عرض مشاركة واحدة
قديم 04-09-21, 09:16 PM   #1
قيثارة

الصورة الرمزية قيثارة

آخر زيارة »  01-23-22 (02:39 PM)
المكان »  كوردستان

 الأوسمة و جوائز

افتراضي ديوننا التي يسددها الاعتذار ..



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بعيدًا عن الضوضاء ولهاثك، ودفاترك، وذاكرتك المتخمة بالأرقام
ادن مني واسمعْ:
هل عليك ديون للناس يجب أن تسددها في هذا الشهر المبارك؟
أعِدِ النظر في الأمر وحاول أن تتذكر.. لا أقصد مالًا قد اقترضته من هذا أو ذاك.
فهذا شيء أنت في الغالب تذكره جيدًا
وإن غاب عن بالك ذكَّرتك به عينا المدين كلما التقيته وإن سكت.
وهذا شيء ربما تركت خبره عند أحد من أحبابك
حتى لو وافتك المنية اهتم بهذا الأمر وناب عنك.

لكن هناك ديونًا أخرى بينك وبين الناس لا تسجلها الدفاتر
ولا يُشتكَى بها عند القضاة من بني آدم.
بينك وبين من هم أضعف منك وأفقر منك
من تسحقهم بحذاء غلظتك وتمضي ولا تبالي وقد صمت أذناك عن أنينهم.

الزوجة التي تبيت وملح دمعها ينزل في فمها من غلظتك
ومن معايرتك لها بأنها أقل جمالًا من فلانة وعلاّنة.

الموظف الشاب محدود الخبرة الذي أسأت إليه أمام الضيوف في مكتبك
عندما قلت له: (علِّم في المتبلم يصبح ناسي).

جارتكِ التي تعاركتِ معها، وعلا صوتكما في أمرٍ تافه
وأحببت أن تجهزي عليها، فعايرتِها بعدم الإنجاب.

المرأة القنوع التي أغاظك حبها لزوجها على تواضع حاله
فاستعرضتِ أمامها ذهبك وصور الرحلات الخارجية التي تمتعت بها مع زوجك
ولم تتركيها إلَّا بعد أن جعلتِها تفقد صبرها على زوجها وتتغير معه.

استجمع كل ما فيك من شجاعة أدبية
وكل ما فيك من رحمة
وكل ما فيك قبل ذلك من خوف من الله واعتذر
ولا تخجل من الاعتذار أبدًا
بل عليك أن تخشى أن تكون غير قادر البتة على ذلك.

فبعض الناس حتى إن حُوصر وطُلب منه الاعتذار في مجلسِ صلحٍ يذهل عنه ويتلعثم
تمامًا كما يذهل ويتلعثم بعض المحتضرين عن الشهادة، كأنما في الغي شيء من الخرف.
فاحذر أن يكون ما يمنعك عن الاعتذار ويلهيك عنه ويذهب بوجهك
في كل ناحية بعيدًا عن وجه من أنت مدين له، هو الضلال والغي.

فاتق الله في الناس وفي نفسك في هذا الشهر الكريم
وفتش عن ديونك هذه الموزعة بين الناس حتى وإن صغرت
حتى وإن ظننت أن بعضها قد نسيها دائنوك
فإن هم نسوا كرمًا وصفحًا وسعة صدر، فنسيانك شحٌّ ولؤم.

وإياك والاعتذار الإجرائي البارد، فإنه كما قيل، يعتبر إهانةً ثانية.