الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-21-21, 07:40 AM   #217
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (05:07 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 204 »
السيرة النبوية العطرة (( الخروج إلى الحديبية ))
______
بعد هزيمة قريش و القبائل المتحالفة معها في غزوة الأحزاب ، وبعد نجاح مهمة العدد الكبير من السرايا في السنة السادسة للهجرة ، أصبح المسلمون هم القوة الإقليمية الأولى في الجزيرة ، ومع نهاية السنة السادسة للهجرة ، رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - {{ رؤيا في منامه }} ، رأى المسلمين يدخلون المسجد الحرام وقد حلقوا شعورهم ، [[ أي أنهم يدخلون مكة معتمرين ]] ورؤيا الأنبياء وحي من الله تعالى .

وعلى الفور دعا - صلى الله عليه وسلم – المسلمين للخروج لأداء {{ العمرة }} ، كانت الفكرة مفاجئة للجميع؛ فالحرب بين المسلمين وقريش قائمة ، بل في أوجها ، ومجرد الاقتراب من مكة فيه خطورة شديدة ، ومع ذلك كانت قوانين الجزيرة العربية وأعراف قريش نفسها تقضي بأن لا تتعرض قريش لمن يدخل بيت الله في مكة المكرمة، بل عليها أيضا حمايته ، وإطعامه وسقايته ، وفي ديننا الحنيف لا يجوز لأحد أن يصدّ الناس عن البيت الحرام ، فهو مكان مقدّس لجميع المسلمين ، قال تعالى :

{{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم }} .

ومع ذلك لم يكن الأمر بهذه السهولة عند الصحابة ، لأنه ليس هناك ما يضمن أن قريشا ستحترم هذه الأعراف ، وقد انتهكت قريش أعرافها قبل ذلك كثيرا ، ولو كان الأمر هكذا سهلا لذهب بعض المسلمين لأداء العمرة بصورة فردية مرارا و تكرارا . ولذلك لم يستجب للنبي - صلى الله عليه وسلم - سوى المؤمنين بحق، بينما رفض المنافقون الخروج إلى هذه الرحلة المهلكة من وجهة نظرهم ، فكان عدد الذين خرجوا حوالي {{ ١500 }} من الصحابة .

خرج - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، وكان مع المسلمين عدد كبير من الإبل {{ الهدي}} ليذبحوها في مكة ، فأشعروها [[ جعلوا عليها علامة من دمها ]] وقلّدوها [[ وضعوا في عنقها قطعة جلد أو غير ذلك ]] ليعرف الجميع أنها متجهة لبيت الله الحرام ، ولا نيّة للحرب . وكانت تعليمات النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه هو الخروج بسلاح المسافر فقط [[ سيف أو خنجر بدون دروع و تروس وأقواس و سهام ]] حتى يؤكد لكل من رآهم أنه لم يخرج للحرب ، وإنما خرج لأداء العمرة .

وصل المسلمون إلى {{ ذي الحليفة – آبار علي الآن }} وهو المكان الذي يحرم منه القادمون من المدينة إلى مكة، وأحرم المسلمون من هذا المكان، و بدؤوا في التلبية : لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك .. ، ووصلت الأخبار إلى قريش بقدومهم ، فأجمعت قريش رأيها على منعهم من دخول مكة ، وجمعوا لهم جيشا عند {{ كراع الغميم }} على بعد 63 كم من مكة ، فاستشار النبي - صلى الله عليه وسلم - صحابته ، فأشار إليه أبو بكر و الصحابة إلى مواصلة المسير، فنحن جئنا معتمرين ولم نجئ لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه.

فسلكوا طريقا آخر هو [[ عقبة وثنية ]] وهو طريق وعر، وساروا طوال الليل حتى يتجنبوا مواجهة قريش ، فلما وصلوا إلى منطقة تسمى {{ عسفان }} على بعد حوالي ٤0 كم من مكة ، أرسلت إليهم قريش قوة بقيادة خالد بن الوليد ، الذي شاهد المسلمين وهم يؤدون صلاة الظهر مطمئنين ، فعزم على مهاجمتهم إن هم صلوا مرة أخرى ، لأن الفرصة مناسبة جدا ، [[ وهذا يدل على خوف جيش مكة الشديد من مواجهة المسلمين، حتى وهم بسلاح المسافر ، وقريش بكامل عتادها تريد الغدر ]] ،

فنزل جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - {{ بتشريع صلاة الخوف }} ، فلما حضرت صلاة العصر وقف يصلي بالمسلمين صلاة الخوف لأول مرة ؛ فصلى خلفه نصف الصحابة ، والنصف الثاني وقف لحراسة المسلمين ، وفي التشهد تمّ تبادل الأدوار، فلما رأى خالد بن الوليد ذلك وهو يراقبهم من بعيد؛ ذُهل !! وقال متعجباً : إن القوم ممنوعون !!! وكان هذا الموقف له أثر كبير في إسلامه بعد صلح الحديبية بأشهر قليلة . وعاد خالد و أخبر قريشا أن المسلمين لم يأتوا للقتال .

واصل المسلمون سيرهم حتى وصلوا إلى واد اسمه {{ الحديبية : فيه بئر ماء ضعيفة ينحني ( يحدودب ) ظهر الشخص وهو يملأ قربته لقلة مائها }} ، و أصبح المسلمون بينهم وبين مكة قرابة 3 كم ، أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكمل طريقه ويدخل مكة ، فبركت ناقته القصواء في الحديبية ولم ترض المسير، فقال لأصحابه :

(( ما خلأت القصواء [[ لم تمتنع عن المشي ]]، وما ذاك لها بخلُق ، ولكن حبسها حابس الفيل ، والذي نفسي بيده لا يسألوني [[ أي قريش ]] خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها )) . وهذه إشارة من الله إلى عدم دخول مكة ؛ ليحفظ الله نبيه و المسلمين من غدر قريش ، وقبول أي خطة لتعظيم حرمات الله وعدم القتال في البيت الحرام .
فعسكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في ذلك الوادي ،


ثم قال الناس : يا رسول الله ، لو نزلت بنا على غير ماء ، فإن بئر الحديبية لا يستقي منها الراكب أو الراكبان ، ونحن كثير !!
ويروي ذلك جابر بن عبد الله ويقول :

(( عَطِشَ النَّاسُ يَومَ الحُدَيْبِيَةِ والنبيُّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - بيْنَ يَدَيْهِ رِكْوَةٌ [ إناء من جلد ] فَتَوَضَّأَ، فَجَهِشَ [ أسرع ] النَّاسُ نَحْوَهُ، فَقالَ : ما لَكُمْ؟ قالوا: ليسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ ولَا نَشْرَبُ إلَّا ما بيْنَ يَدَيْكَ، فَوَضَعَ يَدَهُ في الرِّكْوَةِ، فَجَعَلَ المَاءُ يَثُورُ بيْنَ أصَابِعِهِ، كَأَمْثَالِ العُيُونِ، فَشَرِبْنَا وتَوَضَّأْنَا . قُلتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قالَ: لو كُنَّا مِئَةَ ألْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِئَةً )) .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم