عرض مشاركة واحدة
قديم 04-16-21, 09:59 PM   #115
أعيشك

الصورة الرمزية أعيشك
غيّمُ السّلام.

آخر زيارة »  اليوم (06:55 AM)
المكان »  عاصِمة النساء.

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



رؤيته دون الإقتراب منه،
كانت مُماثِلةً لفيض المشاعِر التي
تجتاحُك عند الإعتراف لأوّل مرّة لمن تحِب،
أو عندما تستعيد ذِكرى لم تتجدّد أو تتعوّض.
مثل الصعود والهبوط بينَ الماديّة والروحيّة.
حين تُنادي الذِكريات واللحظات العالِقة بذهنك،
والملامِح والإبتِسامات الراسِخة
بأجفانِ مُقلتيك الظمئَة لرؤيتها.
المساحَات الخضراء الواسِعة،
بتلاتُ القمحِ وأشعة الشمس الدافئة،
الجدائلُ ورائحة الفطائِر،
الكرز ولحاءُ الأشجار الصلِد،
رائحة الريحان وملمَس أوراق الياسمين.
عِشت كلّ هذا يومًا.
عندما تصرُخ روحُك مطالِبة بالعودة لزمنِ كلّ هذا.
تخاطِبك وتنعيا بعضَكُما على ما اندثَر،
فتُدرِك صعوبة العودة كما كنت،
وأنّ الخُضرَة أضحَت رمادًا،
وبتلاتُ القمحِ والريحان انتُزِعت من قلبكَ المزهرُ،
فأضحَت ملامِحك أكثرَ جمودًا،
وروحُك خُدشت أكثَر مما فعلتَ بلحاءِ
ما اتّخذتها مسودّة مع رفاق طفولتِك،
حين كنتُم تركضون وتختبئونَ خلفَ
الأشجار والحقولِ،
وتعلُو ضحكاتُكم العليلَ.
ورُغم ذلك،
ورُغم الفقدِ والصبابَة،
هُناك شيئًا آخر داخلك جعلك سعيدًا.
ربّما كونك جرّبت تلكَ المشاعر مرّة،
وأنها بالفعل قد كانت حقيقَة،
شعرت بها في تجاويف صدرك يومًا ما.
لقد كانت هُنا،
داخِلك،
وأنت كُنت سعيدًا وقتها.
ولمّا رأيتهُ لأول مرة،
علمتُ أن لا شيء سواه استطاع
أن ينتشلني من ذاك الأسى.
كنت أستمعِ لكلماتِ الكثير غيره،
دون إبداء ردة فعلٍ سوى أن أبتسم له وحدهُ.
ولكن ما إن أنهى تهويدته،
ووضعَت آخر نُقطة على الحروف فوق
السطح الخشبي القديم من القيقب الصّلب،
وجدتني أزدَردُ جوفي،
وأتساءل ما اسمه،
وهل سيعودُ للحديث مُجددًا أم لا؟.
ثم تبحّرتُ بخيالات بعيدةٍ جدًا،
لا تتحقق سوى في مدينة يُحِيطها اللون الرمادي،
وأنا وهو،
وحدَنا بأحد أزقّتها،
نُلاحق عزيفًا للرياح بعواصِف ألحانِنا.
وبينما تمضي بي السيارة عبر طريق تحُفُّه الأشجار،
بدت لي كقضبان سجنٍ لحظتها.
أردتُ الإختفاء داخلها،
والبحث عن لونٍ رمادي لا مُتناهي أغرقُ فيه بعينايَ.
لا أريدُ الموتَ بعد،
هذا كل ما همسَ به البيانو في أُذني.
الرماديُ حياةٌ.

"تعازَفت الأحرُف لمقطوعةِ البيانو".

- مستوحاة من مقطوعتين :
Cold - Jorge Mendez
.Love - Michael Ortega


 

رد مع اقتباس