عرض مشاركة واحدة
قديم 06-06-21, 06:46 AM   #465
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (08:31 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



تفسير

قال تعالى:
﴿وَلَولا أَن ثَبَّتناكَ لَقَد كِدتَ تَركَنُ إِلَيهِم شَيئًا قَليلًا﴾
﴿إِذًا لَأَذَقناكَ ضِعفَ الحَياةِ وَضِعفَ المَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَينا نَصيرًا﴾
﴿وَإِن كادوا لَيَستَفِزّونَكَ مِنَ الأَرضِ لِيُخرِجوكَ مِنها وَإِذًا لا يَلبَثونَ خِلافَكَ إِلّا قَليلًا﴾
﴿سُنَّةَ مَن قَد أَرسَلنا قَبلَكَ مِن رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحويلًا﴾
[الإسراء ’: 74 ، 75 ، 76 ، 77]



﴿وَ﴾ مع هذا فـ ﴿لَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ﴾ على الحق، وامتننا عليك بعدم الإجابة لداعيهم، ﴿لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾ من كثرة المعالجة، ومحبتك لهدايتهم.


﴿إذًا﴾ لو ركنت إليهم بما يهوون ﴿لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات﴾ أي لأصبناك بعذاب مضاعف، في الحياة الدنيا والآخرة، وذلك لكمال نعمة الله عليك، وكمال معرفتك.
﴿ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾ ينقذك مما يحل بك من العذاب، ولكن الله تعالى عصمك من أسباب الشر، ومن البشر فثبتك وهداك الصراط المستقيم، ولم تركن إليهم بوجه من الوجوه، فله عليك أتم نعمة وأبلغ منحة.


{وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا} أي: من بغضهم لمقامك بين أظهرهم، قد كادوا أن يخرجوك من الأرض، ويجلوك منها.
ولو فعلوا ذلك، لم يلبثوا بعدك فيها إلا قليلا، حتى تحل بهم العقوبة، كما هي سنة الله التي لا تحول ولا تبدل في جميع الأمم، كل أمة كذبت رسولها وأخرجته، عاجلها الله بالعقوبة.
ولما مكر به الذين كفروا وأخرجوه، لم يلبثوا إلا قليلا، حتى أوقع الله بهم بـ " بدر " وقتل صناديدهم، وفض بيضتهم، فله الحمد.
وفي هذه الآيات، دليل على شدة افتقار العبد إلى تثبيت الله إياه، وأنه ينبغي له أن لا يزال متملقًا لربه، أن يثبته على الإيمان، ساعيا في كل سبب موصل إلى ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أكمل الخلق، قال الله له: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} فكيف بغيره؟" وفيها تذكير الله لرسوله منته عليه، وعصمته من الشر، فدل ذلك على أن الله يحب من عباده أن يتفطنوا لإنعامه عليهم -عند وجود أسباب الشر - بالعصمة منه، والثبات على الإيمان.
وفيها: أنه بحسب علو مرتبة العبد، وتواتر النعم عليه من الله يعظم إثمه، ويتضاعف جرمه، إذا فعل ما يلام عليه، لأن الله ذكر رسوله لو فعل - وحاشاه من ذلك - بقوله: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا}
وفيها: أن الله إذا أراد إهلاك أمة، تضاعف جرمها، وعظم وكبر، فيحق عليها القول من الله فيوقع بها العقاب، كما هي سنته في الأمم إذا أخرجوا رسولهم

تفسير السعدي


ذلك الحكم بعدم بقائهم بعدك إلا زمنًا يسيرًا سُنَّة الله المطردة في الرسل من قبلك، وهي أن أي رسول أخرجه قومه من بينهم أنزل الله بهم العذاب، ولن تجد - أيها الرسول - لسُنَّتنا تغييرًا، بل ستجدها ثابتة مطردة.

المختصر في التفسير