في بداية حديثي حين قلت :
" في خضم هذا الموج المتلاطم من الشك ، وإلقاء الشبه حوله جزافا ،
والتي لا تأتي إلا من جاهل لا يعلم عن أمره شيء بعدما جعل هواه
وعقله حكما على ما حواه " !
فهنالك :
من يُنكر تلك التجليات التي تتنزل على المنقطع إلى الله ،
وبأنها تناقض اسباب خلق الانسان حينما اقتصر على " العبادة "
وغفل أو تغافل عن " الخلافة " الخلافة في الأرض وذلك بالسير
فيها واعمارها .
وأقول في هذا :
هناك من يسرف في الذهاب إلى القول
بتلك الخوارق التي تتجلى لذاك المريد
الذي يتقرب من باب الكريم !
ليقضي الواحد منهم ما يقضيه من وقت بحجة
" خدمة ربه " !
فمن :
وقع في ذاك فقد شذ ، وغفل عن معنى الانقطاع لله ، حيث جعلوا منه هو الانقطاع
عن كل لوازم الحياة من تواصل مع الأنام ، والسعي للرزق ، والقيام بشؤون الأسرة
والمجتمع بعد أن اعتكف في صومعته ، واسدل الستار عن كل متطلبات الحياة ،
ومن هنا :
غفل أن ذلك الأمر يخالف سنة الله في الخلق وعلى الخلق الذي كان في أصله
العبادة وعمارة الأرض ، لا ينفصل وينفك هذا عن ذاك .
لأن الاسلام :
" قد حرّم ونهى عن الرهبانية في الاسلام " .
ولنا :
أن نتفكر في حال النبي المصطفى _ عليه الصلاة والسلام _
وهو أعبد من في الأرض الذي تنام عينه وقلبه لا ينام ،
لكونه متعلق برب الأرض والسماء ،
فلم :
يتخذصومعة وينفرد بعبادته من دون الناس !
بل كان يخالط الناس ويقوم بحاجات أهله ورعيته .
ولنذكر :
حال وأحوال من ياتي من بعده من الأصفياء والاولياء ،
فلم ينقطعوا عن أعمالهم وشؤون معاشهم بحجة العبادة !
بل :
علموا بأن السعي في الرزق ، وتتبع حاجات الناس
هي من أكبر العبادات .
حال :
أولئك الأبدال أنهم يخالطون الناس ويقومون بواجياتهم التي
تفرضها عليهم الحياة , ومع هذا القلب فيهم ينبض بحب الله ،
ولسانهم يلهج :
بالذكر
و
الحمدلله
و
التهليل لله .
فإذا ما أسدل الليل سدول ظلمته ، وخلى الحبيب بحبيبه قام ذلك المشتاق
لينفرد بربه وحبيبه ، والناس منهم في غفلتهم لاهون ،وبعضهم نائمون .
" فلم يعطلوا بذاك الحقوق والواجبات التي عليهم " ،
ولم يغفلوا في ذات الوقت أن يغذوا أرواحهم بقربهم من الله " .
لتكون القاعدة :
" لا إفراط ولا تفريط " .