الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-21, 08:45 AM   #222
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (07:42 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 209 »
السيرة النبوية العطرة (( قصة الصحابيّين : أبي بَصير وأبي جَندل - رضي الله عنهما - وهجرتهما إلى المدينة المنورة )) .
______
كان من بنود صلح الحديبة أن يرد المسلمون من جاء من قريش مسلماً ، ولم تمض إلا بضعة أيام حتى جاء رجل من مكة إلى المدينة اسمه {{ أبو بصير }} وهو من ثقيف ، ولكنه كان يعيش في مكة وقد أسلم ، وتعرض للتعذيب الشديد من أهل مكة، ثم استطاع الهرب منهم واتجه إلى المدينة ، فلما وصل للمدينة المنورة قال : جئت إليكم محبة في الله ورسوله ،

[[ اللهم ارزقنا محبتك ومحبة رسولك ]] ، هذه المحبة الصادقة التي تجعل صاحبها يتحمل من الأعباء ما لا يتوقعه أحد . فاستقبله النبي – صلى الله عليه وسلم – و أصحابه خير استقبال .

وبعد يومين فقط أرسلت قريش في طلبه رجلين {{خنيس بن جابر العامري }} ودليله على الطريق {{ كوثر }} ، فقال له الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم : يا أبا بصير ، إنا قد أعطينا القوم عهدا ، وإن ديننا يدعونا إلى الوفاء بالعهد ، فارجع مع صاحبيك إلى قريش ، وسيجعل الله لك فرجاً ومخرجاً ، ومرة أخرى كان هذا الموقف الصعب جدا على رسولنا وصحابته الكرام .

وفي طريق العودة ، وقريبا من {{ ذي الحليفة }} ميقات أهل المدينة الذي نحرم منه حجاجاً ومعتمرين ، المعروفة الآن ب (( آبارعلي )) ،

جلسوا ليستريحوا و يتناولوا الطعام ، وقام الدليل كوثر ليقضي حاجته ، فأخرج خنيس سيفه ، ثم أخذ يُقلبه ، و يهزه بغرور وكبرياء ، في وجه أبو بصير،وهو يقول له مفتخرا : أبا بصير !!! لأضربنّ بسيفي هذا يوماً الأوس والخزرج [[ أي أصحاب محمد ]] ،

فغافله أبو بصير وأخذ السيف منه وقتله . وعاد الرجل الآخر – كوثر - فوجد صاحبه مقتولا ، فأصابه الذعر ، وأخذ يجري حتى وصل لرسول الله – صلى الله عليه وسلم - وهو يصيح ويقول : مستجيرٌ بك يا محمد !! قال له النبي : ويلك!! ما الأمر ؟!!! قال : قد قتل صاحبكم صاحبي ، فأعطاه النبي الأمان .

ولمّا وصل أبو بصير قال: يا نبي الله ! هذا سلب المقتول [[ وضع سيف المقتول والترس والمتاع ]] ، أما أنت يا نبي الله فقد أوفى الله ذمتك ، و قد رددتني إلى قريش ثم أنجاني الله منهم ، واعتصمت بديني ورجولتي ولا حرج عليك . فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال :

" ويل أمه مسعر حرب ، لو كان معه أحد " [[ ويل أمه كلمة مدح عند العرب ، يعني ويل أمه على هالخلفة !! مخلفه رجل بكل بمعنى الكلمة ، مسعر حرب ، بيقدر يشعل حرب ويوقع في قريش الرعب !!]] .سمع أبو بصير العبارة وهو فعلا اسم على مسمى [[ صاحب بصيرة رضي الله عنه ]] ففهم هذه العبارة وعاهد نفسه أن يكون كذلك ، فاستأذن و خرج إلى منطقة [[ العيص ]]على بعد 220 كم من المدينة ، وهي طريق استراتيجي لقوافل قريش إلى الشام .

أما الدليل - كوثر - فأمّنه النبي - صلى الله عليه وسلم - مع رجلين إلى مكة ، وأخبر قريشا بالذي حدث ، فغضب سهيل بن عمرو وطلب ديّة الرجل المقتول، لكنّ أبا سفيان قال له : لم ينقض محمد عهده معنا ، و لا ديّة لنا عنده . [[ لا تدخلنا بمشاكل يا عمرو !! ]] .

ظل أبو بصير في منطقة [[ العيص ]] ، وكلما مرت به قافلة من قريش اعترضها وقتل منها، وأخذ من غنائمها ما استطاع ، وسمع به المسلمون المستضعفون في مكة ، وعرفوا مكانه ، فأخذوا يهربون إليه واحدا وراء الآخر وكان ممن لحق به {{ أبو جندل بن عمرو بن سهيل }} الذي ذكرنا قصته في الجزء السابق ، حتى تجمع مع أبي بصير مجموعة قوامها يفوق ال 300 رجل ، وكان أبو جندل هو أميرها ، وأخذوا يهاجمون قوافل قريش التي تمر من هذه المنطقة .
جنّ جنون قريش !! ماذا نفعل ؟؟ ليس لهم حل ؟؟

قوم بين الجبال والساحل وليس لهم مقر!! ماذا نفعل لهم ؟؟ لقد أرهقوا تجارة قريش فعلا ، وهذا كله قبل أن يمضي عام على الصلح [[ يعني حوالي شهرين فقط ]] ، ألم يقل لهم الصادق الأمين حبيب رب العالمين - صلى الله عليه وسلم – : سيجعل الله لكم فرجا و مخرجا ؟؟

اجتمعت قريش وبعثت وفدا إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – بقيادة أبي سفيان ، يطلبون منه أن يلغي البند القائل : [[ من جاءك يا محمد من قريش مسلماً بدون إذن وليه ترده إلينا ]] ، ذلك أنّ أبا جندل و أبا بصير و رجالهم قد أرهقوا قريشا . سبحان الله !!! هم وضعوا الشرط وهم الآن يطالبون بإلغائه لأنه كان وبالا عليهم وعلى تجارتهم ، فطلبوا أن يرجع أبو جندل و أبو بصير و رجالهم إلى المدينة مع محمد و أصحابه .

فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجه أصحابه وقال لهم على سمع أبي سفيان : أرأيتم حين رضيت وأبيتم ؟؟ ثمّ أمر - عليه الصلاة و السلام - أن يكتب إلى أبي بصير وأبي جندل ومن معهما أن يأتوا إلى المدينة .

فما إن وصل حامل الرسالة وإذا بأبي بصير قد حضره الموت - رضي الله عنه وأرضاه - فأخذ كتاب رسول الله وقبله وهو يردد الصلاة والسلام على رسول الله ، و ينطق بالشهادتين ، وفاضت روحه رضي الله عنه . وعاد أبو جندل ومن معه إلى المدينة استجابة لأمر نبينا الكريم بعد أن دفنوا أبا بصير – رضي الله عنه - .
أتذكرون حين قال – صلى الله عليه وسلم - لأبي جندل : {{ يا أبا جندل اصبر واحتسب ، فإن الله جاعل لك ولمن معك فرجاً ومخرجا }} ؟؟؟

هذه نبوءة النبي - صلى الله عليه وسلم – قد تحقّقت مع أبي جندل، وأنتم يا أحباب رسول الله لكم منه نبوءة ، يا من صبرتم وتحملتم ظلم الفاسدين ، يا من مُنعتم من وطنكم وتشرّدتم وصبرتم ، يا من صبرتم على طاعة الله ، يا من قاومتم المنكر ، يا من صبرتم على البلاء و المحن ، الجنة لكم بإذن الله ، يقول – صلى الله عليه وسلم - :

" إنَّ الإسلامَ بدَأ غريبًا وسيعُودُ غريبًا كما بدَأ فطُوبى للغُرَباءِ " .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم