عرض مشاركة واحدة
قديم 03-20-21, 07:56 AM   #5
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (08:42 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة مختصر قصة البداية والنهاية ابن كثير

ميلاد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام

الحلقة 3


ولما جاءها مخاض الميلاد، التجأت إلى جزع نخلة، وغلبها الحزن والكرب لما ألم بها، فدار بخلدها أن الناس يتهمونها ولا يصدقونها حين تخرج عليهم بغلامها، رغم أنها من من بيت النبوة ومن العابدات الناسكات المنقطعات لخدمة المسجد، وغلبها الهم مع المخاض وهي وحدها بلا مساعد، ولما ولدت طفلها قالت:

يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً. فإذا بطفلها عيسى عليه السلام يتكلم ويرد على أمه: لا تحزني، قد جعل ربك تحتك سرياً، (أي سيداً عظيم الخصال).
كانت مريم وحدها، ليس معها من يعاونها في الولادة، ويجلب لها الماء والطعام وهي نفساء، وضعيفة من أثر الولادة، فرزقها الله الماء من تحتها والطعام من فوقها، فقد أنبع لها نهراً صغيراً من أسفلها، كما نمى لها ثمار النخلة بالبلح حيث اخضر ثم احمر ثم اسود حتى أصبح في هيئة التمر والرطب، وجاءها الأمر أن تهز جذع النخلة يتساقط عليها هذا الرطب الطازج، وبذلك يطمئن قلبها ولا تحزن، فتأكل وتشرب وتقر عيناً، وإذا واجهت الناس تقول بالإشارة أنها صائمة، والصوم في شريعتها ترك الطعام والكلام.

وفي هذا اليوم المبارك من مولد عيسى، ظهر نجم عظيم ساطع في السماء، ووقعت الأصنام في مشارق الأرض ومغاربها، وقد احتارت الشياطين في معرفة سبب ذلك حتى أخبرهم إبليس الكبير عن أمر عيسى، فوجدوه في حجر أمه والملائكة محدقة به.

ولما استعادت مريم عافيتها، حملت طفلها، وخرجت به إلى قومها، فواجهها القوم بالتأنيب والتوبيخ والاتهام بالفاحشة فقالوا: يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً (أي فعلاً منكراً) يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً.

أشارت مريم إليهم تخبرهم أنها صائمة ولن تكلم اليوم إنسياً، ثم أشارت إلى طفلها أن تكلموا معه فهو يجيبكم ويرد عليكم، فتعجب القوم وقالوا: كيف نكلم من كان في المهد صبياً! أتطلبين أن نتحدث مع صبي لا يعقل الخطاب ولا يملك الجواب؟ فإذا بالطفل عيسى عليه السلام يتكلم ويخاطبهم: إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً، وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً، وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً، والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً.

كان كلام عيسى مدهشاً للسامعين ومعجزة وآية رد فيها الاتهامات والافتراءات، فقال إنه عبد لله وليس ابن الله كما زعمت النصارى من بعده، وقال إنه نبي والنبوة لا تعطى إلا لذو نسب شريف فبرأ والدته مما نسب إليها من البهتان، وقال إنه مأمور ببرها وإعطاء حقها، كما أنه مأمور بالصلاة والزكاة.

... يتبـــــــ؏.....

سلسلة مختصر قصة البداية والنهاية ابن كثير