الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-23-21, 09:22 AM   #253
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (08:17 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 240 »
السيرة النبوية العطرة (( حصار الطائف ))
________
كان فرار هوازن في ثلاثة اتجاهات : جزء إلى {{أوطاس}} ؛ وهو السهل الذي بجانب وادي حنين ،وجزء إلى بلدة {{ نخلة}} ، والجزء الأكبر اتجه إلى مدينة {{ الطائف}} الحصينة ومعهم قائدهم {{ مالك بن عوف}} ،


فاندفع المسلمون خلفهم يطاردونهم حتى يمنعوهم من التجمع مرة أخرى ، فاتجه بعض الصحابة خلفهم إلى أوطاس ، والبعض إلى نخلة ، بينما توجه الجيش الرئيسي بقيادة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف ، وكانت نتيجة المعركة استشهاد {{ ٥ }} فقط من المسلمين مقابل مقتل أكثر من {{ 70 }} مشركا، وكانت الغنائم كثيرة جدا، لأن مالك بن عوف كما قلنا كان قد أتى بكل أموال هوازن .


إذن اتجه النبي - صلى الله عليه وسلم - لتتبع هوازن، حتى يقابلهم في معركة فاصلة في الطائف، وهي المدينة التي ذهب إليها في السنة العاشرة من الهجرة ومعه {{ زيد بن حارثة }} ليعرض عليهم الإسلام، ولكنهم رفضوا الإسلام ، وطردوه ، و أمروا سفهاءهم أن يُمطروه بوابل من الحجارة و الشّتائم ، وفي ذلك الوقت قال الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لزيد بن حارثة : "يَا زَيْدُ، إِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لِمَا تَرَى فَرَجًا وَمَخْرَجًا، وَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرٌ دِينَهُ، وَمُظْهِرٌ نَبِيَّهُ " .


فسبحان الله !! مرت الأيام، وغيّر الله الأحوال ، وكما يقول الله : {{ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ }} ، فقد جاء نبيّنا الكريم الآن إلى الطائف عزيزًا منتصرًا مُمَكَّنًا، رافعًا رأسه، ومحاطًا بجيش مؤمن جرّار، يزلزل الأرض من حوله ، وتحقّق ما ذكره – عليه الصلاة و السلام - لزيد بن حارثة .

ولا شك أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - وهو ذاهب إلى الطائف جالت في خاطره ذكريات كثيرة ، فقد تذكّر أهل الطائف وهم يرفضون دعوته جميعًا -بلا استثناء- في تعنّت أشد من تعنّت أهل مكة. ولعله تذكر زعيم ثقيف (( عبد يا لِيل بن عمير الثقفي )) عندما وقف يسخر منه قائلا : ألم يجد الله إلا أنت يا محمد يبعثك رسولا إلى العالمين؟ وها هو الآن يفرّ فرارًا مخزيًا من أرض حُنين، وذهب يختبئ في حصون الطائف.

ولعله تذكر أيضا ((عَدَّاس النصراني )) ذلك الغلام الصغير الذي آمن عندما أحضر له العنب من بستان عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة اللذان يرقدان الآن في قَلِيب بدر يُعذَّبان مع قادة الكفر في مكة . ولعله تذكر وهو يمر على وادي نخلة (( مجموعة الجن )) التي آمنت به في رحلته إلى الطائف، وهو في طريق عودته إلى مكة المكرمة، ذكريات كثيرة بعضها سعيد وبعضها أليم، والأيام على أي حال تمرّ، وكل شيء يذهب، ولا يبقى إلا العمل .

وصل الجيش الإسلامي إلى الطائف، والكل يتوقع معركة هائلة بين هذين الجيشين الضخمين ؛ والذي لم تشهد الجزيرة العربية مثيلا لهما من قبل ،ولكن كانت المفاجأة أن تجمعت قبائل هوازن داخل الطائف المحصّنة جيّدا ، ورفضت الخروج لقتال المسلمين، واختاروا أن يمكثوا في حصونهم دون قتال ،بالرغم من أن أعدادهم أكثر من ضعف عدد المسلمين ، وبالرغم من أن نساءهم ، وأبناءهم وأموالهم في أيدي المسلمين ، ومع ذلك خافوا وجبُنوا من الخروج لحرب المسلمين وإنقاذ نسائهم و أموالهم ، وكان ذلك خزيا كبيرا لهوازن، وهزيمة أخرى لهم .

أمر النبي - صلى الله عليه وسلم – بحصار هوازن التي بدأت بإطلاق السهام بكثافة على المسلمين ، بينما سهام المسلمين لم تكن تصل إليهم ، بل أصيب عدد كبير من المسلمين ، فقرر – عليه الصلاة و السلام - تغيير مكان الجيش مستعينا بخبرات الخبير الإستراتيجي {{ الحباب بن المنذر }} - رضي الله عنه - [[ تذكرون هذا الاسم ؟ أشار بتغيير مكان الجيش في بدر فكان ذلك سببا من أسباب النصر]] .فانطلق الحباب حتى انتهى إلى موضع (( هو الآن مكان مسجد الطائف )) ، وتحول الجيش إلى هذا المكان .

واحتاج المسلمون لتدمير الأسوار إلى المنجنيق الذي عرفوه في غزوة خيبر، واستعانوا الآن ب((سلمان الفارسي)) للإشراف على صناعته ، كما صنعوا {{ دبابة خشبية }} لأول مرة ،

[[ وهي عبارة عن غرفة صغيرة مصنوعة من الخشب الصلب لها عجلات، يختبئ عدد من الجنود تحتها، ويدفعونها وهم بداخلها، حتى يلتصقوا بالسور، ثم يعملون بواسطة آلات الحفر الحديدية على هدم حجارة السور من المكان الذي أضعفته حجارة المنجنيق، وكلما هدموا جزءا وضعوا له دعائم خشبية حتى لا ينهارالسورعليهم ، حتى إذا فرغوا من عمل فجوة متسعة، دهنوا الأخشاب بشيء من الزيوت، ثم أشعلوا النيران وانسحبوا بالدبابة، فإذا احترقت الأخشاب انهار السور مرة واحدة، تاركا فتحة كبيرة صالحة للاقتحام منها ]] .


وبالفعل بدأ المسلمون في قذف أسوار الطائف بالمنجنيق ، وسار عدد من الجنود تحت الدبابة الخشبية، واستطاع المسلمون كسر جزء من السور ، وكاد المسلمون يدخلون داخل أسوار الطائف، ولكن هوازن فاجأت المسلمين بإلقاء الحسك الشائك المُحمَّى في النار عليهم :[[ وهو عبارةعن أشواك حديدية ضخمة على هيئة صليب ، يحمى عليها في النار ثم تُلقى ]] ، فأصيب المسلمون إصابات بالغة ولم يستطيعوا التقدم باتجاه الحصن .


ثم أمر الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أن ينادي أصحابه على هوزان أنّ أي عبد من العبيد يخرج إلى المسلمين فهو حر ، وكان الهدف من ذلك هو حرمان هوازن من طاقة هؤلاء العبيد ، والحصول على معلومات عسكرية من داخل الحصن ، وفعلا بدأ العبيد يفرون من الحصن وينضمون إلى المسلمين، وعلم المسلمون منهم أن داخل الطائف طعام وشراب يكفيان أهلها لمدة سنة على الأقل .


استمر حصار الطائف {{ ٤٠ يوما }} استشهد فيها عدد من الصحابة ، وجرح عدد كبير منهم ، فاستشار النبي – عليه الصلاة و السلام – أصحابه ومنهم [[ نوفل بن معاوية الذي ساعد بنو بكر على قتال خزاعة ، فكان من نتيجة ذلك فتح مكة و غزوة حنين و حصار الطائف ، فالنبي – عليه الصلاة و السلام - أرسله الله رحمة للعالمين ،وكذلك فعل مع عمرو بن العاص و خالد بن الوليد ، حيث ولّاهم مناصب استفاد منها المسلمون ، وهذه من حكمته – صلى الله عليه وسلم ]]
فقال نوفل : "يا رسول الله، هم ثعلب في جُحرٍ، إن أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرك". فكان قرار النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع الحصار عن الطائف والعودة . . .

ومرّت الأيّام وأسلمت ثقيف بعد أقل من عام واحد ، لأن كل من بقي من القبائل العربية جاء بعد ذلك إلى المدينة فبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ووجدت هوازن أنها لا طاقة لها بحرب كل من حولها من العرب، وحسن إسلامها بعد ذلك، وعلى الرغم أنها كانت آخر العرب إسلاما، فإنّ هوازن ثبتت على الإسلام بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يرتدوا كما فعلت بعض القبائل العربية .


يتبع .... توزيع غنائم حنين

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم