الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-25-21, 09:53 AM   #254
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (06:56 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 241 »
السيرة النبوية العطرة (( غنائم حُنين ))
________
بعد غزوة حنين وفرار هوازن إلى الطائف ؛ كان النبي - صلى الله عليه وسلم – قد أمر بتجميع الغنائم في وادي {{الجعرانة}} القريب من حُنين حتى يفرغ من حرب هوازن ، وبعد حصار الطائف الذي استمر {{٤٠ يوما }} ،

قرّر – عليه الصلاة و السلام - رفع الحصار عن الطائف، ثمّ توجه بعدها هو وجيش المسلمين إلى وادي الجعرانة حتى يقوم بتوزيع الغنائم .وكانت غنائم حنين ضخمة جدا ، بل كانت أكبر وأعظم غنائم في تاريخ العرب قاطبة ، لأن قبائل هوازن قبائل كثيرة جدا ، وكان زعيمهم {{ مالك بن عوف}} قد أمرهم بأن يصحبوا معهم نساءهم وأنعامهم وكل أموالهم ، وذلك لتحفيز الجيش على القتال حتى الموت ، ولكن [[ تأتي الرياح بما لا تشتهي السّفن ]] ، فقد هُزموا شرّ هزيمة و تركوا كل ما يملكون غنيمة للمسلمين .

وقد ورد أنّ غنائم حنين بلغت : ٢٤ ألفا من الأبل ، ٤٠ ألفا من الأغنام ، ١٥٠ كغم من الذهب والفضة ، ٦٠ ألفا من السبي !!! وجلس - صلى الله عليه وسلم -متأنياً في تقسم الغنائم ؛ لأنه كان يرجو أن تأتي هوازن مسلمة ؛ وقلنا سابقا إنّ هوازن هي مجموعة قبائل حول الطائف ، و فيها {{ بنو سعد }} الذي استرضع فيهم - صلى الله عليه وسلم – في بيت حليمة السّعديّة ،

و تربى بينهم أربع سنين، ففيهم عماته وخالاته من الرضاعة ، وكان يرجو أن يأتوا مسلمين فلا يقعون بالسبي ، وبنو سعد من كرام العرب فلم يحب أن تسبى نساؤهم وأولادهم ،ولكنهم تأخروا ؛ فأضطر أن يوزع الغنائم وهذا شرع الله .
والقاعدة الشرعية في توزيع الغنائم :

1- أربعة أخماس الغنائم توزع بالتساوي على الجيش والفارس يأخذ ثلاثة أضعاف الراجل ،لأن الفارس ينفق بنفسه على فرسه ،

2- الخمس يتصرف فيه رئيس الدولة كما يشاء، فقد يشتري به سلاحا، وقد يتم به افتداء الأسرى، وقد يعطي منها لمن كان مميزا في القتال، وقد ينفق على الفقراء والمساكين، وقد يدخل في أي مشروع من مشروعات الدولة .


فوزع النبي - صلى الله عليه وسلم - الأربعة أخماس على الجيش الذي عدده يقارب ال١٢ ألفا ، أما خمس الله ورسوله الذي من حق النبي، فقد قرر- صلى الله عليه وسلم - توزيعها على زعماء القبائل المختلفة ،لأن الدولة الإسلامية اتسعت الآن اتساعا كبيرا ، فأراد أن يؤلّف قلوبهم ؛ فهم حديثو العهد بالإسلام ، و الدولة تحتاجهم ، فهم أصحاب الكلمة الأولى في القبيلة ، وعندما يجدون أن وضعهم الاجتماعي والمادي قد تحسن في ظل الإسلام ؛ فلاشك أن حبهم وانتماءهم للإسلام سيقوى ويترسخ، وهؤلاء هم الذين يطلق عليهم في الإسلام {{ المؤلفة قلوبهم }} .

وجاء في كتب السّيرة أنّ توزيع الغنائم على هؤلاء المؤلفة قلوبهم و الزعماء كان توزيعًا سخيًّا ، فقد بلغ نصيب البعض مائةً من الإبل، حتى إنّ أبا سفيان قد ذُهل من هذا العطاء ، فقال : ما أعظم كرمك ! وما أحلمك ! فداك أبي وأمي ، لقد حاربتك، فنِعمَ المحارب كنت، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت [[ انظروا أثر تأليف القلوب ]] . وكذلك فعل -عليه الصلاة و السلام – مع حكيم بن حزام وهو من أشراف مكة، وعمته هي خديجة – رضي الله عنها - ، فقد سُرّ بعطاء النبي – صلى الله عليه وسلم – وقال : " والله يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أسأل أحدا بعدك شيئا " ، وفعلا مات و لم يأخذ شيئا من غنائم المسلمين بعد غزوة حُنين .

أمّا صفوان بن أمية ؛ فقد كان سيّدا في قومه، وقد اشترك في حنين وهو لا يزال مشركا ، وقلنا إنه طلب مهلة شهرين حتى يسلم ، وقد أعطاه – عليه الصلاة و السلام - مائة من الأبل كما أعطى زعماء مكة ، وزاده كثيرا من الأنعام ، فقال صفوان : إن الملوك لا تطيب نفوسها بمثل هذا، ما طابت نفس أحد قط بمثل هذا إلا نبي، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، فأسلم صفوان - رضي الله عنه - وحسُن إسلامه .

وعندما وجد الأنصار عطاء النبي - صلى الله عليه وسلم - من خمسه لسادة قريش عطاء ليس له حدود ؛ وجدوا في أنفسهم [[ أي تأثروا ]] ، فقال بعضهم لبعض: [[ لقد لقي النبي قومه : يعني رجع لأهله وفرح بهم ]]

غفر الله لرسول الله! يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم بالأمس !!! {{ وقد جال في خاطرهم أنّ الدولة الإسلامية قامت على أكتافهم ، فقد قاتلوا عادوا القبائل من أجل نشر الإسلام ، وكانوا كرماء النفس مع المهاجرين ، وبذلوا دماءهم في سبيل نصرة هذا الدّين ، وهم رجال الأزمات }} .

فلما بلغت هذه المقالة للنبي - صلى الله عليه وسلم – تأثر كثيرا ، وأرسل إلى {{ سعد بن عبادة زعيم الخزرج }} وهو الباقي من سادة الأنصار ، وقال له – عليه الصلاة و السلام - يا سعد ، ما مقالة بلغتني عن قومك ؟؟

قال له: أجل يا رسول الله ؛ إن هذا الحي من الأنصار قد تأثروا في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت ؛ فقد قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظيمة في قبائل العرب، ولم يكن لهذا الحي من الأنصار شيئا !!! فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: فأين أنت من ذلك يا سعد ؟ [[ يعني شو موقفك أنت ؟؟ ]] فقال سعد: - ما أنا إلا رجل من قومي !! فقال له – عليه الصلاة و السلام - :

إذن فاجمع لي قومك لا يخالطكم غيركم ، فخرج سعد فجمع الأنصار{{ الأوس والخزرج }} في شعب لم يدخل فيه إلا أنصاري ، وأتاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده لا يصحبه إلا أبو بكر الصّدّيق ، فحياهم بتحية الإسلام ، ثم حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
(( يا معشرَ الأنصارِ،ألَم آتِكُم ضُلَّالًا فهداكُم اللهُ ؟ وعالةً فأغناكُم اللهُ ؟ وأعداءً فألَّفَ اللهُ بينَ قلوبِكُم ؟ قالوا : بلَى ! قالَ رسولُ اللهِ : ألا تجيبونَ يا معشرَ الأنصارِ ؟ قالوا : وما نقولُ يا رسولَ اللهِ ؟ وبماذا نُجيبُكَ ؟ المَنُّ للهِ ورسولِهِ . قالَ : واللهِ لَو شِئتُم لقُلتُم فصدَقتُم وصُدِّقتُم : جئتَنا طريدًا فآوَيناكَ ، وعائلًا فآسَيناكَ ، وخائفًا فأمَّنَّاكَ ، ومَخذولًا فنصَرناكَ . . . فقالوا :

المَّنُ للهِ ورسولِهِ . فقال : أوَجَدتُم في نُفوسِكُم يا مَعشرَ الأنصارِ في لُعاعَةٍ مِن الدُّنيا تألَّفتُ بِها قَومًا أسلَموا ؟ ووَكَلتُكُم إلى ما قسمَ اللهُ لكُم مِن الإسلامِ ؟ ! [[ أي: هلْ حَزِنتُم في قُلوبِكم يا مَعشَرَ الأنصارِ بسَبَبِ شَيءٍ حَقيرٍ مِن أُمورِ الدُّنيا كان الهدف منها تأليف قلوب من دخل في الإسلام حديثا ؟؟ ]] أفَلا تَرضَونَ يا مَعشرَ الأنصارِ أن يذهبَ النَّاسُ إلى رِحالِهِم بالشَّاءِ والبَعيرِ وتذهَبونَ برسولِ اللهِ إلى رِحالِكُم ؟!

فَوَالَّذي نَفسي بيدِهِ ، لَو أنَّ النَّاسَ سَلَكوا شِعبًا وسَلَكتِ الأنصارُ شِعبًا ، لسَلَكتُ شِعبَ الأنصارِ ، ولَولا الهجرةُ لكُنتُ امْرأً مِن الأنصارِ .

[[ وكان الظّنّ قد غلبهم أن النبي سيقيم في مكة ؛ فقد أصبحت دار إسلام ، وهي مسقط رأس النبي ، وهي بلد الله الحرام ، فظنوا أن النبي لن يرجع إلى المدينة معهم ، فتفاجؤوا بهذا الخبر المفرح ]] ، ثم قال : اللَّهمَّ ارحَمْ الأنصارَ ، وأبناءَ الأنصارِ ، وأبناءَ أبناءِ الأنصارِ . فبكَى القَومُ حتَّى أخضَلوا لِحاهُم . وقالوا : رَضينا باللهِ رَبًّا ، ورسولِهِ قسمًا ، ثمَّ انصرفَ ، وتفرَقوا . . . ))

فهنيئا للأنصار ، كان حظهم الأوفى من العطاء ، فقد فازوا بالحبيب الأعظم - صلى الله عليه وسلم - اللهم اجمعنا به في جنات النعيم .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم