الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-21-21, 07:42 AM   #218
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (02:48 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 205 »
السيرة النبوية العطرة (( مفاوضات الحُدَيبية ))
______
بركت ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم – " القصواء " في الحديبية ، وأقام المسلمون معسكرهم استعدادا لدخول مكة و أداء العمرة ، وفي ذلك الوقت كانت قريش في قمة ارتباكها ، لأنها لا تعرف ما الذي تصنعه ؟؟ لاهي قادرة على قتال المسلمين !! ولا هي راضية أن يدخل المسلمون إلى مكة !!! فماذا فعلت ؟ و ماذا فعل المسلمون أيضا ؟

أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد الصحابة وهو {{ خِراش بن أمية }} - رضي الله عنه - إلى قريش ليخبر قريشا أنّ المسلمين جاؤوا معتمرين فقط ، ولكن ما إن دخل مكة حتى اعترضته قريش ، وعقروا ناقته وكادوا يفتكون به لولا أن منعهم سيد الأحابيش [[ للتنبيه الأحابيش لا تعني أهل الحبشة كما يظن البعض ، بل هم خليط من الأعراب المحيطين بمكة ( تحبّشوا / تجمّعوا) مع بعضهم ]] ، فرجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره بما حدث .
أمّا قريش فكانت لا تريد أن تظهر في مفاوضاتها مع المسلمين بمظهر الخائف و الساعي إلى الصلح [ مع أنهم خائفون ويريدون الصلح ] ،

فلم ترسل أحدا من سادتها و قادتها كأبي سفيان مثلا أو خالد بن الوليد أو غيرهم ، فبدأت أوّل مرة بإرسال سيّد خزاعة {{ بديل بن ورقاء }} ومعه نفر من قومه ، وخزاعة كان فيها المسلم والكافر، وكانت قلوبهم تميل إلى المسلمين ، فلما وصل بديل ومن معه رأوا المسلمين شعثاً غبراً محرمين وليسوا معتدين ، وقد رفعوا أصواتهم بالتلبية ، فحاول المناورة ؛ حيث أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – أنّ قريشا أعدّت له أعداد مياه الحديبية ، ومعهم العُوذ المطَافِيل، [[ أي الإبل التي تحلب والتي لا تحلب ]] و أن قريشا مستعدة للحرب و لن تسمح لك بدخول مكة .
فقال له الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - :

إنا لم نجئ لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين ، وإن قريشاً قد أنهكتها الحرب ، [[ يعني ما تقوله غير صحيح ]] فإن شاؤوا ماددتهم [[ يكون بينهم هدنة فترة من الزمن ]] ، وإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس [[ الدخول في الإسلام ]] ، وإن هم أبوا إلا القتال فوالذي نفسي بيده لأقاتلنّهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي [[ أي تقطع رقبتي ]] أو لينفذنّ الله أمره . [[ ردود بمنتهى الرزانة والثقة بالنفس ]] . رجع بديل بن ورقاء إلى قريش وحدثهم بما رآه وبما قال له النبي - صلى الله عليه وسلم- فقالت له قريش :اجلس ، لم تكفنا شيئاً . [[ يعني ما استفدنا منك اشي ]] .

واختارت قريش أن ترسل رجلا آخر وهو {{ الحليس بن علقمة }} سيد الأحابيش مع عدد من أصحابه ، فلمّا رأى المسلمين يلبّون و قد أحضروا معهم الهدي وقلّدوها و أشعروها، قال : ما ينبغي لهؤلاء أن يُصَدوا عن البيت، ولم يكلّم رسولنا في شيء، بل عاد إلى قريش وقال لهم : ويحكم يا قريش !!! تصدون عن البيت من يعظم شعائر الله ؟؟؟ ما على هذا تحالفت معكم !! فلما رأى رجال قريش غضبه ، استرضوه وأجلسوه وقالوا : لا عليك يا حليس ، سنأخذ منه ونعطي .

ثم سألت قريش بعد ذلك سيد الطائف {{ عروة بن مسعود الثقفي }} ، قالت له : تذهب إلى محمد يا عروة ؟؟ فقال لهم : لقد رأيت وسمعت ما كان بينكم ، وبين من أرسلتم قبلي ، وأنا رجل لا أرضى الاتهام [[ يعني انتوا ناس لا تحسنوا الظن بأحد ، كل ما ترسلوا واحد يزكي قدوم محمد ، ويعيب عليكم ، فتكذبوه ]] ، وأنتم يا سادة قريش الوالد وأنا الولد [[ لأن أمه من قريش ، يعني انتو أخوالي ، ولن أغُشّكم و أكذب عليكم ]] ، فإن أتيت محمدا وقلت رأيي فيه ، فأنا لا أرضى أن تخالفوني الرأي ، فوافقوا وأرسلوه .

وصل عروة بن مسعود إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وقال له : لماذا قدمت يا محمد ؟؟ قال :
ألا ترى يا عروة ؟! نحن محرمون ومقلدوا الهدي ومشعرون ، ورافعوا الصوت بالتلبية ، شعثاً غبراً ، نريد أن نطوف بهذا البيت كسائر العرب . قال عروة: يا محمد ، لقد تركت رجال قريش وقد جمعوا لك، وهم يقسمون بالله لا يخلون بينك وبين البيت ، وهم لا يرضون أن تدخلها هذا العام ، فإذا أبيت قاتلوك ، وإنما أنت من قتالهم بين أحد أمرين : أن تجتاح قومك، ولم نسمع برجلٍ اجتاح أصله قبلك[[ يعني تقاتل أهلك في بلدك ، وهذا الشيء منكر]] أو بين أن يخذلك من نرى معك، فإني لا أرى معك إلا أوباشاً من الناس [[ يعني هؤلاء الذين تحتمي بهم ؛ إن قاتلَتك قريش سيهربون ويتركونك لأنهم عبارة عن سَفَلَة الناس ولا أعرف أنسابهم ]] .

فغضب أبو بكر الصديق - رضي الله عنه وأرضاه – و الصحابة ، و ردّوا عليه بكلام يؤدّبونه ؛ لأنّ نسبهم من صميم قريش ، فصدم عروة من رد أبي بكر و الصحابة عليه، ووصلت له الرسالة واضحة تماما : إن الصحابة مستعدون بالتضحية بحياتهم في سبيل الرسول - صلى الله عليه وسلم - .

وعندما عرف عروة بن مسعود أن الذي تصدّر الرد هو أبو بكر ، قال : أما والله لولا يدٌ لك عندي لم أجزِك بها بعد لأجبتك !! وكان عروة عليه دم في الجاهلية فأعانه أبو بكر بنصف الدية، فكانت هذه يد أبي بكر عند عروة بن مسعود .

عاد عروة إلى قريش ، فسألوه : ها ! ما وراءك ؟
فقال لهم : والله لقد وفدت على الملوك ، وفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله ما رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمداً !! والله ما أمر أمراً إلا ابتدروا إلى أمره ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده !! ولا يحدون البصر في وجهه تعظيماً له !! وإذا توضأ ثاروا يقتتلون على وضوئه !! وإني ناصح لكم ، فوالله إنكم إن أردتم السيف بذلوه لكم . فخذوا رأيكم ، واتركوا محمداً وشأنه ، فإن أصابته العرب فذلك ما ترجون وإلا فعزه عزكم . . .

إذن ، ضعفت شوكة قريش وقالوا : أردنا أمراً ، فقلبه محمد علينا رأساً على عقب !! وأصبحت قريش الآن أمام العرب في موقف {{ المتّهم }} ، فقد شهدت قبائل العرب بأنّ محمدا وصحبه جاؤوا معظمين لبيت الله ، ولا يريدون حرباً ، فأخذت قريش تفكر في قبول الصلح مع المسلمين .

يتبع . . .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم