الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-27-21, 09:24 AM   #255
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (06:40 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 242 »
السيرة النبوية العطرة (( أحداث متفرقة بعد غزوة حُنين ))
________
جاء في بعض كتب السّيرة أن من الذين وقعوا في السبي يوم حُنين : حذافة بنت الحارث وهي {{ الشيماء }} أخت النبي - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة ؛ فقد استرضع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بني سعد أربعة أعوام ، والتي أرضعته هي {{ حليمة السعدية }} ،

و أخواته من الرضاعة : عبدالله بن الحارث، وأنيسة بنت الحارث، وحذافة بنت الحارث وهي الشيماء و أبو سلمة بن عبد الأسد ، وكانت الشيماء تتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم -بالسن عشر سنوات ، وكانت تقول لمن أسرها : إني أخت صاحبكم من الرضاعة !! فلم يصدقوها وجاؤوا بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت :

يا رسول الله إني لأختك من الرضاعة ، فقال لها : إن تكوني صادقة فإن بك منّي أثرا لن يبلى .

[[ يعني علامة بجسمك أنا سببها لا تنمحي ]] ، فكشفت عن عضدها ثم قالت: نعم يا رسول الله، حملتك وأنت صغير فعضضتني هذه العضة ، فعرفها - صلى الله عليه وسلم - فوثب وقام لها قائما و رحب بها، وبسط لها رداءه ، وأجلسها عليه ، وذرفت عيناه بالدموع وأخذ يكلمها ، ثم قال لها : إن أحببتِ فأقيمي عندي محببة مكرمة، وإن أحببت فارجعي إلى قومك ، فاختارت أن تعود إلى قومها . وعُرفت الشيماء بعد ذلك بكثرة العبادة والتنسك و الدفاع عن الإسلام رضي الله عنها و أرضاها .

وحتى نكون منصفين في فترة طفولة النبي و شبابه، فلا بدّ من الإشارة إلى الصحابية الجليلة أم علي ( فاطمة بنت أسد الهاشمية )) ، زوجة أبي طالب عم النبي – صلى الله عليه وسلم - ، وقد أسلمت بعد وفاة زوجها أبي طالب، ثم هاجرت بعد ذلك إلى المدينة المنورة مع أبنائها، وقد تميزت برواية الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يزورها بين الحين والآخر ، وورد في بعض كتب السيرة أنه لمّا ماتت – رضي الله عنها - دخَل عليها رسولُ اللهِ ، فجلَس عندَ رأسِها وقال :

" رحِمكِ اللهُ يا أُمِّي ، كُنْتِ أُمِّي بعدَ أُمِّي ؛ تجوعينَ وتُشبِعيني وتعرَيْنَ وتكسُونَني ، وتمنَعينَ نفسَكِ طيِّبَ الطَّعامِ وتُطعِميني تُريدينَ بذلكَ وجهَ اللهِ والدَّارَ الآخرةَ " .

وجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الجعرانة وفد من هوزان ، فيه عدد من أشرافهم ، فأسلموا ، ثم كلموا النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغنائم، وقالوا: يا رسول الله ، إن في من أصبتم الأمهات ، والأخوات ، والعمات ، والخالات ، وحواضنك اللاتي كن يكفلنك وأنت خير مكفول ، ونرغب إلى الله وإليك يا رسول الله .

فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : قد كنت أخّرت توزيع الغنائم بضع عشرة ليلة أملاً في إسلامكم ، وقد وقعت المقاسم مواقعها [[ أي تقاسم المسلمون أموالكم ]] ، فأي الأمرين أحب إليكم أطلب لكم السبي ؟ أم الأموال ؟؟ قالوا: يا رسول الله، فالحسب أحب إلينا ، ولا نتكلم في شاة ولا بعير ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : أما الذي لبني هاشم فهو لكم ، وسوف أكلّم لكم المسلمين وأشفع لكم ، فأعطى المسلمون كل ما بأيديهم، وطلب القليل منهم الفداء .

ونأتي إلى موقف النبي - صلى الله عليه وسلم - مع (( مالك بن عوف )) قائد جيش هوزان ، فماذا كان مصير مالك بن عوف بعد هزيمة هوازن؟ فقد سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفد هوازن عن مالك بن عوف ، ما فعل ‏؟‏ فقالوا ‏:‏ هو بالطائف مع ثقيف ،[[ وهي ليست قبيلته ، فكان عندهم ذليلا منكسرا لأنه سبب فقد نسائهم و أموالهم ]] ،

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ‏:‏ أخبروا مالكا أنه إن أتاني مسلما رددت عليه أهله وماله ‏، وأعطيته مائة من الإبل ‏.‏ وعندما علم مالك بذلك خرج إليه من الطائف ، وقد كان مالك خاف على نفسه من ثقيف أن يعلموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له ما قال ، فيحبسوه ، فأمر براحلته ، فهيئت له ، وأمر بفرس له ، فأتى به إلى الطائف ،

فخرج ليلاً ، وجلس على فرسه ، فركضه حتى أتى راحلته حيث أمر بها أن تُحبس ، فركبها ، ولحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأدركه بالجعرانة ، فرد عليه أهله وماله وأعطاه مائة من الإبل ، وأسلم فحسن إسلامه ؛ فقال مالك بن عوف حين أسلم ‏:‏

ما إن رأيت ولا سمعت بمثله * في الناس كلهم بمثل محمد
أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدى * ومتى تشأ يخبرك عما في غد

[[ هل يمكن أن يتخيل ذلك أحد ؟! هل يوجد في التاريخ كله قائد منتصر يتعامل بهذا الرقي وهذه الإنسانية مع زعيم الجيش المعادي له ، والمهزوم أمامه ؟ بل على العكس ؛ لقد وجدنا في التاريخ القديم والحديث القادة المنتصرين يتلذذون بمحاكمة وعقاب وإذلال زعماء أعدائهم ]] .

ثمّ أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يوظف إمكانات مالك بن عوف القيادية لمصلحة الدولة الإسلامية ،فاستعمله على من أسلم من قومه ، فكان يقاتل بهم ثقيفا ، لا يخرج لهم سرح إلا أغار عليه ، حتى ضيق عليهم ؛ فقال الشاعر أبو محجن الثقفي ‏:‏

هابت الأعداء جانبنا *** ثم تغزونا بنو سلمة
وأتانا مالك بهم *** ناقضا للعهد والحرمة

وقبل عودة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة من الجعرانة ، توجه – عليه الصلاة و السلام - لأداء العمرة، وكانت هذه هي العمرة الثالثة التي يؤدّيها بعد عمرة صلح الحديبية ، وعمرة القضاء ، أما العمرة الرابعة والأخيرة فقد قرنها - صلى الله عليه وسلم مع حجته - وكانت في السنة العاشرة من الهجرة .
ولم يحج النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا العام ، وإنما حج بالمسلمين أمير مكة {{ عَتّاب بن أسيد }} الذي عيّنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد فتح مكة أميرا عليها ، وترك معه معاذ بن جبل ، يفقّه الناس في الدين .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم