الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-22-21, 07:45 AM   #219
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (08:38 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 206 »
السيرة النبوية العطرة (( بيعة الرضوان ))
______
أخذت قريش تفكر في قبول الصلح مع المسلمين ، ولكن كانت هناك معارضة من شباب قريش المتحمس لقتال المسلمين ، فقد نشؤوا على كراهية الإسلام ، وقتل المسلمون كثيرا من ذويهم في المواجهات مع قريش ، وحاول هؤلاء الشباب منع أي طريق للصلح ، فقامت مجموعة منهم - تُقدّر بثمانين شابا - بالتسلل إلى معكسر المسلمين ليقتلوا بعضا منهم فيوقعوا الفتنة بين الفريقين ، وتكون شرارة الحرب . فلما اقترب هؤلاء الشباب من معسكر المسلمين ، أحاط بهم الصحابة ، وتم القبض عليهم وقيدوهم ، ولم يُقتل أي شخص من الطرفين .

وجاؤوا بهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ لكنّ النبي أطلق سراحهم دون حتى أن يطلب فيهم فداء، حتى يفسد عليهم مخططهم في إفساد جهود المصالحة وبذلك أكّد - صلى الله عليه وسلم – لقريش أنه قد جاء للعمرة وليس للقتال، وأن طلبه للهدنة جاء من مركز قوة وليس ضعفا . قال تعالى في سورة الفتح :

{{ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا }} .

واستمر وجود المسلمين في الحديبية أكثر من ثلاثة أسابيع ، ففكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرسل أحد الصحابة للكلام مع قريش مباشرة ، [[ لأن المفاوضين من قبل والوسطاء ربما لم ينقلوا الصورة كما أرادها – صلى الله عليه وسلم - ]] ، فاختار أن يرسل إليهم

{{ عثمان بن عفان }} - رضي الله عنه – فهو من بطون بني أميّة أصحاب الزعامة الآن في قريش ، ولن يجرؤ أحد على إيذائه ، وهو معروف بالحلم والحكمة و الكرم ، وشخصية محبوبة جدا في مكة ، وكانت مهمته أن ينقل رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم – لقريش ، فالمسلمون جاؤوا لأداء العمرة و ليس للقتال ، فإن أرادت قريش الدخول في الإسلام فأهلا ومرحبا بها ، و إن أرادت أن تكون هناك هدنة بينها وبين المسلمين ، ولا تمنع أحدا من دخول الإسلام فبها و نعمّت ، و إذا أرادت قريش القتال فنحن جاهزون .

وكان في مكة مسلمون مستضعفون يكتمون إسلامهم خوفا من بطش قريش ، وهم متشوقون لرؤيته – صلى الله عليه وسلم - وهو يطوف بالكعبة ، فإذا وصلت يا عثمان إلى مكة فبشر هؤلاء أن رسول الله يخبركم أنّ الله سيعز الإسلام والمسلمين . [[ ونحن أيضا يا رسول الله متشوقون لرؤيتك و للنظر إلى وجهك ومتشوقون لشربة ماء من يديك الشريفتين ، نتشوق للجنة و لنعيمها ويكفيني فيها نعمة واحدة ، أنك أنت فيها ، صلوات ربي وسلامه عليك ]] .

فلما انطلق عثمان قال الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم - : لقد فاز بها عثمان ، فالآن يطوف بالبيت !!، فقال لهم : ذلك ظنِّي به ألا يطوف بالكعبة حتى نطوف ولو مكث سنة ما طاف بها حتى أطوف [[ النبي يربّي رجالا ويعرفهم ]] .

وصل عثمان ودخل مكة ، ونزل في جوار صديقه {{ أبان بن سعيد بن العاص الأموي}} ، مع أن العرف هو عدم قتل الرسل ، ولكن هذا يدل على شدة العداوة التي كانت بين قريش والمسلمين . ثمّ استقبلته قريش ، ورحبت به ، وقالوا له : يا عثمان إن شئت فطف بالبيت . فماذا قال عثمان ؟؟ لا والله ، لا أطوف ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه محاصرون ، وقد مُنعوا الطواف بها . هل رأيتم كيف يربي النبي الرجال ؟

ظل عثمان في مكة ثلاثة أيام كاملة ، هنا قامت قريش بنشر إشاعة في معسكر المسلمين وهي {{ إشاعة مقتل عثمان }} ليعرفوا ردّة فعل المسلمين ، فعرف النبي بفراسته أنها إشاعة !! فهو ينظر بنور الله ، وحتى يُظهر لقريش قوّة صفوف المسلمين ، ومدى محبتهم لله ولرسوله ، قام - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه وطلب منهم مبايعته على القتال وعدم الفرار ،

فاجتمعوا عند شجرة في أرض الحديبية ، [[ وقد عُرفت هذه البيعة ببيعة الشجرة ، واسم الشجرة شجرة السمرة ، وعرفت أيضا ببيعة الموت ، و بيعة الرضوان ]] ، لأن الله تعالى قال في كتابه الكريم :

{{ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا }} .

بايع الصحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما انتهوا، وضع – عليه الصلاة و السلام - يده فوق الأخرى وقال : هذه يد عثمان [[ وهذا دليل أنه كان يعلم أنها إشاعة ؛ فكيف يبايع عثمان على الموت و هو مقتول ؟! ]] .

وصلت أخبار{{ بيعة الرضوان }} إلى قريش ، فأصابها الخوف والهلع، فقالوا لعثمان - رضي الله عنه - : انطلق وقل لمحمدا أن قريشا وافقت على الصلح .
بقي أن نذكر أنّه وفي خلافة " الفاروق " عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بلغه أن الحاج والمعتمر ، يعرجون على {{ الحديبية }} فيجلسون تحت تلك الشجرة يتبركون بها !!

فقال عمر : الله ، الله !!! أخشى أن تُعبد بعدي من دون الله !! فأمر أن تُقطع وذهب إليها بنفسه وقطعها ، وما عاد رجل يعرف أين مكانها إلى الآن .

يتبع . . .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم