِ فأرَدْتُ أَنْ أَرْمِيَهُ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ رَسولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلمَ -:

وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ، ولو رَمَيْتُهُ لأَصَبْتُهُ ، فَرَجَعْتُ وَأَنَا أَمْشِي في مِثْلِ الحَمَّامِ ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ فأخْبَرْتُهُ بخَبَرِ القَوْمِ :[ إنها إرادة الله :

ريح شديدة تقلب قدورهم و تقتلع خيامهم ، و المسلمون لا يشعرون بها ] وقُرِرْتُ [ أصبت بقشعريرة من البرد ] ، فألْبَسَنِي رَسولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ - مِن فَضْلِ عَبَاءَةٍ كَانَتْ عليه يُصَلِّي فِيهَا، فَلَمْ أَزَلْ نَائِمًا حتَّى أَصْبَحْتُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قالَ: قُمْ يا نَوْمَانُ. [ يا كثير النوم ] .

ويُروى أنّ أبا سفيان قال : يا معشر قريش ، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام ، لقد هلك الكراع والخف، ولقينا من شدة الريح ما ترون ، [[ أي هذا المكان لا يصلح أن نقيم فيه ، و رجلينا تجمّدن من البرد ]] ،

وأخلفتنا بنو قريظة، وأخشى أن تتفق قريظة ومحمد الليلة عليكم . فارتحلوا فإني مرتحل !! فقام وجلس على بعيره دون أن يحل عقاله [[ يعني من كثر ماهو مستعجل ، بدو يركب البعير وهو مربوطه ايده ]] !! فوقف بعيره على ثلاثة أرجل ، وقفز به البعير قفزتين ، فضحك القوم .

إذن انسحبت قريش ، وانسحبت غطفان ، وانسحبت باقي القبائل ، وشاهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون الأحزاب وهم ينسحبون ، {{ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا }} .

حققت غزوة الأحزاب فوائد عظيمة للمسلمين ، فقد تأكد لجميع القبائل أن المسلمين هم القوة الأولى في شبه الجزيرة ، فمع تجمع كل القبائل و تحالفها لم تستطع هزيمة المسلمين ، كذلك بيّنت الغزوة صدق المؤمنين و تضحياتهم في سبيل الإسلام ، و كشفت مرة أخرى خبث المنافقين و اليهود .


اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم