الموضوع: هذا الحبيب
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-18-21, 06:36 AM   #286
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (04:52 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 273»
السيرة النبوية العطرة (( حجة الوداع / ج11 - تحلله - صلى الله عليه وسلم - من الإحرام - ))
__________
وبعد أن نحر- صلى الله عليه وسلم - دعا الحلاق ، وجلس بين يديه وكان اسمه {{ معمر بن عبدالله }} - رضي الله عنه – ويروي لنا معمر في بعض كتب السيرة قائلا : (( لمَّا نحرَ رَسولُ الله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - هَديَه بمنًى أمرني أن أحلِقَه، قال: فأخذتُ الموسى فقمتُ على رأسه، قال: فنظر رسول الله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - في وجهي، فقال لي : يا مَعمَرُ، أمكَنَك رسولُ الله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - من شَحمةِ أذُنِه، وفي يدك الموسى، فقلت:

واللهِ يا رسولَ اللهِ، إن ذلك لَمِن نِعَمِه عليَّ ومِنَّتِه، قال: أجل ، إذَن أقِرَّ لك، قال: ثم حلقت شعر رأسه - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - )) . إنها ثقة وأمانة ، " معمر " مسلم جديد ، أسلم يوم فتح مكة ، وهومن الذين قال لهم النبي: " اذهبوا فأنتم الطلقاء "، فمن يدري أيغدر بالنبي أم لا يغدر ؟! ولكنها فراسة النبي ، ولم يأمر أحداً من المهاجرين والأنصار أن يحلق له شعر رأسه مع أن فيهم من يحلق

ويروي أنس بن مالك – كما ورد في صحيح مسلم – : (( لَمَّا رَمَى رَسولُ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ - الجَمْرَةَ ، وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ ، نَاوَلَ الحَالِقَ شِقَّهُ الأيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الأنْصَارِيَّ فأعْطَاهُ إيَّاهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الأيْسَرَ، فَقالَ: احْلِقْ فَحَلَقَهُ، فأعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ، فَقالَ: اقْسِمْهُ بيْنَ النَّاسِ )) .

فقد طلب النبي - صلى الله عليه وسلم – من أبي طلحة (( أن يقسم شَعره بين الصحابة )) ، إذن التبرك بآثار النبي- عليه الصلاة و السّلام - سُنّة لا غبار عليها ، وقد رأينا كيف كان الصحابة يتبركون بماء وضوئه – صلى الله عليه وسلم - وهذه واردة عند البخاري ومسلم وغيرهم من علماء الحديث ، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس اجمعين )) .

وحب النبي – عليه الصلاة و السلام – ليس فيه مغالاة ، فنحن نرى في زماننا هذا كيف تكالبت الأمم على معاداته و الإساءة إليه ؛ فنحن بحاجة إلى أن نحث الناس على زيادة محبتهم لله ورسوله ، لذلك عكفنا على كتابة دروس السيرة [[ هذا الحبيب - السيرة النبوية العطرة - ]] و أمضينا في ذلك قرابة العام حتى تعرف أجيالنا والأجيال القادمة أكثر و أكثر عن هذا النبي العظيم – صلوات الله وسلامه عليه – و تقتدي بأخلاقه في كل أفعالهم ، فإذا لم يعرف الناس سيرة رسولهم؛ فكيف لهم أن يعيشوا بسعادة؟؟ وكيف لهم أن يواجهوا أعداء الإسلام ؟! وكيف لهم أن يزدادوا حبا له و يجعلونه أحب من أهلهم و أموالهم و الناس أجمعين ؟!


إذن فالتبرك بآثار النبي - صلى الله عليه وسلم - كشعره وعرقه وسؤره جائز باتفاق أهل العلم ؛ لما ثبت من الأحاديث الصحيحة في ذلك ، وهذه الفضيلة خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وليست لأحد غيره ، فلا يقاس غيره عليه . وقد جعل الله تعالى في آثاره - صلى الله عليه وسلم - البركة ، وما يرجى به الخير والنفع في الدنيا والآخرة ، وأجاز النبي - صلى الله عليه وسلم - التماس البركة في آثاره ، وليس ذلك من الشرك - والعياذ بالله - لأنه من الأخذ بالأسباب الشرعية ، ولأن الذي أجازه هو الذي حارب الشرك ومنع كل الطرق المؤدية إليه ، بخلاف التبرك بآثار غيره ، فإنه بدعة مخالفة لهدي أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ذريعة إلى التعلق الشركي بغير الله تعالى .


وبعد أن حلق - صلى الله عليه وسلم - وتحلل من إحرامه ، وقف الناس يسألونه ، ويستفسرون منه عن أشياء قاموا بها في الحج و أشياء لم يقوموا بها وذلك ليتفقّهوا في دينهم ، ويعرفوا أحكام حجّهم أكثر و أكثر، ثمّ انطلق – صلى الله عليه وسلم - إلى بيت الله الحرام، فطاف فيه طواف الإفاضة راكباً بعيره، وبعدها اتجه إلى مِنى، فصلى فيها الظهر والعصر، وبات هناك ليلة الحادي عشر، وانتظر حتى إذا غابت الشمس بدأ بالجمرة الصغرى فرمى بسبع حصيات ، ثم اتجه إلى جهة الوادي ودعا ، ثم رمى الجمرة الوسطى بسبع حصيات واتجه مرةً أخرى جهة الوادي ودعا ، ثمّ رمى الجمرة الكبرى من بطن الوادي فأتم بذلك الرمي بالجمرات، وبات ليلة الثاني عشر في منى أيضا، ولم يتعجل، وبعدها أمر الناس بطواف الوداع.

ثم عاد إلى المدينة المنورة ، وانتهت بذلك حجة الوداع .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم