الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-22-21, 07:47 AM   #220
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (03:43 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 207 »
السيرة النبوية العطرة (( بنود صلح الحديبية ))
______
علمت قريش ببيعة الرضوان ، وأدركت تماما أن المسلمين سيقاتلون بكل بسالة إن وقعت الحرب ، فاختارت طريق الصلح ، حيث أرسلت {{ سهيل بن عمرو }} وهو شخصية هادئة طيبة ، ولم ترسل أي واحد من زعاماتها حتى لا تصل إلى طريق مسدود - فهي لا تريد القتال -

فلما قدم سهيل مع رجال من قريش رآهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من بعيد فقال لأصحابه : قد سهل الله لكم أمركم ، ما أرسلت قريش هذا إلا لأنهم يريدون الصلح .
قدم سهيل وقال : يا محمد ، إن قريشا قد أرسلتني إليك أمثلهم فأعطيك وآخذ منك . {{ البند الأول }} :

أن يرجع المسلمون ولا يدخلون مكة لأداء العمرة هذا العام ، ولا تدخل عليهم عنوة أبدا ، ترجع الى بلدك [[ أي المدينة ]] . فصاح الصحابة: مكة بلدنا وبلد رسول الله !! فأشار إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن اسكتوا ، فسكتوا . فأكمل سهيل : على أن يأتوا العام القادم لأداء العمرة ، فيدخلون مكة بسيوفهم فقط ، والسيوف في أغمادها ، ويبقون في مكة ثلاثة أيام فقط ، و تخرج قريش ، وتترك لهم مكة هذه الأيام الثلاثة . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : رضينا . [[ طبعا أرادت قريش من هذا البند حفظ ماء وجهها أمام قبائل العرب ، فدخول المسلمين مكة معناه كسر هيبة قريش و كبريائها : يعني عشان ما يطلعوا صغار قدّام العرب ]] .

{{ البند الثاني }} : وضع الحرب بين المسلمين وبين قريش عشر سنين ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : رضينا . [[ وهذا البند في صالح المسلمين ، لأنه سيتيح للمسلمين التفرغ لبناء دولتهم ، والتفرغ للدعوة ولأن الدعوة في حالة الأمان أفضل من الدعوة في حالة الحرب ، وأيضا لإعطاء فرصة للمسملين لمحاربة عدوهم الثاني في الجزيرة العربية وهم اليهود ، أما قريش فستستفيد اقتصاديا ، و ستكون تجارتها في أمان نوعا ما ]] .

{{ البند الثالث }} : للعرب حرية الاختيار ؛ من أحب أن يدخل في دين محمد وعهده دخل فيه ، ومن أحب أن يدخل في حلف قريش وعهدهم دخل فيه
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : رضينا . [[ وهذا البند في صالح المسلمين ، فقد كانت قريش تمنع القبائل من دخول الإسلام ، وتهدّدها بقطع التجارة معها ، و الآن ستصبح هذه القبائل في حلف المسلمين مثل قبيلة خزاعة كما سنرى ]] .

{{ البند الرابع }} : من جاءك يا محمد من قريش مسلماً بدون إذن وليه ترده إلينا ، ومن جاءنا من أصحابك مرتداً ، بإذن وبغير أذن لا نرده إليك .
[[ أي أن يعيد المسلمون من أسلم من أهل مكة بعد الصلح لقريش، ولا تعيد قريش من ارتد من المسلمين إلى المدينة ]]!! فصاح الصحابة : لا نعطي الدنية في ديننا والله ، ونحن على الحق وأنتم على الباطل ، فأشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم بيده وقال : رضينا .

الجزء الثاني من هذا البند هو في صالح الدولة الإسلامية ، لأن المسلمين لا يريدون في الصف الإسلامي إلا المؤمنين فقط ، ووجود غير المؤمنين في المدينة يضعف المسلمين ويمكن أن يكون عيناً لقريش .

أما الجزء الأول من البند وهو ( أن يعيد المسلمون من أسلم من أهل مكة بعد الصلح لقريش ) فقد أثار ذلك اعتراض كل الصحابة تقريبا ، ووجدوا فيه ظلما للمسلمين ، وتحدث {{ عمر بن الخطاب }} إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -وقال: يا رسول الله لم نعطِ الدنية في ديننا ؟؟

[[ لأن الطبيعي أن تكون المعاملة بالمثل ، فلا يعيد المسلمون كذلك من أسلم من أهل مكة إلى قريش ]] ، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يعطي قريشا في هذه المعاهدة شيئاً مقابل أشياء كثيرة أخذها منهم ،وطالما هناك تفاوض ومعاهدة فلابد أن تأخذ شيئا وتعطي شيئًا، وإلا فما معنى التفاوض ؟؟ .

وحقيقةً فإنّ قريشا لم تستفد من هذا البند شيئا ، فبعد الصلح ، ومع أول حالة ، كان هناك {{ امرأة }} أسلمت وتركت مكة وهاجرت إلى المدينة، فنزلت آية ألغت هذا البند بالنسبة للنساء ،

قال تعالى في سورة الممتحنة : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ۚ ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }} .

فهذا البند كان بالنسبة للرجال ، و لم تستفد منه قريش ، وسنرى بعد فترة كيف انقلب هذا البند على قريش ، و كان وبالاً عليها .
إذن كانت المعاهدة في {{ صالح المسلمين }}

ولم يصل المسلمون إلى ذلك إلا بعد {{ ٦سنوات كاملة }} هي عمر الدولة الإسلامية إلى الآن وقت هذا الصلح ، قدم فيها المسلمون كثيرا من التضحيات والدماء والشهداء .وبعد أن تم الاتفاق بين الطرفين بدأت كتابة بنود هذا الاتفاق في صحيفة يوقع عليها الطرفان ،

[[ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمّي لا يعرف القراءة والكتابة كما كان أغلب العرب، وهذا لتمام معجزة القرآن العظيم ]] فقال: ادنُ يا علي واكتب ، فكان الذي يكتب المعاهدة هو {{ علي بن أبي طالب }} والرسول – عليه الصلاة و السلام - هو الذي يملي عليه الكلمات، وهذه إشارة قوية إلى أن اليد العليا في المعاهدة كانت للمسلمين، لأنهم هم الذين يملون المعاهدة ويكتبونها .

فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي : اكتب يا علي {{ بسم الله الرحمن الرحيم }} ، فنهض سهيل وقال : ومن الرحمن الرحيم هذا ؟؟ فوالله ما ندري ما هو !! اكتب ما نعرفه نحن {{ باسمك اللهم }} ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم -:_ اكتب يا علي : هذا ما تصالح عليه {{ محمد رسول الله }} ، فاستوقف سهيل مرة أخرى ،وقال: يا محمد ، لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ، ولكن اكتب : هذا ما تصالح عليه محمد بن عبد الله مع سهيل بن عمرو ،[[ يعني كيف نكتب في صحيفة أنك رسول الله ونوقع عليها، ونحن لا نعترف بنبوتك ونقاتلك ونصدك عن البيت ؟؟ ]]

فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إني رسول الله وإن كذبتموني ، امُحها يا علي واكتب : هذا ما تصالح عليه محمد بن عبد الله مع سهيل بن عمرو ، [[ وكان علي قد أتم كتابة محمد رسول الله ]] ، فقال علي : لا والله لا أمحها ، ثمّ أشار له علي على مكان الكلمة ، فمحاها النبي - صلى الله عليه وسلم – بنفسه ، وهذا يدل على مرونته في التعامل – عليه الصلاة و السلام - .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم