الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-21, 08:42 AM   #221
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (08:38 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 208 »
السيرة النبوية العطرة (( ردود فعل الصحابة - رضوان الله عليهم - على صلح الحديبية ))
______
بعد أن تم الاتفاق على بنود الصلح ، وقبل أن يتم توقيع المعاهدة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين سهيل بن عمرو ؛ حدث أمر لم يكن متوقعاً ، زاد من همّ الصحابة وكربهم [[ يعني بلغتنا ، زاد الطينة بلة ، فالصحابة لم يكونوا راضين تماما عن الصلح ، وأن يعودوا إلى المدينة بدون عمرة ]] ، فعندما أرادوا التوقيع سمعوا ضجة بين الناس ، فقام الرجال ينظرون ، ما الأمر ؟؟ إنّه رجل من قريش أقبل عليهم مسلماً ، اسمه {{ أبو جندل }} أتعرفون من هو ؟ هو ابن سهيل بن عمرو الذي يكتب المعاهدة الآن !!!!!

كان أبو جندل قد قيّده أبوه وحبسه في بيته حتى لا يهاجر إلى المسلمين في المدينة . وبخروج أبيه ( سهيل ) الآن من مكة ، كانت له فرصة أن يهرب ووصل لمعسكر المسلمين بالحديبية ، وعندما رآه أبوه سهيل بن عمرو وثب قائماً وقال : يا محمد : هذا أول من أقاضيك عليه !! يجب أن ترده الساعة معي [[ الآن يرجع معي لمكة ]] ،

والصحابة ينظرون ، و قلوبهم مضطربة من هذه المعاهدة ، فحاول - صلى الله عليه وسلم - ، أن يجد مخرجا لهذا الموقف الحرج ، فقال : يا سهيل ، إننا لم نوقع الكتاب بعد ، فاعتبره سابقاً لها . قال : لا ، والله يا محمد لا أقاضيك على شيء أبداً . [[ يعني إذا ما أخذت معي ابني أبو جندل ورجعته لمكة ما في صلح !! ]] ،

وقام يضرب ابنه ضربا شديدا ، والمسلمون يشاهدون كل ذلك ولا يستطيعون أن يفعلوا شيئا لأبي جندل ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : إنا عقدنا بيننا وبين القوم عهدا ، وإنا لا نغدر بهم ، يا أبا جندل اصبر واحتسب ، فإن الله جاعل لك ولمن معك فرجاً ومخرجاً . وتم توقيع الصلح وأخذ سهيل ابنه أبا جندل ، ونسخة من كتاب الصلح ، وساد الحزن و ظهرت الكآبة على وجوه الصحابة .

يقول عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - : فأتيتُ النَّبيَّ - صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم - فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ألسْتَ نبيَّ اللهِ؟ قال: بلَى، قلتُ: ألَسْنا على الحقِّ وعَدُوُّنا على الباطِلِ؟ قال: بلى، قال: فلِم نُعطِ الدَّنيَّةَ في دِينِنا إذًا؟ قال: إنِّي رسولُ اللهِ ولستُ أَعصِيه وهو ناصِري .

قلتُ: أوَلستَ كنتَ تحدِّثُنا أنَّا سنَأتي البيتَ فنَطوفُ حقًّا؟ قال: بلَى، أنا أخبرتُك أنَّك تأتيه العامَ؟ قلتُ: لا، قال: فإنَّك آتيه وتَطوفُ به .
ثمّ رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما على وجه أصحابه من كدر وقهر ، وكآبة ، وثقل هذه المعاهدة على نفوسهم فقال : قوموا فانحَروا ثمَّ احلِقوا، قال الراوي: فواللهِ ما قام مِنهم رجلٌ حتَّى قالها ثلاثَ مرات !!

[[ طبعا لا يعني ذلك أنهم عصوا الرسول ، لا أبدا ، إنما هم مذهولون من بنود صلح الحديبية و مما حدث مع أبي جندل ، يعني مكسور خاطرهم و حزنانين ]] ،

فلمَّا لَم يقُمْ منهم أحَدٌ قام – صلى الله عليه وسلم - فدخَل على أمِّ سلَمَةَ، فذكَر لها ما لَقي مِن النَّاسِ، فقالت أمُّ سلَمَةَ: يا نبيَّ اللهِ، اخرُجْ ثمَّ لا تُكلِّمْ أحَدًا كلمَةً حتَّى تَنحَرَ بُدْنَك وتَدعُوَ بحالِقِك فيَحلِقَك، [[ هذه مكانة المرأة في الإسلام ، النبي يستشيرها ، و يأخذ برأيها ، ولسانها ينطق بالحكمة : يعني الصلح كان فوق طاقتهم يا رسول الله ، وهم تحت أمرك ، لكنهم مذهولون من الصلح وعدم دخول مكة للعمرة ]] ،

فقام فخرَج، فلم يُكلِّمْ أحَدًا منهم حتَّى فعَل ذلك ؛ نحَربُدْنَه ودَعا حالِقَه فحَلَقَه، فلمَّا رأَوا ذلك قاموا فنَحَروا، وجعَل بعضُهم يَحلِقُ بَعضًا .
ومن هنا جاء {{ حكم المحصر : وهو الذي يذهب لأداء العمرة أو الحج ، ثم لا يستطيع أن يدخل مكة لسبب }} ،

وينبغي عليه في تلك الحالة أن ينحر الهدي ويتحلل من إحرامه في المكان الذي أحصر فيه ، وقد وقع أجره على الله .
بعد ذلك رجع المسلمون إلى المدينة ، وفي الطريق ثقلت مشية [[ القصواء]] ناقة الرسول – صلى الله عليه وسلم – فعرف الصحابة أنه يوحى الآن إلى رسولنا الكريم ، يقول " الفاروق " عمر بن الخطاب - رضي الله عنه وأرضاه – : في تلك اللحظة أحسست أن قلبي يخرج من حلقي ، وقلت : ويل أمك يا عمر !! لقد أنزل الله بك قرآنا يتلى إلى قيام الساعة !! من أنت يا عمر حتى تعاتب النبي وتقول له : أوَلستَ كنتَ تحدِّثُنا أنَّا سنَأتي البيتَ فنَطوفُ حقًّا ؟؟ [[ يعني أنا متأكد أننا سنطوف بالبيت ، ولكن لماذا لم يحدث ذلك ؟؟ ]] !!

يقول عمر : فوالله ما حملتني رجلاي وقلت : ليت أمك لم تلدك يا عمر !! [[ انظروا قوة الإيمان ، انظروا الخشية من الله ، أين نحن منك يا خليفة رسول الله ؟! ماذا نقول نحن عن معاصينا ؟! ]]

قال ، ثمّ مشيت الهوينى حتى أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فرأيت وجهه مشرقاً ليس به علامات الغضب ، فنظر إلي وابتسم ، وقال لي : أقبِل يا عمر .

قال : فأقبلت . و أقبل الصحابة ، فقرأ علينا سورة الفتح :
(( إنا فتحنا لك فتحًا مبينا . . . )) ،


إلى أن وصل لقوله تعالى : {{ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا }} .

رؤيا النبي حق ، سيدخلون البيت الحرام آمنين من مكر قريش ، وبشر الله نبيه والمؤمنين بفتحين وليس بفتح واحد ؛ فقد كان الصحابة خائفين على المدينة في غيابهم من {{ يهود خيبر }} ، الذين كانوا يجهّزون لغزو المدينة فعلا ، وسيرجع المسلمون إلى المدينة الآن ويفتحون خيبر، فكان هذا هو الفتح القريب ، ويأتي بعده الفتح الثاني وهو فتح مكة .

قرأ رسولنا – صلى الله عليه وسلم - الآيات على صحابته، فحمدوا الله وأثنوا عليه ، و استبشرت قلوبهم بالنصر .


اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم