الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-17-21, 08:48 AM   #215
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (08:23 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 202 »
السيرة النبوية العطرة (( غزوة بني قريظة ج2 ))
______
وعلى الرغم من التعب الشديد بعد غزوة الأحزاب، و الألم و المعاناة ، والبرد والنوم في العراء ؛ إلا أنّ المسلمين استمروا في حصار بني قريظة بضع عشرة ليلة، وكانوا عازمين على النيل منهم بكل إصرار لأنهم خانوا عهد الله و رسوله ، وكانوا سيتسببون في هلاك المسلمين . لكنّ بني قريظة رفضوا أن ينزلوا على حكم الله ورسوله ، ومع تشديد الحصار عليهم ، ألقى الله الرعب في قلوبهم ، فقالوا : ننزل على حكم {{ سعد بن معاذ } زعيم الأوس .

[[ يا الله سبحانك ما أعظمك !! فقد استجاب الله دعاء سعد ، وهاهم اليهود ينزلون على حكمه بعد هزيمة الأحزاب، وهذا درس في الثقة بالله ]] .

فأرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - في طلب سعد بن معاذ ، وكان سعد لا يزال يُمرّض في المدينة ، فحمله رجال من قومه على دابة صغيرة ،وقالوا له : يا سعد أحسن في مواليك ، فإن رسول الله قد حكّمك فيهم ، فلما أكثروا عليه الطلب قال : " لقد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم " .

ولما وصل سعد ؛ قام الجميع و استقبلوه ، فلما أنزلوه ، قال له الرسول - صلى الله عليه وسلم – وقد جلس سعد إلى جانبه : يا سعد إن هؤلاء نزلوا على حُكمِك، فاحكم فيهم .[[ يعني الأمر بايدك اعمل اللي بدك إياه ؛ تعفو، تصلح ، تعاقب ، أمرهم لك ]] .

فوقف سعد – رضي الله عنه - فحمد الله ، وأثنى عليه ، وقال : {{ إنِّي أحكُمُ أنْ يُقتَلَ رجالهم وتُسبَى ذراريهم وتُقسَمَ أموالُهم }} .

فلما انتهى كلام سعد ، يقول الصحابة : فما راعنا إلا و النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : والذي نفسي بيده ، لقد حكمت فيهم يا سعد بحكم الله من فوق سبع سموات . وعلى الفور بدأ المسلمون بتنفيذ حكم سعد ، فقُتل المسلمون حوالي [[ 700 من رجال يهود بني قريظة وقيل 400 ]] ، وقُتل أيضا حيي بن أخطب ، والذي كان له الدور الأبرز في تجميع القبائل،

[[ وهو والد السيدة صفية ]] والتي تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك بعامين . ورغم مرارة ما ذاقه النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم ؛ إلا أنه صاحب الخلق العظيم ، فقد قال لأصحابه : لا تفرقوا بين الأم و أطفالها ، ولم يأمر إلا بقتل المقاتلين فقط ، وهنالك من أسلم منهم فنجوا من القتل ، ولم يقتل الذين لم يشتركوا في القتال .

و للرد على أعداء الإسلام الذين ينتقدون هذا العمل : ماذا لو انتصر الأحزاب بمعاونة بني قريظة ؟ بالتأكيد سيُقتل رجال المسلمين، وستُسبى نساؤهم ، وستؤخذ أموالهم . ولو ترك النبي رجالهم لذهبوا إلى خيبر و تحالفوا مع إخوتهم من أبناء القردة و الخنازير و مع القبائل الأخرى ، ولعادوا لحرب المسلمين ، فهم ( خانوا الله و رسوله ) و الخيانة عظمى ، و لا ينفع معها إلا القتل ،[[ اخلع الضرس واخلع وجعه ]] .

بعد تنفيذ هذا الحكم ، رجع المسلمون إلى بيوتهم ، وأمر – صلى الله عليه وسلم – بالعناية بجرح سعد بن معاذ في خيمة في المسجد النبوي ، واستراح سعد تلك الليلة ؛ لكنّ الأجل قد حان ، فقد انفجر الجرح من وريده مرة أخرى ، وسالت الدماء خارج خيمته ، فخرج إليه النبي – صلى الله عليه وسلم – و أصحابه ، ففتح سعد عينيه ،

ونظر للنبي صلى الله عليه وسلم - وقال : يا رسول الله ، لقد سألت الله أن لا يقبض روحي حتى يكون آخر ما يقع عليه بصري من هذه الدنيا هو وجهك يا رسول الله ، و إنّي {{ أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله }} ، وفاضت روحه - رضي الله عنه وأرضاه - وجزاه الله عنا كل خير . وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُحمل إلى البقيع ، ويدفن فيها بجانب المسجد النبوي . وقد جاء في الأحاديث أن أكثر من سبعين ألف ملك شيّعوا سعد بن معاذ ، وفتحت أبواب السماء فرحا بصعود روحه الطاهرة .

هذا هو سعد الذي اهتز عرش الرحمن فرحاً بقدومه ؛ لله درك يا سعد !! ماذا قدمت في ست سنوات من الدعوة ليكون لك هذا القدر العظيم في السماء و في الأرض ؟ لقد ملأ قلبه بحب الله فظهر أثر ذلك على الجوارح : أليس هو من قال لقومه عندما أسلم : إن كلام رجالكم و نسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله و رسوله ؟ فأسلموا جميعا . أليس هو من قال يوم بدر : لو استعرضت بنا البحر يا رسول الله فخضته لخضناه معك ؟ أليس هو من قال في قريش : إنه لا قوم أحب إلي أن أجاهدهم من قوم آذوا نبي الله وكذّبوه ؟

أليس هو من قال : أفحين أكرمنا الله بالإسلام ، نعطيهم أموالنا ؟ والله لا نعطي بني النضير إلا حد السيف ؟ أليس هو من قال : اللهم لا تُمتني حتى تقرّ عيني في بني قريظة . . . نعم ، إنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فنالوا أجر صدقهم .

مات - رضي الله عنه - وهو شاب يبلغ قرابة السابعة و الثلاثين من العمر ، فما أحوج شبابنا للسير على طريقه في الدعوة وحب الإسلام و الدفاع عن المسلمين . هذه مدرسة محمد – صلى الله عليه وسلم – وهؤلاء هم تلاميذه .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم